فهل هم بحاجة الى أرض جديدة يقيموا عليها؟
هل هم بحاجة حقا الى وطن بديل عن العراق؟
الصرخة واضحة ومفهومة أنّهم يريدون حقهم في الحياة والكرامة والمساواة والحقوق في وطن تمّ تجريده من كل هذه الحقوق. وطن يتساوى به العراقي دون اعتبار لقوميته أو دينه أو مذهبه أو انتمائه الحزبي أو العقائدي، فنحن نعيش في بلد لا يتساوى فيه العراقي بسبب ديانته أو قوميته أو مذهبه.
وطن يوفر لقمة العيش الكريمة لملايين الفقراء والمحرومين، ووطن يوفر سقفا تعيش تحته الأسرة مثل كل البشر، ووطن يؤمن المستقبل لأطفالنا وأجيالنا المقبلة، ووطن يوفر رحلة مدرسيّة وكتابا ومدرسة تليق بالعراق، وطن يكون المسؤول فيه مواطنا يتحمّل وزر تحمله المسؤولية التنفيذية أو التشريعية، وطن يحترم كل الحقوق والحريات التي نص عليها الدستور ولوائح حقوق الإنسان، وطن يحترم أدميّة الإنسان لا قتله وخطفه واحتجازه وترويعه، وطن يحكمه القانون.
وطن يحترم العلم والعلماء وأساتذة الجامعات ويوقر الأطباء ويواكب تطور الأمم ويتسابق مع الزمن لخدمة الإنسان، وطن لا يقف القاضي بباب المسؤول ولا يجتمع بداره ولا يدخل ضمن الصفقات السياسية وترتيب الأزمات ترفعا وخشية، وطن يكون فيه المسؤول هو من يطرق باب القضاء لتتم محاسبته عن كل ماجنته يداه، وطن يكون فيه السلاح حصرا بيد القوات المسلحة وكل تشكيل أو تكوين خارج إطارها مهما كان اسمه او شكله انتهاكا للحقوق وتعديا على الحريات والسلم المجتمعي وتخريبا للحياة العراقية، وطن يمنع كل مجموعات الاغتيالات والخطف والابتزاز والترويع والسطوة من أن يكون لها مكان في المجتمع، وطن يجد فيه أطفالنا رعاية وتعليما وتنمية لمقدراتهم وقدراتهم ومواهبهم وإبداعهم، وطن يرعى الشيوخ والعجائز وينظر نظرة تليق بالمتقاعد الذي أفنى عمره بخدمة الدولة بما يكفل له الحياة الكريمة، وطن ينهي كل معاناة الناس بإنهاء العنف بكل أشكاله وصوره داخل البيت أو المدرسة أو المجتمع، وطن يوظف موارده في سبيل خدمة الإنسان يعرف فيه العراقي وارداته من مبالغ الإنفاق، وان تكون الحكومة مهما كانت عناوين موظفيها ومسؤوليها خادمة للشعب وأن تبذل كل جهدها من اجل أن توفر مستلزمات الخدمات التي توفرها باقي الأمم والدول لشعوبها، وطن يكون فيه الموظف نزيها وعفيفا ومحترما وخادما للناس، وطن يعلن فيه الفاشل في أي موقع انه يتنحى عن مركز القرار وتتم محاسبته ومحاكمته، وطن تكون فيه القوات المسلحة والأجهزة الأمنية فيه بصف شعبها وأهلها لا بصف الحكومة وتتصدى لكل من يريد أن يتعدى على الشعب أو حرياته أو حقوقه بوعي وثقة ،
وطن اسمه العراق ....
فهل فكرتم قليلا إلى أين انتم ذاهبون؟ وماذا ستكون الصورة بعد موجة الغزوات المسلحة والجرائم المروّعة التي يروح ضحيتها شباب عزل من خيرة العراقيين؟ وبعد كل تلك الاغتيالات بالأسلحة الكاتمة للأصوات العراقية التي تطالب بالحقوق، هل سيتم إسكات صوت الحق؟ هل راجعتم أنفسكم قليلا في لحظة وأنتم تغفون في بيوتكم الدافئة والأمان الذي يحيط بكم في أسباب أن يلتحف الشعب في بغداد وكل المحافظات الخيم القماشيّة وبرد الشتاء ونقص الخدمات والدواء ويتمسّك بالمطالب السلميّة رداً على الرصاص والموت؟ هل تدركون أن أعداد الضحايا وهي تتزايد أنّكم تستبيحون دم العراق؟ شباب يموت تحت رصاص حي وقنابل دخانية وكواتم صوتية وأسر مفجوعة بابنائها ويتامى وأرامل وقبور تتمدد الى أين؟؟، استعيدوا عقولكم ولو لحظة وفكروا في مطلب العراقيين وهم يصرخون نحن نريد الوطن، أعيدوا لنا العراق المنهوب والمسلوب والمفتت والمشتت، وبالسلميّة التي يتمسّك بها الشباب ستنتصر المحبة على الرصاص والسلام على الكاتم والتضحية على الهمجية والوعي الذي انتشر اليوم على قيم التخلّف والتراجع.
لهذا سيبقى نشيد العراق أعيدوا لنا الوطن وسيعود شئتم أم أبيتم، وسيتعافى العراق بعد كل هذا المطر والزمهرير مع كل هذه
التضحيات.