الكونغرس يقيد ترامب من القيام بعمل عسكري ضد إيران

قضايا عربية ودولية 2020/01/10
...

واشنطن / نافع ناجي
 
وسطَ إنقسامٍ عميق، مررت غرفة مجلس النواب في الكونغرس الأميركي، قرارا يحد من قدرة الرئيس دونالد ترامب على الانخراط بعمل عسكري ضد إيران، بعد أيام من أمره بتنفيذ ضربة جوية أدت الى مقتل الجنرال قاسم سليماني. وينص القرار استناداً الى قانون سلطات الحرب على، أن “الكونجرس لم يأذن للرئيس باستخدام القوة العسكرية ضد إيران”. كما يوجه هذا القرار الرئيس إلى إنهاء استخدام القوات المسلحة الأميركية للمشاركة في الأعمال العدائية داخل أو ضد إيران أو أي جزء من حكومتها أو جيشها “ما لم يكن هناك وجهة محددة من قبل الكونغرس”. وبالرغم من الانقسام الواضح في التصويت، حيث أيّد القرار 224 نائباً بينما عارضه 194، لكن الاغلبية (من جمهوريين وديمقراطيين) اتهموا ترامب بالتصرف بشكل متهور، وأعربوا على حد سواء، عن دعمهم للتخفيف من حدة السجال بين الرئيس الأميركي والمسؤولين الإيرانيين.
بيلوسي تنتقد
بدورها قالت رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي،  إن “إشعار – احاطة - قانون سلطات الحرب غير الوافي المقدم من قبل الرئيس، وإفادة الإدارة التي قدمها وزير الدفاع مارك إسبر وغيره من المسؤولين “لم تتطرق إلى مخاوفنا”.
وشددت، أن “ المجلس يهدف لتقييد خيارات ترامب ومنعه من الدخول في حرب مباشرة مع إيران”، وذكرت في بيان ان “الرئيس أظهر أنه لا يملك ستراتيجية متماسكة للمحافظة على سلامة الشعب الأميركي والتوصل إلى خفض للتصعيد مع إيران وضمان الاستقرار في المنطقة”. مضيفة، ان” دستور الولايات المتحدة يدعو إلى وجود تعاون عند بدء الأعمال العدائية».
وكانت إفادات سرية قدمها كبار المسؤولين في الإدارة الأميركية لم تقنع العديد من نواب الكونغرس، بتبريرات ترامب لشنّ غارة جوية أدت إلى زيادة التوتر والمخاوف في المنطقة الغارقة أصلاً في توترات عديدة.
 
قانون سلطات الحرب
وقانون سلطات الحرب الذي أقر في العام 1973، بموجبه يتعيّن على إدارة البيت الابيض إبلاغ الكونغرس بأي تحرّكات عسكرية كبيرة، لكن ترامب أبقى مبرر الضربة التي قتل فيها سليماني سرّيًا، وهو أمر غير معهود.
ويهدف القانون المذكور، لمنع الرؤساء من استخدام الجيش من دون موافقة الكونغرس. ومنذ ذلك الحين ، أصبحت مسائل عدم الامتثال للرئاسة شائعة ، حيث نشأ الجدل بسبب تصرفات الرئيس الأسبق بيل كلينتون في كوسوفو وعمليات الرئيس السابق باراك أوباما في ليبيا وقبلهما الرئيس ريغان .
ويلزم القانون الرئيس بالتشاور مع الكونغرس “في أي حالة ممكنة” قبل إرسال قوات إلى حرب، كما ينص على أن الرؤساء مطالبون بإنهاء أية نشاطات عسكرية في الخارج بعد 60 يوما، إلا إذا قدم الكونغرس إعلانا بالحرب أو تفويضا لاستمرار العملية.
وكعادته، فقد انتقد ترامب قرار سلطات الحرب باعتباره “غير دستوري” ودعا إلى إلغائه، مشدداً على ان قرار استهداف سليماني كان في توقيت مناسب جدا وحساس استناداً لمعلومات استخبارية شديدة الدقة هدفها حماية مصالح الولايات المتحدة في المنطقة.
 
انقسام
صوّت لصالح القرار 224 نائباً بينما عارضه 194، وكان لدى كلا الحزبين بعض المنشقين، حيث صوت ثمانية ديمقراطيين ضد هذا الإجراء في مجلس النواب ذي الاغلبية الديمقراطية، بينما صوت ثلاثة جمهوريين لصالحه. وصوت النائب المستقل جوستين أماش ، الذي غادر الحزب الجمهوري العام الماضي، لصالح هذا الإجراء.
 
