حمزة مصطفى
يجري الآن تداول أسماء لمنصب رئيس الوزراء أو مجلس الوزراء مثلما نص الدستور على ذلك. لماذا؟ لأنّ رئيس مجلس الوزراء لا رئيس الوزراء عادل عبد المهدي استقال. "ليش" استقال؟ لأنّ الحراك الجماهيري الذي انطلق في الأول من تشرين الأول الماضي ضاغط الى حد بات من الصعب مقاومته. فالكتل السياسية التي تربّعت على مدى الـ 16 عاما الماضية على كل العروش ونبتت للغالبية منها كروش فيما تستمر على درب الإرهاب حينا والفساد حينا آخر والانتفاضة الجماهيرية الآن النعوش لاتريد أن "تنطيها" لا بالقوة ولا بـ "العيني
والأغاتي".
في إطار صراعها مع الشارع المنتفض الثائر ضدها تصورت أن التضحية برئيس الوزراء يمكن أن يهدئ غضب هذا الشارع ومن ثم تبدأ عملية "لفلفة" الأمور مثلما تريد، وكأنّك ياأبو زيد ماغزيت ونصبت خيامك في ساحة التحرير وجبل أحد وساحات الخلاني والسنك في بغداد والحبوبي في الناصرية وساحات أخرى لاتحضرني أسماؤها في كربلاء والنجف وبابل وواسط والمثنى وميسان والبصرة.
الآن وبعد أن وقع فأس الاستقالة في الرأس لم تتزحزح ساحة التحرير قيد أنملة بشأن المرشح لمنصب رئيس الوزراء. الحرج بلغ أوجه لدى الكتل السياسية المحكومة بمهلة دستورية ضاغطة، بينما الشارع الذي بات يمتلك الشرعية الثورية ليس محكوما بمهلة ولم يعد يهتم إذا طالت المدة أم قصرت، أمطرت الدنيا أم أمحلت. لذلك بدأت القوى السياسية تحث الخطى بشأن اختيار البديل. وهنا تسكب العبرات. عبرات من يمتلك الشرعية الدستورية ومن يمتلك الشرعية الثورية. الدستوريون لـ "العظم" يبحثون يوميا الأسماء المتداولة التي يرون أنّها يمكن أن تكون موضع قبول ولو نسبيا من قبل الثوريين.
الثوريون الذين وظفوا الشعار اللبناني "كلن يعني كلن" على الطريقة العراقية يرفضون جميع الأسماء المرشحة "شلع قلع" برغم أنّهم لم يطرحوا البديل. أصحاب الشرعية الدستورية سيختارون واحدا منهم لا من الساحة. لكن أي واحد، وهنا تسكب العبرات ثانية وثالثة. لأن المطلوب أولا المواصفات قبل الشخصيات. ولكون المدة باتت محدودة جدا فإن ليس أمام الكتل السياسية وعلى طريقة "الدكمة والقاط" سوف تعتبر مواصفات فلان الفلاني مطابقة لشخصه وينتهي الأمر.
لنقل إنّهم مضطرون الى هذا الخيار. لكن أية مهمة تنتظر هذا الذي يقبل أن يصبح رئيسا لوزراء بلد مثل العراق لمدة 6 أشهر أو سنة على الأكثر تتحدد مهمته كالآتي. أولا إعادة هيبة الدولة بكل تفاصيلها. ثانيا مواجهة استحقاق المرحلة الماضية بكل مافيها من فشل وفساد و"داوركيسة" والحالية بكل ما نتج عنها من عنف أوقع مئات الشهداء وعشرات الآف الجرحى في تظاهرات "سلمية" مثلما هو وصفها الجاري، والمرحلة المقبلة وهي الأخطر والتي تقتصر على تهيئة الأرضية الملائمة لإجراء انتخابات مبكرة.
هذه مهمة تكاد تكون مستحيلة من يقبل بها لن يكون أقل من "انتحاري" بعشرين حزام ناسف. حزام ينطح حزام الى أن .. الله يفرجها.