احتفاء كردستان باللغة العربيَّة يُعزز التآخي العربي الكردي

آراء 2019/12/24
...


بالرغم من الظروف السياسية والأمنية الراهنة، الساخنة والمعقدة، بفعل الحراك الشعبي الواسع النطاق والهادف للتغيير والاصلاح، أقيم يوم الاربعاء الماضي (18-12) في الجامعة الاميركية بالسليمانية احتفال مهيب بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية.
إذ أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها (190) المنعقدة في 18 ديسمبر – كانون الاول 1974 قرارها المرقم (3190) والذي تقرر بموجبه ادخال اللغة العربية ضمن اللغات الرسمية ولغات العمل في الأمم المتحدة وذلك بناءً على طلب قدمته كلّ من المملكة المغربية والمملكة العربية السعودية خلال انعقاد تلك الدورة. لقد أحيا عدد من الجامعات والمؤسسات العلمية في بغداد وبعض المحافظات هذه الذكرى بجلسات استذكارية دون الاحتفاء بما تتطلبه هذه المناسبة من اهتمام، ورغم أهمية تلك الفعاليات، غير ان احتفاء كردستان بهذه المناسبة كان لافتاً حيث عبر عنه الاحتفال الكبير الذي أقامته الجامعة الاميركية في السليمانية وحظي بتغطية اعلامية مناسبة عرضت فيها الكلمات والندوات الحوارية الفكرية والثقافية التي قدمت باللغة العربية فضلاً عن العروض المسرحية والندوات الشعرية.
وبينما جرى تركيز فعاليات استذكار المناسبة في عدد من الجامعات والمؤسسات العلمية في بغداد وبعض المحافظات، على تمجيد المناسبة والتعبير في الوقت نفسه من (الخشية) على اللغة العربية من (غزو) اللهجات المحلية واللغات الأجنبية، ركزت فعاليات احتفال جامعة السليمانية على أهمية ودلالات هذا الاحتفاء باللغة العربية في أقليم كردستان، إذ أكد عدد من الاساتذة والمشاركين في الاحتفال وفعالياته على ان ذلك يعزز ويصون التعايش والتآخي بين الكرد والعرب عموماً وبين كرد العراق في كردستان ومواطنيهم العرب في مناطق العراق الاخرى. وقد عبر عدد من القائمين بهذا الاحتفاء والمشاركين فيه على أهمية تعلم وامتلاك هذا الجيل والأجيال المقبلة من الكرد للغة العربية ليس فقط كونها لغة الاكثرية العربية في الوطن المشترك (العراق) بل انها لغة القرآن الكريم التي تعني كذلك الاكثرية المسلمة من الكرد، كلغة ثقافة وتعامل للمكونات الدينية غير المسلمة في كردستان.
وتدرك شريحة واسعة من المثقفين وحتى السياسيين الكرد، ان الاعلان عن اقامة اقليم كردستان عام 1991 وعزل خطوط العرض كردستان عن بقية مناطق العراق خلال حكم نظام صدام الدكتاتوري قد أثر بشكل كبير بتنشئة اكثر من جيل من الكرد لم يتعلموا اللغة العربية، كأمر واقع للعزلة التي فرضت على الاقليم انذاك وكذلك لعدم أو لضعف الاختلاط والتواصل بين العرب والكرد لنحو عقدين. لذلك فإن إحياء اللغة العربية والتعامل بها كلغة ثانية بعد اللغة الكردية الآن في كردستان، هو لمصلحة الكرد والعرب في آن واحد حاضراً 
ومستقبلاً.
وثمة واقع ينطوي على دلالة مهمة وهو ان تعلم وتكلم الكرد باللغة العربية مع مواطنيهم الآخرين، وهم العرب، هو ما يسهل التفاهم والاندماج والتفاعل بين ابناء القوميتين العربية والكردية، وذلك خلافاً لصعوبة محاولات الاتراك التعلم والتكلم باللغة العربية حيث لا يشكل العرب نسبة كبيرة في تركيا، كذلك فإن ما يقال عن صعوبة محاولات الاتراك تعلم العربية والتكلم بها، يقال ايضاً عن صعوبة محاولات الايرانيين المتحدثين باللغة الفارسية تعلم اللغة العربية والتكلم بها بشكل واسع، كما هو الحال بين الكرد والعرب في العراق.
ولأن المصالح الاقتصادية والاجتماعية والأمنية تقتضي تعزيز التعايش والتآخي بين العرب والكرد وتتطلب ايضاً تعزيز وتوسيع التفاعل الثقافي والفكري بين نخب وجماهير القوميتين وأن ذلك يقوي ويرسخ أسس وقواعد التعايش والتآخي بينهما، فقد عبر عن ذلك أحد المشاركين في احتفالية جامعة السليمانية بالقول: ان الاحتفاء باليوم العالمي للغة العربية في كردستان سوف (يصون ويحمي) التعايش بين الكرد والعرب كمواطنين عراقيين .. وهذه احدى مآثر احتفالية الجامعة الاميركية في السليمانية باليوم العالمي للغة العربية..