إيران تودع سليماني بتشييع مليوني مهيب

قضايا عربية ودولية 2020/01/06
...

عواصم/ وكالات
 
خرجَ ملايين الإيرانيين إلى شوارع طهران، للمشاركة في مراسم تشييع قائد فيلق القدس بالحرس الثوري قاسم سليماني ورفاقه، حيث صدح المشيعون بشعارات منددة بالضربة الأميركية، بينما أكد علي أكبر ولايتي مستشار الزعيم الإيراني علي خامنئي، أمس الاثنين، أن “أميركا ستواجه فيتنام أخرى إن لم تغادر المنطقة”. وفي كلمة له خلال مراسم تشييع جثمان قائد فيلق القدس قاسم سليماني ومرافقيه في جامعة الشهيد بهشتي للعلوم الطبية، قال ولايتي: إن “الاميركيين ارتكبوا حماقة في استهداف الشهيد قاسم سليماني وعليهم مغادرة المنطقة والتجارب دللت على هزيمتهم باستمرار في مواجهة خطط ايران وجبهة المقاومة”، وذلك حسب وكالة “تسنيم” الإيرانية.
وأضاف، “رغم صراخ الرئيس الأميركي فإن إيران ستتصرف بطريقة تجعل أميركا تندم، وستواجه فيتنام أخرى إن لم تغادر قواتها المنطقة”، واصفا سليماني بمثابة محور للمقاومة.     
وغصت شوارع العاصمة الإيرانية بحشود غفيرة أثناء تشييع سليماني في مأتم رسمي وشعبي لم تشهد البلاد مثيلا له منذ تشييع زعيم الثورة الإيرانية آية الله الخميني، ووصف تشييع سليماني بأنه أحد أكبر الجنائز في التاريخ.
وشيعت الجنائز بحضور مرشد الجمهورية الإيرانية علي خامنئي والرئيس حسن روحاني ورئيس البرلمان علي لاريجاني، وصلى خامنئي صلاة الجنازة على جثمان سليماني ومرافقيه، في حين لوحت الحشود المحيطة بالجامعة والممتدة على مسافة كيلومترات بأعلام حمراء، وهتفت “الموت لأميركا” و”الموت لإسرائيل”.
 
صواريخ ايرانية
في الوقت نفسه، قال مسؤول أميركي: إن قوة الصواريخ الإيرانية في حالة تأهب قصوى في كل أنحاء البلاد.
ووفقا لوكالة “رويترز”، فقد أكد المسؤول أن الجيش الأميركي يتابع عن كثب تحركات القوة الصاروخية الإيرانية، مشيرا إلى عدم الوضوح لدى الأميركيين إن كانت حالة التأهب الإيرانية دفاعية أم استعدادا للهجوم. 
ولم يقدم المسؤول، مزيدا من التفاصيل، ولم يحدد ما إذا كانت الصواريخ الإيرانية تستهدف مواقع محددة، وسط تهديدات طهران بالانتقام من الغارة الأميركية التي أسفرت عن مقتل الجنرال الإيراني البارز قاسم سليماني.
 
ضرب حيفا 
من جانبه، قال محسن رضائي أمين مجمع تشخيص مصلحة النظام في إيران: إن “رد طهران على مقتل قائد فيلق القدس قاسم سليماني، سيشمل حيفا ومراكز عسكرية إسرائيلية”.
وأكد رضائي في كلمة بمدينة مشهد، أن “القصاص من الولايات المتحدة سيكون قاسيا جدا”، وأضاف، “لا توجد لدينا أي حدود من الآن فصاعدا في مواجهة القوات الأميركية.. أقول لترامب إننا جادون في الانتقام منكم ومن جنرالاتكم”.
وتابع: “لو قامت واشنطن بارتكاب أي خطأ، سنمحي الكيان الإسرائيلي من الوجود”، مشددا على أنه “سيتم استهداف جميع المصالح الأميركية بالمنطقة انتقاما لاغتيال سليماني”.
وأوضح رضائي القائد السابق بالحرس الثوري الإيراني، أن “فيلق القدس” سيواصل طريقه في دعم المقاومة بالمنطقة، مشددا على أن قائد “فيلق القدس” الجديد اللواء قاآني هو قاسم سليماني ثان وسيواصل طريقه بقوة.
وكانت وكالة “تسنيم” للأنباء قد نقلت عن غلام علي أبو حمزة القيادي الكبير بالحرس الثوري الإيراني قوله: إن إيران ستعاقب الأميركيين، وإن 35 هدفا أميركيا حيويا في المنطقة إضافة إلى تل أبيب، “في مرمى القوات الإيرانية، مؤكدا أن “الولايات المتحدة وإسرائيل يجب أن تكونا في حالة ذعر دائمة بعد اغتيال الشهيد قاسم سليماني”، وشدد على أن إيران تحتفظ بحقها في الانتقام من الولايات المتحدة على اغتيال قاسم سليماني. 
  
