امكانات التدوير وشروطها

اقتصادية 2019/12/17
...

ثامر الهيمص
 

ما الذي يدفعنا للتفكير جدياً بتدوير النفايات؟
 رغم اننا نعتمد على الطاقة في اغلب مصادرها من النفط والغاز الى الطاقة الشمسية وصولاً لطاقة الرياح والطاقة الهيدروليكية، جميع هذه المصادر لا توفر ما توفره الطاقة الناتجة من تدوير النفايات رغم ان بقية انواع المصادر اقل كلفة.
عندما يتم تدوير 30 ألف طن من النفايات يعني توفر ما يقارب 100 فرصة عمل، بينما لا تحقق عمليات التخلص التقليدية من النفايات اكثر من 14 فرصة عمل، كما ان اعادة تدوير طن من الحديد بحسب المؤشرات، يوفر ما مقداره طن ونصف من المواد اللازمة لصناعة الحديد، طبقاً للدراسة التي نشرتها مجلة (bizx) في عددها الصادر في نوفمبر/ تشرين الثاني عام 2000.(مجلة العمران العربي ص 61 في عددها الصادر ايار 2018).
اما الهم الاكبر لدينا وهو الكهرباء، فان التجربة اليابانية جديرة بالتقليد، اذ تم انشاء اول محطة لانتاج الكهرباء منذ عام 1986 في موقع المكب داخل ميناء طوكيو، وكانت تلك المحطة تعمل بقدرة 960 كيلو واط /ساعة، ومنذ عام 1997 وهي تعمل بقدرة اجمالية مقدارها 34.8 جيجا واط بالساعة، وتتصدر اليابان حالياً ضمن قائمة اهم دول العالم في نسبة النفايات التي تحولها الى طاقة من مجموع النفايات الصادرة من 
مدنها.
في ضوء ما تقدم ونحن نسمع ان بعض الدول المتقدمة اخذت تستورد النفايات من الدول العاجزة عن تدويرها، او حتى العاجزة عن تصديرها، فتراكمت بحيث باتت عبئاً بيئياً وصحياً وباتت ايضاً عبئاً ادارياً ومالياً، وقد تحولت الى ازمة سياسية وعجزت سلطاتها بسبب الترهل البيروقراطي عن تدوير حتى نفاياتها، لتصبح شاهداً مجسداً يتراكم ويتفاقم ضررها مع الايام، وكانت المعالجة الهشة غير الخلاقة والمبدعة، سبباً لتفجر ازمات مصاحبة على جميع 
الصعد.
وبما ان النفايات مجرد مخرجات تتفاقم مع تآزر سوء الاداء الحكومي غير الستراتيجي مع المستوى المتدني من تفاقم الامية الثقافية الناجمة عن الهجرة من الريف، اذ ثقافة الريف التقليدية تتقاطع مع موجبات التعاطي مع القمامة.
رغم ان الريف سابقاً يتعاطى تقليدياً مع مخلفات الحيوان ومخلفات الزراعة واستخدامها كاسمدة، اما مخلفات الحصاد كعلف حيواني، بمعنى ان هناك تعاطياً بدائياً فرضته العملية الزراعية الفردية التي تدهورت كمنظومة، الا ان هذه الثقافة انتقلت الى المدن ولم يعد وجودها مستفزاً، وهكذا شكلت النفايات وطرق التعاطي معها ازمة تتفاقم بمرور الايام، آملين ان نجد طريقنا بمعالجة ابداعية لنحول هذه العملية الى نصر على كل ادارات التلكؤ والتراجع .