أول نظام تشفير في العالم لا يمكن اختراقه

علوم وتكنلوجيا 2019/12/25
...

كولن دروري
ترجمة / أنيس الصفار
تفيد الانباء بأن الباحثين في اسكوتلندا قد طوروا أول نظام أمني غير قابل للاختراق. 
منذ وقت طويل كان علماء الحاسبات يعلنون خوفهم من حلول عصر "الحساب الكمّي" الذي سيمكّن القراصنة "الهاكرز" من فك شيفرات البيانات بيسرٍ وسهولة. بيد أنَّ فريقاً عالمياً يضم بين صفوفه علماءً من جامعة "سان أندروز" يدعي أنه قد توصل الى ما يصفونه بـ "السريّة التامة" وذلك باختراع رقاقة قادرة على توليد شيفرة تستخدم لمرة واحدة فقط ثم تتغير مع كل عملية إرسال للبيانات.
 
غير قابلة للفك
يقول البروفسور "أندريا دي فالكو" من مدرسة الفيزياء والفلك في الجامعة: "لكأنك تتبادل الكلام مع شخص آخر في قدحين ورقيين يصل بينهما خيط مشدود. فحين يخربش كل منكما بأظافره، كلٌ على قدحه، سوف يخطي صوت الخربشة على صوت كلامكما للمستمع الخارجي، وهذه الخربشة ستأتي مختلفة في كل مرة، الأمر الذي يجعلها غير قابلة للفك أبداً." ينهي دي فالكو كلامه بالقول: "هذه تقنية جديدة لن يكون بالوسع اختراقها على الاطلاق."
يعمل النظام الجديد بطريقة خزن المعلومات الرقمية على شكل ضوء، ثم يمرر هذا الضوء عبر رقاقة سلكون ذات تصميم هندسي خاص تحتوي على هياكل معينة لديها القدرة على حني شعاع الضوء وكسره وبذلك تختلط المعلومات. المسألة الحاسمة هنا هي أن الانحناء والانكسار سوف يكون مختلفاً في كل مرة حسب البيانات المرسلة.
 
مكسب ثمين
يقول المختصون إنَّ هذا البحث الذي نشر في مجلة "نيتشر كوميونكيشنز"، إذا ما ثبتت صحته، سوف يكون مكسباً لا يقدر بثمن بالنسبة لمزودي خدمة الاتصالات والوكالات الحكومية والبنوك في شتى أنحاء العالم، فهؤلاء يعيشون صراعاً مريراً بمواجهة مشكلة واردة الاحتمال تتمثل في تمكن طرف ما من فك رموز المعلومات المشفرة في وقت ما من المستقبل.
يقول البروفيسور دي فالكو: "يتزايد شعور الناس بالقلق على بياناتهم التي يودعونها خصوصياتهم، ولكنَّ هذا النظام سوف يزيد أمنهم مناعة مستقبلاً."
رغم أنَّ الحواسيب الكميّة لا تزال بعيدة في أفق المستقبل تدعي شركة غوغل أن معالجات "سيكامور" التي طورتها بطرق خاصة قادرة منذ الآن على حل مسائل يستغرق إنجازها من الحواسيب الأخرى آلاف السنين. وكان خبراء الأمن قد حذروا منذ وقت بعيد من أنَّ برمجيات التشفير المستخدمة في يومنا سوف تصبح بالية وعقيمة تماماً بمجرد ظهور مثل تلك الآلات.
يقول "أندريا فراتاموتشي" كبير الباحثين في الدراسة، ويشغل منصب أستاذ مساعد في جامعة الملك عبد الله في المملكة السعودية: "حين تصل الحواسيب الكمية الأعلى قدرة سيصبح بالإمكان فك جميع رموز التشفير الحالية في زمن قصير للغاية وبذلك يرفع غطاء الخصوصيَّة عن اتصالاتنا الحالية وكذلك اتصالاتنا في الماضي، وهذا هو الأدهى والأخطر."
 
مشكلة عالميَّة
يمضي فراتاموتشي مستطرداً: "بإمكان أي قرصان مثلاً أن يخزن عنده رسالة مشفـــــــرة مرســــــــــلة اليوم ثم يبقى ينتظر الى أن تتاح له التكنولوجيا المناســـــــــــــــــبة وعندئذ يزيل التشـــــــــــــفير عن تلك الرسالة. لذلك فإنَّ بذل الموارد الضخمة المتاحة من أجل الأمن يمثل مشكلة يواجهها العالم بأسره، والبحث الحالي يحمل أملاً مستقبلياً بحلها لجميع الناس وفي كل مكان."