الحرس الثوري
وأكد الحرس الثوري الإيراني، أن قتل الرئيس الأميركي دونالد ترامب لن يكون كافيا للانتقام لقائد فيلق القدس قاسم سليماني.   
وقال قائد القوات الجوية في الحرس الثوري، علي حاجي زادة: إن “الثأر لدماء سليماني، هو إزالة وجود أميركا في المنطقة وبالكامل”، وأضاف، “الرد على مقتل سليماني ليس بإطلاق صواريخ أو إسقاط طائرات مسيرة، ولن نرضى حتى بمقتل ترامب مقابل سليماني، لأن مقتله لن يكون كافيا للانتقام لقاسم سليماني”.  
 
الرئيس الاميركي
في المقابل، قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب أنه ليس بحاجة إلى ضوء أخضر من الكونغرس.
وكتب ترامب في تغريدة له أن منشوراته الإعلامية “تمثل إشعارا للكونغرس الأميركي بأن إيران إذا هاجمت أي شخص أو هدف أميركي، فسترد الولايات المتحدة بسرعة وبشكل كامل”، حسب تعبيره، مشيرا الى ان “هذا الإشعار القانوني غير مطلوب لكنه صدر رغم ذلك”.
وغالبا ما يؤيد الحزبان الديمقراطي والجمهوري العمليات العسكرية الكبرى التي تشنها القوات الأميركية خارج البلاد، على غرار ما حصل في عام 2011، حين قتلت قوات أميركية خاصة زعيم تنظيم “القاعدة” أسامة بن لادن في باكستان.
لكن هذا النوع من التوافق تلاشى في السنوات الأخيرة، وقد أظهر الهجوم الذي أدى إلى مقتل سليماني، مدى الاستقطاب الحاد في الكونغرس الأميركي.
وقادت رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي رد الفعل العنيف ضد قرار ترامب السماح بتصفية سليماني، في عملية أبلغ ترامب الكونغرس رسميا بها بعد حوالي 48 ساعة من تنفيذها، ما دفع بيلوسي إلى القول إن ذلك حصل “دون استشارة الكونغرس”.
وأعلنت بيلوسي أن مجلس النواب سيصوت هذا الأسبوع على قانون يحد من تحركات الرئيس دونالد ترامب العسكرية تجاه إيران.
من جانبه، عبر زعيم الأقلية الديمقراطية في مجلس الشيوخ تشاك شومر في حديث صحفي عن قلقه البالغ إزاء ما جرى، مشيرا إلى أنه لا يعتقد أن الرئيس لديه السلطة لإعلان الحرب دون موافقة الكونغرس. 
بدوره، أكد وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، أن الإدارة بدأت إطلاع قادة الكونغرس على مبررات الضربة الأميركية ووعدت “بإبقائهم مطلعين بشكل كامل”.   
وأشار بومبيو، الى أن ستراتيجية مواجهة إيران التي تعتمدها واشنطن حاليا، تقوم على استهداف “صناع القرار الحقيقيين” في إيران، وليس قوات تابعة لها في المنطقة.
وشدد بومبيو لشبكة ABC الأميركية، على أن المسار الذي تنتهجه إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب تجاه إيران يختلف جذريا عما كانت تتبعه إدارة الرئيس السابق باراك أوباما.  
وذكر بومبيو أنه “إذا شنت الولايات المتحدة غارات على إيران، ردا على انتقام محتمل منها، فإنها لن تخرج عن نطاق قانون النزاعات المسلحة”.
وعلى الرغم من إعلان ترامب قبل ساعات أن بعض الأهداف التي قد تضربها الولايات المتحدة داخل طهران “تتمتع بأهمية بالغة لإيران وثقافتها”، قال بومبيو إن أي هدف للضربات الأميركية المحتملة سيكون “هدفا مشروعا” وسيتم تحديده كي يخدم “مهمة واضحة، وهي الدفاع عن الولايات المتحدة”، حسب تعبيره.
وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ذكر أن بلاده حددت 52 موقعا إيرانيا، وأن بعضها “على درجة عالية للغاية من الأهمية” لإيران وللثقافة الإيرانية، “ستضرب بسرعة كبيرة وبقوة كبيرة” في حال شنت طهران هجوما على المصالح الأميركية انتقاما لمقتل سليماني.
في الوقت نفسه، قال وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو، إن مقتل قاسم سليماني قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، يشكل خطرا حقيقيا على السلام في منطقتنا،
وأضاف تشاووش أوغلو، أن أنقرة ستواصل الجهود مع دول أخرى لتخفيف التوتر بين إيران والولايات المتحدة الأميركية.
من جهة أخرى، لفت وزير الخارجية التركي، إلى أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سيزور تركيا غدا الأربعاء، وأن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان سيبحث معه هذا الموضوع أيضا.  
 