غضب وعدم قناعة
ووجه عدد من اعضاء الكونغرس تصريحات غاضبة بحق إدارة الرئيس ترامب والاحاطة التي قدموها للكونغرس عن العملية العسكرية ضد الجنرال الايراني، ووصف الديموقراطيون والعديد من الجمهوريين الإحاطات بأنها غير كافية ، مضيفين أن المسؤولين لم يقدموا تفاصيل مقنعة حول سبب تبرير الهجوم.
وقال الأعضاء الديمقراطيون في مجلس الشيوخ إن المسؤولين في إدارة دونالد ترامب فشلوا بتقديم أدلة تؤكد وجود خطر محتوم على الجنود الامريكيين، وتجاهلهم للدور الذي يجب على الكونغرس لعبه في تقرير العمل العسكري. كما جاء النقد الحاد للمعلومات من أهم حليفين لدونالد ترامب وهما السيناتور الجمهوري عن ولاية يوتا مايك لي وراند بول عن ولاية كينتاكي.
وقال النائب الجمهوري مايك لي، إن الإحاطة التي قدمها وزير الخارجية مايك بومبيو ومسؤولون آخرون “ربما كانت أسوأ إحاطة إعلامية، على الأقل في ما يتعلق بقضية عسكرية” ، خلال السنوات التسع التي قضاها في مجلس الشيوخ.
وفي مقابلة مع برنامج “غرفة الأزمة” على “سي إن إن” قال النائب راند بول من كنتاكي، “لم تقدم معلومات محددة حول هجوم محتوم، بل عموميات، وكلام جرائد، ولم أتعلم اي شيئ جديد لم أقرأه في الصحف».
من جهته قال رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب إليوت إنغل أمام الصحفيين بعد تلقيه إفادة مسؤولين في الإدارة “قيل لنا إنه كان هناك تهديد وشيك، لست متأكداً بأنني مقتنع بذلك”.
بينما أعربت المرشحة الديمقراطية للانتخابات الرئاسية إليزابيث وارن كذلك عن شكوكها بشأن المبررات التي قدمتها إدارة ترامب لقتل سليماني.
وقال زعيم الأقلية الديمقراطية في مجلس الشيوخ تشاك شومر “كانت هناك العديد من الأسئلة المهمة التي لم يجيبوا عنها ولم نرَ خطة مرضية للمستقبل”، معربًا عن استيائه من “خروج” وزير الدفاع إسبر ومرافقيه من القاعة عندما ازدادت حدة الأسئلة الموجّهة لهم.
وقال السيناتور عن ولاية نيوجرسي روبرت مينديز “ لقد خرجت غير راض عن أسئلة دخلت اللقاء للحصول على أجوبة عليها، لكنني خرجت كما دخلت بلا جواب 
محدد «.
 
تفاصيل الإحاطة
وكان وزير الخارجية مايك بومبيو ووزير الدفاع مايك إسبر ورئيس هيئة الأركان المشتركة مايك ميلي ومديرة المخابرات المركزية جينا هاسبل والقائم بأعمال مستشار الأمن القومي جوزيف ماغوير قد قدموا تقريرا للكونغرس (إحاطة) حول مقتل سليماني يوم الأربعاء الماضي، يشرح الأساس المنطقي للعملية مبقياً على سرية المعلومات والمصادر.
ودفع إسبر هجمات المشرعين ضد التقرير قائلا: إن “معظم أعضاء الكونغرس لا يعرفون عن المعلومات الأمنية التي اعتقد انها قاطعة”. لافتاً، الى إن “المعلومات الامنية التي تتحدث عن التهديد الذي كان يمثله سليماني وأدى لاستهدافه وقتله لم يتم تداولها إلا بين “عصابة الثمانية”، المكونة من ثمانية مشرعين من الحزبين بمن فيهم رؤساء اللجان الاستخباراتية و “لن يطلع عليها بقية أعضاء المجلس” حسب وصفه.
وطالب أعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيين بمعلومات محددة عن أهداف بعينها وجدول زمني، مع أن الجدول الزمني الذي وصفه تقرير الإدارة بـ “الأيام” لا يدعم التهديد حسب الديمقراطيين. وفي نقطة أخرى طالبت السيناتورة أمي كلوباتشر عن مينسوتا والمرشحة لانتخابات الديمقراطيين 2020 المسؤولين بالحديث عن “هجمات بعينها” وليس بالعمومية.
 
