اجتماعات مكثفة بين المعارضة التركية وحكومة أردوغان

قضايا عربية ودولية 2019/12/29
...

اسطنبول / فراس سعدون
 
تشهد تركيا تحركات مكثفة، على مختلف المستويات، لتسريع إرسال قوات مسلحة إلى ليبيا، ودعم قوات حكومة الوفاق برئاسة سامي السراج، في وقت تخوض فيه قتالا ضد قوات اللواء خليفة حفتر.
ومن المقرر أن يعقد لقاء، اليوم الاثنين، بين قيادات في الحكومة التركية والمعارضة التركية، لمناقشة إصدار مجلس الأمة التركي الكبير (البرلمان) مذكرة مبكرة تفوض حكومة الرئيس رجب طيب اردوغان إرسال قوات إلى ليبيا، وذلك في أعقاب رفض أكبر أحزاب المعارضة ذلك.
وكان اردوغان تحدث عن تصويت البرلمان على المذكرة في الثامن أو التاسع من الشهر المقبل، قبل أن تفيد مصادر في حزبه - العدالة والتنمية الحاكم - بأن الجمعية العامة للبرلمان قد تعقد الخميس المقبل جلسة طارئة لمناقشة المذكرة.
ويقضي البرلمان التركي حاليا عطلة تستمر لغاية 7 كانون الثاني المقبل، عقب عقده جلسات مكثفة خصصت لمناقشة موازنة
 2020.
وكان البرلمان التركي، قد صدّق يوم 21 كانون الأول الحالي، مذكرة تفاهم للتعاون الأمني والعسكري بين تركيا وليبيا، إثر ابرامها، يوم 27 تشرين الثاني الماضي، إلى جانب مذكرة أخرى تخص تحديد مناطق النفوذ البحري والمناطق الاقتصادية الخالصة التركية – الليبية في البحر الأبيض المتوسط، بين حكومتي إردوغان والسراج بحضور الزعيمين في اسطنبول.
ودخلت مذكرة التعاون الأمني والعسكري حيز التنفيذ، الخميس الماضي، إثر نشرها في الجريدة الرسمية التركية. 
وتتيح المذكرة إرسال جنود إلى ليبيا، وتقديم المساعدات العسكرية المختلفة لحكومة السراج المعترف بها دوليا، إذا ما تقدمت بطلب لحكومة إردوغان، وقد تقدمت بالفعل بمثل هذا الطلب، ومع هذا فإن إرسال قوات تركية إلى الخارج لن يحدث من دون تفويض 
برلماني.
 
