التعليم وطن

آراء 2020/01/18
...

محمد صادق جراد 
إن أردت وطنا قويا ومجتمعا متماسكا فعليك بدعم التعليم ولهذا نجد  الكثير من الأمم تحترم العملية التعليمية وتعطيها الأولوية والاهتمام لأنها تدرك بأنّ انتاج جيل واعٍ محب لوطنه هي الخطوة الاولى في عملية بناء الإنسان الوطني الذي يسهم في تطوير بلده، ولهذا قد حافظت تلك الأمم على سير التعليم في ظروف الحروب والأزمات الاقتصادية الكبيرة لان أيّ تهديد للتعليم يشكل خطرا على عملية بناء الإنسان والمجتمع فالتعليم هو سلاح المجتمع القوي لأنه يعمل على غرس المبادئ والقيم الإنسانية والوطنية ومن دونه يصبح المجتمع ضعيفا،هشا، أمام الأزمات والمشاكل التي تواجهه . وعلى الرغم من ذلك نجد هناك من لا يدرك هذه الحقائق فنتابع اليوم توقف عجلة التعليم في الكثير من مدارس الوسط والجنوب في العراق بسبب الاحتجاجات والتظاهرات بعد أن تحركت جهات معينة تجاه غلق المدارس وكتابة عبارة (مغلق بأمر الشعب) ولا ندري إن كانت تلك الجهات قد حصلت على تخويل شعبي بهذا العمل حيث أصبحت جهات عديدة تعمل تحت لافتة «بأمر الشعب} لتحقيق مصالحها الخاصة فنرى الطرق تغلق بأمر الشعب والقتل والحرق واستهداف الممتلكات العامة والخاصة كلها تحدث اليوم بأمر الشعب وهذا ما يمكن أن نسميه استثمار التظاهرات من قبل بعض الأطراف والأشخاص لتحقيق مصالح ضيقة على حساب المصالح الوطنية العليا. إنّ من يعمل على غلق المدارس في مدينته ويستخدمها كورقة ضغط على الحكومة عليه أن يدرك بأن هناك ضوابط دولية لاحتساب الأيام الدراسية الفعلية وهذا قد يتسبب في ضياع العام الدراسي في مدن معينة دون الاخرى ما يجعلنا نشكك في النوايا والغايات فلماذا يتم استهداف المدارس في محافظات دون غيرها؟ ومن الأهمية بمكان أن نشير الى أن الطلبة والهيئات التعليمية والتدريسية قد عبرت عن مواقفها الوطنية من خلال مساندة التظاهرات عبر الإضراب والمشاركة في التظاهرات كمتظاهرين ويمكنهم الاستمرار بالاحتجاج والتظاهر بعد الدوام في ساحات التظاهر ولا يتطلب الأمر إغلاق المدارس والجامعات من دون تحديد وقت محدد لايقاف هذا الاضراب بما يضر العملية التعليمية في العراق. وكما يعرف الجميع فإن الإصلاحات التي يطالب بها الشعب بحاجة الى تعديلات دستورية وإقرار قوانين واستبدال حكومات وهذا يتطلب سقفا زمنيا طويلا ولا يمكن أن يبقى أبناؤنا بعيدين عن المدارس ليضيعوا في متاهات الطرقات فيكونوا أهدافا سهلة لمخاطر عديدة تهدد المجتمع.
ختاما نقول علينا تصحيح مسار الاحتجاجات وإعادة فتح المدارس المغلقة كما أشارت الى ذلك المرجعية الدينية في النجف الأشرف واستمرار عملية التعليم التي نتفق جميعا أنها بحاجة الى رعاية حكومية كبيرة ومعالجة نقص الأبنية المدرسية وتوفير الرعاية اللازمة للتلاميذ والهيئات التعليمية بما يتلاءم مع أهمية العمل التربوي وبما يتلاءم مع القدرات التي يمتلكها البلد وتاريخه العريق في بناء الحضارات الإنسانية .