جمهرة الالفاظ العامية العراقية

ثقافة شعبية 2020/01/25
...

شكر حاجم الصالحي
 
 
 .. بإصداره كتابه هذا بطبعة ثالثة يؤكد مؤلفه القدير صلاح السعيد حرصه على اثراء مكتبتنا بالنافع والمفيد اذ وجد استجابة من القراء لما يؤلف بدليل إعادة الطبع للمرة الثالثة بعد أن ألحق جديده القديم بملحق أضاف فيه ما فاته في طبعتيه السابقتين
، مع انه غيّر عنوانهما الى اطلاق جملة ( العامية العراقية ) بدلاً من ( الالفاظ العامية المتداولة في الحلة ) وهذا كما أزعم استدراك في محله، فالفاظنا الحلية يتماثل أغلبها مع الفاظ المدن العراقية الأخرى، وأجمل ما في هذه الطبعة تتويجها بإطراء نشره عنها استاذنا باسم عبد الحميد حمودي في ملحق ثقافة شعبية في  الصباح العراقية يوم 3 أيلول /2018 , والذي أثنى فيه على جهد السعيد ومما 
قاله :
... وكتابه ( جمهرة الالفاظ العامية العراقية ) ويحوي على (1165) مفردة متداولة في الحلة خصوصاً والعراق عموماً مفهرسة على الأبجدية،  ولست في صدد متابعة هذا الجهد المعجمي الرائع لكني دخلت الى الكتاب من زاوية أخرى أفاد منها السعيد في بحثه وهي استخدامه الأغنية والشعر الشعبي لإضاءة صورة المفردة ما شكلّ ثروة لفظية أخرى , من ذلك قوله في شرح كلمة ( أبجي ) أي أبكي حين يشير لها بقول 
الشاعر : 
  أرد أبجي بالعباس وألطم بالحسين
                ما صابني من هواي بس دمعة العين
 
وهنا نجد ان اطراء الاستاذ حمودي هو شهادة بحق هذا الجهد ووثيقة فخر للمؤلف وللقارئ، ويرى السعيد في معرض مقدمته الموجزة أن كتابه هذا جاء بعد نفاد طبعتيه من الأسواق ( وازدياد الطلب عليه ) ومما يقول عن منهجه في 
تأليفه : 
في هذا الكتاب تناولت العامية ( المدينية ) التي تستعمل في المدينة، واستبعدت تلك التي تستعمل في الأرياف فهي لهجة مختلفة  واسباب ذلك عديدة منها كوني من اهل المدينة كما أني أجهل لهجة أهل الريف وعدم مخالطتي سكانها وليست هذه الملاحظة انتقاصاً منها على الاطلاق ....     ص 12
يتضمن هذا المؤلف الجدير بالقراءة شيئاً مختصراً عن ( القلب والأبدال في العامية ) ويضعها في (18) ملاحظة توضيحية منها قوله في 
ص7
قلب اللام الى نون مثل : سنسله أي سلسلة، صمونة أي صامولة ، كبسونة أي كبسوله ، جبن الجص أي جبله ، نغط أي لغط ، أو قلب النون الى لام مثل : أرملي أي أرمني ، خمّل أي خمّن .. وعن الأضافة يكتب في 
ص15
اضافة الدال بالفتح على أفعال المضارع بمعنى ( الان )  فيقولون مثلاً : دنكتب  دنسافر  وكذلك اضافة الدال بالكسر قبل أفعال الطلب بمعنى ( هيّا ) مثل : دكتب  أي هيا أكتب و دتعال أي تعال فوراً 
وفي معالجته واشاراته الثرية الى الالفاظ العامية العراقية وما فيها من دلالات وغنىً يستغرق صلاح السعيد في البحث والتنقيب في كل ما يضيف لجهده ويعمق مساراته البحثية  وساختار أنموذجاً من العطاء المعجمي ليكون القارئ على بينة واضحة من منهج السعيد في تأليفه هذا، وهذا الاختيار والتمثيل لا يُغني عن قراءة وافية للكتاب كله،  ومثالنا التوضيحي عن حرف (ط) ص  
141 
يقول السعيد : طرطور : الأحمق الجاهل الضعيف الأرادة ، و الطرطور ما يلبسه المهرجون في السيرك على رؤوسهم  وهذه الكلمة من صميم العربية وأخذها عنهم الفرس والترك، وجاء في لسان العرب  الطرطور : الوغد الضعيف من الرجال والجميع الطراطير , وقديماً قال 
الشاعر: 
    قد علمت يشكر من غلامها   
 اذا الطراطير أقشعر هامها
ولأهانة شخص يقال له : طرطور 
ويمضي صلاح السعيد في امثلته عن حرف (ط) فيقول : 
طر : بمعنى مر وطلع وبزغ  فيقال طر الفجر أي طلع والمعنى الآخر هو : قطع أو مرّ أو اصطدم , وفي الاغنية 
              نخل السماوه ايكول طرتني سمره
              سعف وكرب ظليت ما بيّه تمره
وتلفظ أيضا ( طرطر ) أي طلع , وللشاعر الجواهري قصيدة ذائعة الصيت يقول فيها : 
          أي طرطرا   تطرطري      
تقدمي تأخري 
وفي ملحق الطبعة الثالثة ( 229ـــ 273 )  يضيف ما فاته ( المؤلف ) في الطبعتين الاولى والثانية، فهو في اضافته عن الــ (ط) يتناول المفردات العامية التي فاتته من قبل وهي 
طابو، طاك، طاري، طب، طبنجة، طرّه ، طركاعه ، طمبخ، طنطل ، طوخ 
و أخــــــــــــيرا :ً لابد من التنويه ان هذا الكتاب الذي أتحفنا به صلاح السعيد , يعدّ مصدراً للباحثين في تراثنا الشعبي وهو خلاصة جهد كبير بذله المؤلف في جمع كل هذه المفردات المتناثرة على ألسنة الناس , فلّه وافر الثناء على ما أنجز عبر (276) صفحة أمتعتنا وأضافت لنا معرفة نحن بحاجة لها ... وأنصح لا بل أحرض على قراءة ( جمهرة الالفاظ العامية العراقية ) الذي ستجدون فيه متعة 
وفائدة .