تسعيرة ترامب

آراء 2020/01/07
...

نوزاد حسن
 

  يوم الجمعة الماضي كان يوما عاديا حتى الساعة العاشرة صباحا. خرجت كالعادة ذاهبا لشارع المتنبي لشراء بعض الكتب التي أحصل عليها أحيانا بأسعار رخيصة. في سيارة "الكيا" كانت مجموعة من الشباب يتحدثون مع بعضهم البعض وكأنّهم اصدقاء عن السياسة والتظاهرات والعلاقة بايران واميركا. سالت أحدهم بعد ان شككت ان حدثا مهما حصل دون ان أعرف ما هو لأنني لم أتابع ليلة الخميس اية اخبار. أجابني احد الشباب بأنّ قائد الحرس الثوري ومعه ابو مهدي المهندس اصيبوا بغارة جوية اميركية قرب المطار. قلت: هل انت متأكد.؟ واوضحت للشاب أنّ الفيسبوك ليس دقيقا في كل الاحوال. فأخبرني بلغة تأكيدية ان ايران اعلنت الخبر رسميا. دهشت لدقائق معدودة ولم أتكلم، وفكرت ان السياسة عالم غامض قبيح يخضع لقوانين لا نراها في كثير من الاحيان. لكني حملت معلومة استهداف سليماني وانا أشك في حدوثها. بعدها اتصل بي صديق مؤكدا الخبر. وهنا عرفت بأن هذه الحادثة ستخلق تداعيات كثيرة نحن في غنى عنها.
  ما زلنا حتى اللحظة نترقّب الرد الايراني الذي حددت فيه القيادة الايرانية 32 هدفا اميركيا ستقصف في الوقت والمكان المناسبين. رد ترامب في تهديد مقابل ان اهدافا منتخبة ستقصف بقوة ان نفذت ايران تهديدها. ومع ان لغة التصعيد ما زالت قائمة جاءت جلسة البرلمان العراقي التي عقدها يوم الاحد الماضي نافذة جديدة اغضبت الاميركان لان البرلمان اتخذ قرارا بإخراج القوات الاميركية من العراق. وخول الحكومة القيام بالاجراءات الكفيلة بإنهاء الوجود الاميركي.
  بلا شكّ كان للحماس دوره في هذه القضية اذ ليس من المنطقي ان يتعرض قادة عراقيون لاغتيال من بينهم قائد فيلق القدس على ارض عراقية دون ان يكون هناك رد فعل حكومي اتجاه هذا الاستهداف. لكن الولايات المتحدة صرّحت انها ستنزعج من اي قرار يمس وجودها في العراق. وحين اتخذ البرلمان قراره باخراج القوات الاميركية بادر ترامب للتعليق على طريقته الهجومية الاستفزازية ان على العراق أن يدفع لنا ثمن القاعدة التي كلّفت الولايات المتحدة مبالغ كبيرة.
  ترامب الرأسمالي وضع امام الحكومة قائمة حساب بتسعيرة غير معروفة حتى الان، وفي مقدمة هذه القائمة أموال بناء قاعدة عسكرية اميركية. ثم بدأ حديث لبعض الخبراء يشير الى ان الاموال العراقية محمية من قبل الولايات المتحدة، والبنك الفدرالي. وفي حال انهاء وجود قوات الولايات المتحدة سنكون في وضع مالي صعب.
  هذا ما قيل من قبل مختصّين بالشأن الاقتصادي، وكذلك من قبل سياسيين اشاروا الى ما قد يواجهه العراق من صعوبات مالية ان تخلى عن الاتفافية الامنية مع اميركا.