الحكومة تناقش المعارضة
الى ذلك نقلت وكالة الأنباء الرسمية التركية عن مصادر دبلوماسية قولها إن مولود جاووش أوغلو، وزير الخارجية التركي، سيناقش، (اليوم الاثنين)، مع كمال كلجدار أوغلو، زعيم حزب الشعب الجمهوري أكبر أحزاب المعارضة التركية، مذكرة التفويض البرلمانية الخاصة بإرسال قوات عسكرية إلى ليبيا.وذكرت المصادر أن جاووش أوغلو طلب اللقاء لإطلاع كلجدار أوغلو على معلومات تتعلق بمذكرة تفويض إرسال قوات إلى ليبيا، مؤكدة ترحيب كلجدار أوغلو بذلك، على أن يلتقيا، ظهر اليوم، في مقر حزب الشعب الجمهوري بالعاصمة أنقرة.
رفض ومعارضة
بدوره استبق كلجدار أوغلو لقاءه مع جاووش أوغلو بانتقادات لسياسة الحكومة الخارجية، وهو يصفها بأنها “تفتقر إلى العمق، والتاريخ، والخبرة”، معارضا بشدة إرسال قوات إلى ليبيا.
وقال، في تعليقات صحفية على إعلان اردوغان العمل بسرعة على تفويض إرسال قوات لليبيا، إن حزب الشعب الجمهوري لن يصوت لصالح مقترح التفويض، داعيا جميع الأحزاب إلى اتباع ذات النهج.
وذكر الزعيم المعارض “ليس من الصواب اتخاذ جانب في صراع داخل بلد آخر، عن طريق وصف الجانب الآخر (حفتر) بأنه عدو”، وتابع “لا نجد الحق في إرسال جنودنا إلى صراع يمكن أن يفقدوا فيه أرواحهم”.
وذهب رئيس أقدم الأحزاب التركية إلى أن كلا من السياسة الخارجية في سوريا وفي ليبيا ستجلب الأضرار أكثر من المكاسب إلى تركيا، داعيا الحكومة إلى أخذ دروس من سياستها الخاطئة في سوريا، وعدم تكرارها في ليبيا.
وتساءل كلجدار أوغلو “ما مكاسب تركيا نتيجة السياسة في سوريا؟ هل تركيا رابحة أم خاسرة؟ حتى الرجال العاديين في الشارع سيخبرونكم كيف كانت السياسة مع سوريا خاطئة”. ولدعم موقفه؛ لفت إلى عدم تناسق السياسة الخارجية التركية من خلال هذه المقارنة “نحن لا نعترف بالحكومة الشرعية في سوريا لأنها تحت قيادة الأسد، ونحن ندعم القيادة في ليبيا لأن الأمم المتحدة تعترف بها، في حين أن الأمم المتحدة نفسها تعترف بالأسد أيضا”.
وتبنى زعيم المعارضة التركية في مناسبات سابقة عديدة الدعوة لاستعادة التواصل المباشر والحوار بين الحكومتين التركية والسورية برئاستي اردوغان والأسد، ولكن اردوغان نفسه وكبار المسؤولين في حكومته يرفضون مثل هذه الدعوة باستمرار.
وعبر كلجدار أوغلو عن الخشية مما أوردته تقارير إخبارية عن نشر مصر المزيد من الدبابات والأسلحة الثقيلة في ليبيا لدعم قوات حفتر، ضد التوجه التركي.
وذكر بهذا الخصوص “مصر أرسلت دباباتها إلى ليبيا. ماذا سيحدث الآن؟ هل ستقاتل قواتنا مصر في ليبيا؟ لا نريد أن يستشهد جنودنا في صحراء العرب”.
 
 
تأكيد الاستعداد 
من جانبه ردّ وزير الخارجية التركي على معارضة إرسال قوات إلى ليبيا.
وقال جاووش أوغلو، في اجتماع للحزب الحاكم بولاية أنطاليا، إن مذكرة التفاهم مع ليبيا أبرمت في إطار القانون الدولي، معبرا عن استعداد تركيا لإبرام مذكرات مماثلة مع دول أخرى.
وحذر الوزير من أن “هناك من يريد أن يحوّل ليبيا إلى سوريا أخرى، ولو تحقق هذا فسيأتي الدور على الدول الأخرى في المنطقة”.
وأكدت الرئاسة التركية الاستعداد لارسال القوات لليبيا استنادا إلى احترام الاتفاق بين أنقرة وطرابلس.
وكتب فخر الدين ألتون، رئيس دائرة الاتصال في الرئاسة التركية، على حسابه الرسمي بتويتر، أن “الحكومة الليبية طلبت الدعم العسكري التركي. كما قال الرئيس اردوغان، بالطبع سنحترم اتفاقنا”. وأعقب “نحن ملتزمون تماما بحماية مصالحنا المشتركة وإرساء الاستقرار في البحر المتوسط”.
وأكد ألتون “ندعم الحكومة الشرعية المعترف بها دوليا في ليبيا”، مؤكدا بالتوازي ضرورة أن “تتوقف القوى الخارجية عن دعم الجماعات غير الشرعية ضد الحكومة 
الليبية”.
 
تأييد مسبق 
وتعهد دولت باهجه لي، رئيس حزب الحركة القومية التركي، المتحالف مع الحزب الحاكم، بأن كتلة حزبه البرلمانية ستصوت لتفويض إرسال قوات إلى ليبيا.
وتضم الكتلة البرلمانية للحركة القومية 49 عضوا من أصل 600 عضو في البرلمان التركي.
وقال باهجه لي، في بيان، إن حزب الحركة القومية يدعم دعوة البرلمان لعقد جلسة طارئة، الخميس المقبل، لمناقشة إرسال قوات إلى ليبيا.
وعدّ باهجه لي ليبيا حجر زاوية في الأمن القومي التركي، داعيا إلى وضع حد لحفتر وقواته.