حق التظاهر منصوصٌ عليه في مواثيق حقوق الإنسان الدولية كحق أساسي، وهو جزءٌ من حق «التعبيرعن الرأي»، وأيضاً جزءٌ من حق «المشاركة السياسيَّة». وسبب اعتباره حقاً ليس إيماناً بأنَّ الإنسان يولد به، بل سببه تطورات سياسيَّة شهدتها أوروبا منذ القرن الثالث عشر- منها الميثاق الكبير في بريطانيا الذي قيّد حقوق الملك وزوّد حقوق
المواطن.
ومع الثورة الفرنسية تكرر الأمر بصورة أوضح، عند ولادة ميثاق حقوق الإنسان والمواطن سنة 1789، والذي أعطى حقوقاً أوسع للمواطن منها
«حقوق التعبير».
كما تكرر في ثورات أخرى (منها إعلان الولايات المتحدة الأميركية)، ما أعطى حق التظاهر صبغة عالمية، واليوم حق التظاهر العراقي منصوصٌ عليه في الدستور الدائم للبلاد المشرعن في سنة 2005 والتظاهرات السلمية في الدول الديمقراطية شرطها ألا تؤثر في الاستقرار والأمن العام، وتكون بشكل حضاري، وألا تكون سبباً في إتلاف المال العام والخاص ولا تعطل الحياة الاقتصادية في البلاد وألا تعطل الطرق وحركة الجسور المؤدية الى المؤسسات الحكومية سواء الخدمية أو غيرها، وكذلك تكون وفق آليات مقننة يتم من خلالها توجيه التظاهرات لهدف أساس ومحدد وعدم السماح للتأويلات العامة أنْ تفسد الصورة الحقيقيَّة التي خرجت من أجلها التظاهرات، فمثلاً تظاهرات تشرين الشبابية في العراق كانت مطاليبها الأساسية القضاء على المحاصصة التي خلقت طبقة سياسية فاسدة عاثت بأموال الدولة فساداً، وبالنتيجة تركت أجيالاً من العاطلين، ولهذا طالبت تظاهرات تشرين الشبابية في العراق باستقالة حكومة السيد عادل عبدالمهدي ووضع قانون انتخابات جديد خلافاً للقانون المحاصصي السياسي القديم، وايضا انتخاب مفوضية عليا مستقلة للانتخابات جديدة بعيداً عن هيمنة احزاب السلطة،
ومن ثم اجراء انتخابات جديدة وتشكيل لجنة تعديل المواد الدستورية، وقد تحقق المطلب الأول في استقالة الحكومة، وبالضغط الشعبي سوف يكون هناك قانون انتخابات جديد ومفوضية للانتخابات جديدة تتناغم مع مطاليب الشباب المتظاهر، وهذا الأمر إنْ تحقق سوف تتغير كل الطبقة السياسية الحالية، والذهاب الى بناء دولة ديمقراطية مدنية حرة تتوزع من خلالها ثروات الدولة بالتساوي وحسب مبدأ الحقوق والواجبات، ومن ثم البدء بتشريع قوانين معطلة نتيجة المناكفات السياسيَّة
المحاصصيَّة.