تقترب الحكومة الأميركية من نشر قانون من شأنه أنْ يوسع سلطاتها بشكل كبير لمنع شحنات البضائع الأجنبية إلى شركة هواوي الصينية، إذ تسعى الإدارة الأميركيَّة إلى الضغط على شركة الاتصالات المدرجة في القائمة السوداء، وذلك وفقًا لتقرير جديد من وكالة رويترز.
قائمة سوداء
وكانت وزارة التجارة الأميركيَّة قد وضعت في شهر أيار من العام الماضي شركة هواوي على قائمة سوداء للتجارة، مستشهدة بمخاوف الأمن القومي.
وسمح ذلك للحكومة الأميركيَّة بتقييد مبيعات البضائع الأميركيَّة الصنع على الشركة الصينية إلى جانب تقييد مبيعات عدد صغير من العناصر المصنوعة في الخارج والتي تحتوي على تكنولوجيا أميركية.
وبموجب اللوائح التنظيمية الحالية، لا تزال سلاسل التوريد الأجنبية الرئيسة بعيدة عن متناول السلطات الأميركيَّة، ما زاد الإحباط بين المعادين للصين داخل الإدارة الأميركيَّة الذين يحاولون توسيع سلطة الولايات المتحدة لمنع المزيد من الشحنات إلى هواوي.
ضرر أميركي
وتقول الشركات الأميركيَّة إنَّ الجهود المبذولة لتمكين الحكومة من تنظيم المزيد من المبيعات لشركة هواوي لتشمل عناصر التكنولوجيا البسيطة المصنوعة في الخارج مع القليل جدًا من التكنولوجيا الأميركيَّة قد تؤدي في النهاية إلى إلحاق الضرر بالشركات الأميركيَّة دون داعٍ.
وأكدت هذه الشركات أن تصرفات الإدارة الأميركيَّة تشجع شركة هواوي على الحصول على المزيد من السلع من الخارج.
وذكرت وكالة رويترز في شهر تشرين الأول أنَّ وزارة التجارة تدرس توسيع قاعدة الحد الأدنى، والتي تحدد مقدار المحتوى الأميركي في منتج أجنبي الذي يمنح الحكومة الأميركيَّة سلطة تنظيم التصدير.
ويمكن للولايات المتحدة بموجب اللوائح التنظيمية الحالية أن تطلب ترخيصًا أو تمنع تصدير العديد من منتجات التكنولوجيا الأكثر تقدمًا التي يتم شحنها إلى الصين من دول أخرى إذا كانت المكونات الأميركيَّة الصنع تشكل أكثر من 25 في المئة منها.
ووفقًا للمعلومات، فقد صاغت وزارة التجارة قانوناً من شأنه خفض النسبة إلى 10 في المئة على الصادرات إلى هواوي فقط، مع توسيع نطاقها لتشمل السلع غير التقنية مثل الإلكترونيات الاستهلاكيَّة بما في ذلك الرقاقات غير الحساسة.
وأرسلت وزارة التجارة القانون إلى مكتب الإدارة والميزانية في الأسبوع الماضي، وفي حال توقيع الوكالات الحكومية الأخرى عليه، يمكن إصداره في غضون أسابيع كقانون نهائي، مع عدم وجود فرصة للتعليقات العامة قبل سريان مفعوله.
المراقبة الأميركيَّة
وصاغت وزارة التجارة أيضًا لائحة من شأنها توسيع ما يسمى بقانون المنتجات الأجنبية المباشرة، والذي يُخضِعُ البضائع الأجنبية الصنع التي تستند إلى التكنولوجيا أو البرامج الأميركيَّة إلى المراقبة الأميركيَّة.
ومن المفترض توسيع هذه اللائحة لتشمل عناصر التكنولوجيا البسيطة المصنوعة في الخارج والتي تستند إلى التكنولوجيا الأميركيَّة ويجري شحنها إلى هواوي.
اقتراح بدائل
من جانبه دعا رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون معارضي هواوي إلى اقتراح بدائل للمجموعة الصينية المتقدمة على منافسيها في تكنولوجيا الجيل الخامس (5جي).
وردا على سؤال في برنامج "بي بي سي بريكفاست"، أكد رئيس الوزراء أنَّ "البريطانيين يستحقون الحصول على أفضل تكنولوجيا ممكنة"، مذكراً بأنَّ حكومته تريد التركيز على تحديث البنى التحتيَّة وخصوصاً تأمين انترنت سريعة للجميع.
وأضاف "إذا كان هناك أشخاص يعارضون هذا الاسم أو ذاك، فعليهم أنْ يقولوا لنا ما هو البديل"، ملمحاً إلى تقدم هواوي في تكنولوجيا الجيل الخامس للهواتف النقالة المخصصة إلى حد كبير للأجهزة المتصلة بالانترنت.
الأعين الخمس
لكنَّ جونسون الذي يتمتع منذ الانتخابات التشريعية التي جرت في كانون الأول بأغلبية كبيرة في البرلمان، قال إنه لا يريد "إقامة بنى تحتية تضر بأمننا القومي أو بقدرتنا على التعاون مع شركائنا في شبكة الاستخبارات "الأعين الخمس" (فايف آيز)" التي تضم خمس دول هي بريطانيا والولايات المتحدة وكندا واستراليا ونيوزيلندا.
وكان رئيس جهاز الاستخبارات البريطاني "ام آي5" أندرو باركر أكد أنَّ الحكومة البريطانية يمكنها العمل مع هواوي بدون أنْ يضر ذلك بعلاقاتها مع أجهزة الاستخبارات الأميركية.
وقال فيكتور زانغ نائب رئيس هواوي في بيان تلقته فرانس برس "نثق في الحكومة البريطانية لاتخاذ قرار يستند إلى الأدلة وليس على اتهامات لا أساس لها".
وذكر بأن مجموعته "تعمل مع شركات الاتصالات البريطانية منذ 15 عاما" وأن "لجنتين برلمانيتين خلصتا إلى أنه لا سبب تقنيا يمنعنا من تزويد معدات تكنولوجيا الجيل الخامس" لبريطانيا.
وتأتي تصريحات جونسون غداة زيارة وفد أميركي إلى لندن لإقناع الحكومة البريطانية بالامتناع عن العمل مع هواوي.
شراكة محدودة
وتؤكد الولايات المتحدة أن علاقات وثيقة تربط بين هواوي والحكومة الصينية وأن أجهزتها يمكن أن تستخدم للتجسس، لكن المجموعة تنفي ذلك.
وكشفت تسريبات نشرتها الصحف البريطانية في نيسان 2019، أن الحكومة المحافظة حينذاك برئاسة تيريزا ماي كانت على وشك إبرام عقد لمشاركة محدودة لهواوي في شبكة الجيل الخامس. ويبدو أن العقد لا يشرك المجموعة الصينية في صلب الشبكة بل ببنى تحتية أقل حساسية.
وقد طلب البرلماني المحافظ بوب سيلي من لجنة الشؤون الأجنبية دراسة مدى تطابق المجموعة الصينية مع الشبكة الوطنية، مؤكدا أن اتفاقا مع هواوي سيفتح الباب للشبكة البريطانية في بكين.