البلاد بمواجهة الأوضاع الأصعب

آراء 2020/01/15
...

عبد الحليم الرهيمي
بتواتر وتسارع كبيرين للأحداث السياسية والأمنية والعسكرية ، تتصاعد بشكل مثير وخطير تطورات تلك الاحداث ومساراتها وذلك بوضعها العراق في عين العاصفة او على صفيح ساخن جداً ، لذلك فإنّ الرأي العام العراقي وقلق المواطنين العراقيين أصبح يتطلب ممن يمسكون زمام السلطة من الطبقة السياسية وحكومتها المستقيلة ان يقوموا بمسؤلياتهم ، رغم ضعف الثقة بهم ، لمواجهة ما هو ناجم وسينجم من نتائج مدمرة لتلك المصاعب والأخطار ، وذلك من خلال الاستجابة لمطالب وأهداف حركة الأحتجاجات المتصاعدة بعد مرور اكثر من ثلاثة اشهر على اندلاعها وهي تصر على التمسك بتلك المطالب والاهداف بالوسائل السلمية ، وذلك من خلال تنازل تلك الطبقة على عنادهم وصمّ آذانها بعدم الاستماع لتلك الاجتجاجات ، والتي ترافقت وساهمت في إنتاج أزمة البرلمان وانقسامه على نفسه وأزمة السلطة التنفيذية وعجزها ، فضلاً عن آثار تفاقم الصراع الايراني – الاميركي على العراق وشعبه وما اسفر عن ذلك من تداعيات أمنية وعسكرية وسياسية سلبية تِنذر بوقوع المزيد من هذه التداعيات التي قد ينجم عنها المزيد من التدهور الامني والسياسي والاقتصادي وانعكاسات ذلك على امن العراق والعراقيين وحياتهم المعيشية . وقد زاد الاوضاع تعقيداً وخطورةٍ إنقسام البرلمان حول الموقف من تواجد القوات الاجنبية (لاسيما الاميركية) والدعوة لسحبها من العراق ، التي كان رد الفعل الاميركي السلبي أزاءها  التهديد بأمكانية فرض عقوبات أمنية واقتصادية ومالية على 
العراق .
ومع هذا التعقيد في المشهد السياسي والأمني العراقي ، يسعى تنظيم داعش الى توسيع أعماله الاجرامية واعتداءاته على المواطنين العراقيين على الرغم من الحملات الامنية والعسكرية ضده بعمليات (النصر) ، هذا في الوقت الذي اعلنت قوات حلف (الناتو) والتحالف الدولي عن وقف عملياتهم العسكرية ضد داعش حتى إشعار آخر .
إنّ هذا الواقع المعقد والخطير لمسار الأحداث في العراق هو الذي دفع بعض القادة السياسيين الى الانسحاب من البرلمان ، كما فعل رئيس الحكومة الاسبق اياد علاوي وتوكيد عدم شرعية هذا البرلمان وتمثيله العراقيين مسوّغين ذلك بالقول ان العراق يواجه الوضع الاخطر في تاريخه منذ تاسيس الدولة العراقية عام 1921 . غير ان الموقف الاكثر دلالة وتعبيراً عما وصلت اليه الاوضاع في العراق هو موقف المرجعية الدينية في النجف الذي جرى التعبير عنه في خطبة يوم الجمعة الموافق 3 كانون الثاني الجاري بتوكيدها وتحذيرها من (ان البلد يمر بمنعطف خطير ومقبل على اوضاع صعبة جداً) ثم تعبيرها عن أحد مظاهر ذلك في خطبة الجمعة التالية بالقول (أن يكون العراق سيد نفسه يحكمه ابناؤه ولا دور للغرباء في قراراته ) اي بمعنى التحذير من (اختطاف) القرار الوطني السيادي العراقي ليكون بيد الغرباء باعتبار ذلك احد الاسباب الرئيسية لوصول العراق الى ما وصل اليه .
ولم تعد النخب السياسية والدينية والقائمون على حركة الاحتجاجات هم وحدهم من يحذرون من المخاطر والاوضاع الصعبة التي يمر بها العراق ، بل الامم المتحدة وامينها العام ومبعوثته الى العراق بلاسخارت قد حذروا باستمرار من مخاطر ما يجري في العراق وقد كان آخرها تصريح الامين العام للامم المتحدة في العاشر من كانون الثاني الحالي الذي دعا فيه الى ايقاف اختطاف المتظاهرين، غير ان الموقف الاكثر اهمية وينطوي على دلالة مهمة تقتضي التوقف امامها هو موقف الاتحاد الاوروبي الذي اكد فيه مسؤوله الاعلامي في العاشر من الشهر الحالي على (مخاطر الاوضاع الراهنة في العراق وضرورة نزع فتيل الازمة)، واكد كذلك (بأن وزراء خارجية الدول الاعضاء في الاتحاد الاوروبي في بروكسل سيعقدون اجتماعاً استثنائياً لمناقشة الوضع في العراق).
وفي ضوء ذلك يعتقد الكثير من المراقبين، علاوة على تقارير دوليةُ بأن ثمة توجهاً اوروبياً – أميركياً لاتخاذ قرارات ومواقف تهدف الى وقف التداعيات الاخطر للاوضاع الصعبة جداً التي يمر بها العراق والمنعطف الخطير المقبل، كما جاء في خطب المرجعية الدينية بالنجف في الاسابيع الاخيرة.