خفض التصعيد
وبالرغم من ان الديمقراطيين قد عبروا عن غضبهم حيال الأمر الذي أصدره ترامب بشكل أحادي لقتل سليماني بدون موافقة الكونغرس، إلا أنهم أعربوا إلى جانب الجمهوريين عن ارتياحهم لاختيار واشنطن وطهران على ما يبدو مبدأ خفض التصعيد بين الطرفين.
وقال السناتور الجمهوري ليندسي غراهام المقرّب من ترامب “أرى أنه لا ضرورة للرد فقط من أجل الرد في هذه المرحلة”. لكنه ندد في الوقت ذاته بالديمقراطيين الذين أعربوا عن قلقهم حيال عملية قتل سليماني قائلاً “أرى هذه الفكرة بأن فريق الأمن القومي لم يكن لديه أساس جيّد لقتل هذا الرجل سخيفة للغاية».
بينما عبر نواب آخرون عن ارتياحهم كون الامور سارت نحو التهدئة وعدم التصعيد بين الطرفين وتجنيب المنطقة تصدعات خطيرة هي في غنى عنها.
 
جولة تهدئة
من جانبه يبدأ رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي جولة خليجية اليوم السبت في مسعى للتهدئة.
ويستهل رئيس الوزراء الياباني جولته بزيارة إلى دول خليجية تهدف للتخفيف من حدة التوتر الذي تشهده منطقة الشرق الأوسط منذ قتلت الولايات المتحدة الجنرال في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني.
وسرت شكوك بشأن جولة آبي بعدما ردّت طهران على قتل سليماني عبر إطلاق وابل من الصواريخ على قاعدتين يتمركز فيهما جنود أميركيون في العراق، ما أثار مخاوف من اندلاع حرب في المنطقة.
لكن الناطق باسم الحكومة اليابانية يوشيهيدي سوغا قال، امس: إن آبي سيمضي بزيارته المقررة من 11 حتى 15 كانون الثاني الجاري إلى السعودية والإمارات وسلطنة عُمان، في وقت يسعى فيه لتفسير قرار طوكيو نشر سفينة عسكرية وطائرتي مراقبة في المنطقة لـ”ضمان سلامة السفن المرتبطة باليابان”. 
وقال سوغا إن آبي “سيتبادل الآراء مع الدول الثلاث لمنع مزيد من التصعيد في الوضع المتوتر في الشرق الأوسط”. وأضاف “في كل من هذه الدول، نخطط طلب التعاون لضمان إمداد مستقر للطاقة وسلامة السفن».
وحاولت اليابان جاهدة تحقيق توازن بين تحالفها المهم مع واشنطن وعلاقاتها التاريخية ومصالحها مع 
إيران.
وكانت في السابق بين أبرز مشتري النفط الإيراني لكنها توقفت عن عمليات الشراء هذه امتثالاً للعقوبات الأميركية التي فرضت بعدما انسحبت واشنطن بشكل أحادي من الاتفاق النووي في أيار  2018.
وحاول آبي خلال الشهور الأخيرة تقديم نفسه كوسيط بين الولايات المتحدة وإيران، إذ أجرى زيارة إلى طهران واستقبل الرئيس الإيراني حسن روحاني في طوكيو بكانون الأول الماضي.
 
قوة دفاعية
في سياق الحديث عن مبادرة طوكيو، أمرت الحكومة اليابانية، امس الجمعة، قوة الدفاع الذاتي البحرية بإرسال طائرات مدمرة ودورية إلى الشرق الأوسط في مهمة لجمع المعلومات.
وذكرت وكالة الأنباء اليابانية أن القرار، الذي وافق عليه مجلس الوزراء في أواخر العام الماضي، يهدف إلى المساعدة في تأمين المرور الآمن للسفن التجارية اليابانية عبر المياه في المنطقة وسط الأعمال القتالية بين الولايات المتحدة وإيران، على الرغم من أن المخاوف من نشوب صراع شامل قد بدأت تتراجع.
وبحسب وكالة “رويترز” فان زير الدفاع الياباني، تارو كونو، أمر بنشر سفينة حربية وطائرتي دورية من طراز بي-3 سي في الشرق الأوسط، لحماية السفن التي تجلب البضائع إلى اليابان.
وقال كونو للصحفيين: إن طائرتي الدورية ستغادران اليابان اليوم  السبت وتبدآن عملياتهما في 20 كانون الثاني الجاري، وأضاف أن المدمرة ستغادر اليابان متجهة إلى المنطقة في الثاني من شباط، وتبدأ دورياتها في وقت لاحق من الشهر.
وكان يتعين على كونو إصدار أمر خاص لنشر القوات للسماح لها باستخدام الأسلحة لحماية السفن المعرضة للخطر.