موقف خليجي
من جانبه، أعلن وزير الخارجية السعودي، فيصل بن فرحان، أن الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز سيدعو إلى قمة لقادة الدول المطلة على البحر الأحمر.
وقال وزير الخارجية السعودي، خلال اجتماع لوزراء خارجية الدول المشاطئة للبحر الأحمر في الرياض: إن هذا الاجتماع “يأتي لتسريع وتيرة تعاون دولنا وتعزيز قدراتنا بما يمكننا من مواجهة أي مخاطر أو تحديات”، مشيرا إلى “أن المملكة حريصة على التنسيق والتعاون مع شقيقاتها الدول الأعضاء لمواجهة التحديات والمخاطر”. 
ولفت بن فرحان إلى أنه سيتم خلال الاجتماع إقرار ميثاق تأسيس مجلس الدول العربية والإفريقية وخليج عدن، على أن يرفع إلى القادة في اجتماع القمة الذي سيدعو له الملك سلمان. 
بدوره، قال الأمين العام للمجلس عبد اللطيف الزياني: إن “دول مجلس التعاون تابعت بقلق واهتمام بالغين الأحداث والتطورات الخطيرة في المنطقة”.
وطالب الزياني، الأطراف المعنية “بالتهدئة وعدم التصعيد وتغليب الحلول السياسية للأزمات لتجنيب المنطقة المتوترة وشعوبها أي تداعيات سلبية على أمنها واستقرارها”، داعياً المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته لوقف التصعيد في منطقة الشرق الأوسط. 
 
دعوة أوروبية
إلى ذلك، دعا وزير الخارجية الألماني هايكو ماس، نظراءه بالاتحاد الأوروبي لاجتماع أزمة هذا الأسبوع 
واقترح ماس على مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد، خوسيب بوريل، عقد اجتماع لوزراء خارجية التكتل هذا الأسبوع للاتفاق على نهج مشترك.، وأضاف الوزير، “نبحث ذلك بشكل مكثف مع شركائنا في حلف الأطلسي وفي الاتحاد الأوروبي وفي التحالف المناهض لعصابات داعش الإرهابية”.  
وكانت برلين وباريس ولندن، قد دعت إيران إلى التخلي عن الإجراءات التي تتعارض مع الاتفاق النووي للعام 2015، كما دعتها للامتناع عن “الأعمال العنيفة” انتقاما لمقتل قائد فيلق القدس قاسم سليماني.
وقالت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون في بيان مشترك: “ندعو إيران إلى سحب كل الإجراءات التي لا تتوافق مع الاتفاق النووي”. 
جاء ذلك بعد أن أعلنت طهران تخليها عن جميع القيود على أنشطتها النووية في إطار “الخطوة الخامسة والنهائية” من تقليص التزاماتها الدولية.
كما تطرق البيان الثلاثي إلى التوترات المتزايدة في أعقاب الضربة الجوية الأميركية، ودعا البيان إيران التي توعدت بالانتقام، إلى الامتناع عن القيام “بأعمال عنيفة جديدة أو دعم أعمال كهذه”.
وأضاف ماكرون وميركل وجونسون: “من المهم حاليا خفض التصعيد. وندعو جميع الجهات إلى إظهار أقصى درجات ضبط النفس والمسؤولية”. 
 
قوة يابانية وموقف كوري
في شأن ذي صلة جدد رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي، التأكيد على خططه لنشر قوات الدفاع الذاتي في الشرق الأوسط لضمان سلامة السفن اليابانية في المنطقة. 
ودعا آبي في مؤتمر صحفي الدول المعنية، إلى بذل جهود دبلوماسية لتخفيف التوتر وتجنب المزيد من التصعيد. 
بينما اعتبر موقع إعلامي كوري شمالي، أن الشرق الأوسط قد يصبح “مقبرة” لأميركا، اذ نشرت وكالة الأنباء الرسمية أول تقرير لها امس عن اغتيال واشنطن القائد العسكري الإيراني قاسم سليماني. 
ونشر “مياري”، وهو موقع سياسي كوري شمالي، مقالا بعنوان “خبراء عسكريون يتوقعون أن يصبح الشرق الأوسط مقبرة للولايات المتحدة”.
وقال الموقع: إن “خبراء عسكريين عالميين ذكروا مؤخرا أن الولايات المتحدة تتورط في حرب بالشرق الأوسط. فحتى الدول الموالية لواشنطن كانت تستجيب بشكل سلبي لطلبها إرسال قوات بسبب سياساتها الداخلية والتحديات الاقتصادية، مما دفع الولايات المتحدة إلى اليأس”. 
بدورها أعربت وزارة الخارجية الصينية، عن قلقها الشديد إزاء الوضع الحالي بين الولايات المتحدة وإيران، مشيرة إلى أن ضمان السلام والاستقرار في الخليج أمر حيوي للغاية للعالم كله. 
ودعت وزارة الخارجية الصينية، الولايات المتحدة، إلى عدم إساءة استغلال القوة، وحضت الأطراف المعنية على التحلي بضبط النفس.
من جهة أخرى، علقت وزارة الخارجية الصينية على تهديد الرئيس الأميركي دونالد ترامب بفرض عقوبات على العراق، مؤكدة أن الصين تعارض الاستخدام الجائر للتهديد
بالعقوبات.