بين الأبراج والسيادة

آراء 2020/01/12
...

حمزة مصطفى

كان الأسبوع الماضي حافلا بأحداث لم تكن متوقعة ربما إلّا لضاربي الودع وقارئي الأبراج والمنجمين. البعض من تلك الأحداث يقال إنه جرى التنبوء بها خصوصا مقتل الجنرال قاسم سليماني وسقوط أو إسقاط الطائرة الألكترونية. ليس هذا فقط فإنّ ضاربي الودع وقارئي الأبراج والمنجمين الذين يكذبون وأن صدقوا تنبّأوا أو توقعوا موت المذيعة اللبنانية نجوى قاسم العاملة في قناة العربية الحدث. الساخرون ممن لاتفوتهم مثل هذه الحوادث على مأساويتها أعلنوا أنه إذا كانت كل هذه الوقائع والأحداث وقعت في الأسبوع الأول من العام الجديد وحتى قبل احتفالاتنا الخجولة سنويا بعيد الجيش فإنّ يوم القيامة لن يتعدى الخامس عشر من شهر شباط المقبل. مع ذلك فإنّ الأمر يحتاج الى وقفة وقراءة لمختلف جوانب هذه الأحداث وسواها، سواء تعلق الأمر بالأبراج أو بالسيادة. وطالما "جبنا طاري السيادة" فلا بدّ من ترك الأبراج والتنبؤات جانبا والذهاب مباشرة الى السياسة التي لاتفصلها عن السيادة سوى تكرار حرف السين في الأولى وقطعها بالدال في الثانية. حدثان جريا على أرض الواقع مثلا انتهاكا للسيادة مثلما يقول الأخوة النواب والسياسيين والنخب والموالاة والمعارضة. لا شيء نتفق عليه بقدر مانختلف موالاة ومعارضة في العراق سوى السيادة. كلنا نلطم على السيادة سواء كنا من أشد داعمي التظاهرات أو المناوئين لها. داعمو التظاهرات يرون أن سلوك الحكومة والأحزاب والقوى والكتل والفصائل واللجان الاقتصادية والمحللين  السياسيين خصوصا الاستراتيجيين منهم هم المسؤولون عن انتهاك السيادة العراقية. المناوئون للتظاهرات والذين يتهمون السفارات بالوقوف خلفها يصبون جام غضبهم عليها وعلى الجوكر لأنّه هو من تسبب بانتهاك السيادة.
ماهي دلائل انتهاك السيادة؟ قتل أميركا للجنرال قاسم سليماني بالقرب من مطار بغداد الدولي من خلال طائرة "درون" انتهاك للسيادة. نعم صح وقامت وزارة الخارجية باستدعاء السفير الأميركي لهذا الغرض. أي لكي تقول له "تره إخوان أنتم خرقتم السيادة". الأمر نفسه تكرر عندما قصفت إيران قاعدة "عين الأسد" التي تضم جنودا ومنشآت عسكرية أميركية. الخارجية العراقية استدعت السفير الإيراني وأبلغته نفس القرار الذي هو "إخوان تره أنتم خرقتم السيادة العراقية". كلا الأميركان والإيرانيين يعلمون ذلك جيدا ولكن في إطار الصراع المحتدم بينهم والذي بلغ مرحلة "كسر العظم" بعد مقتل سليماني يبدو أن  ليس لديهم خيار سوى جعل العراق ساحة لتصفية الحسابات بينهم. إذن نحن حيال مشهد مفتوح خلال ماتبقى من السنة. وبما أننا مازلنا في حدود الأيام العشرة الأولى من السنة الجديدة فإنّ علينا تصفح ماتبقى ماقاله المنجمون وقارئو الكف وضاربو الودع. إذ لايمكن أن يمر 11 شهرا مقبلا سلامات في وقت لم نتمكن حتى الآن من غلق أي ملف من الملفات 
المفتوحة. ملف الحكومة واختيار رئيس جديد للوزراء لايزال مفتوحا. ملف عين الأسد والانسحاب الأميركي من عدمه لايزال مفتوحا. ملف التظاهرات ومتى تنتهي وكيف تنتهي لايزال مفتوحا. ملف الطرف الثالث لايزال مفتوحا. الملف الوحيد الذي أغلقناه هو .. إيقاف استيراد البيض والمفسوخة 
عقودهم.