كل نظام اقتصادي يجب أنْ يكون مرتكزاً على تخطيط وسياسة ملائمين لإنجاح عمله وزيادة فعاليته داخل نظام الدولة الذي يكون عادة ملازماً لاقتصاد الدولة لتحسين الأداء وتعظيم الموارد وفك الضغط على اقتصاد الدولة نفسه.
من هنا تأتي مشاركة القطاع الخاص مفيدة دائماً ومساندة جوهرياً لموارد الدولة التي ربما تكون عاجزة أحياناً عن سدّ النفقات الهائلة، فتسجل ركوداً وربما عجزاً يؤدي الى عواقب ليست هيّنة.
في العراق الاقتصاد ريعي ويعتمد على النفط اعتماداً كلياً، ما يشكل أمراً خطيراً وذاً أبعاد سلبيَّة أحياناً حين تنخفض أسعاره في السوق العالميَّة وهي أسعار متذبذبة أصلاً لا يمكن الركون إليها. فالاعتماد على عائدات صادرات النفط وحدها له عواقبه السلبيَّة لأنَّ السوق وخاصة النفطيَّة، تتعرض أحياناً الى هزات عنيفة وقد تُفشل الخطط التنمويَّة وتؤثر في البنى التحتيَّة والأهم التأثير المباشر في موازنة الدولة العامة التي تحدد محاور الحياة اليوميَّة للبلد.
فالقطاع الخاص قد يسند اقتصاد الدولة في حالة هبوط الواردات الأحاديَّة الجانب وهو ما قد يصيب مرافق الدولة بإصابة مباشرة تؤدي الى شلّها والى إخفاق جميع الخطط التي أعدت لتنشيط تلك المرافق التي تعتمد عليها الدولة. تظهر مشاركة القطاع الخاص المدعوم من الدولة، في إمكانيَّة تفاعله وإثبات وجوده في السوق المحليَّة أو في الأسواق العالميَّة كما نراه في الدول الأخرى، إذ يشكل نسبة عالية في رفد الموازنة بالإيرادات التي تساعد في النمو والتطور وبالتالي يكون عاملاً مباشراً في تقدم السوق وسد الثغرات التي تتركها المؤسسات الحكوميَّة التي لا تقدر على المواصلة لأسباب عديدة أهمها عدم توفير السيولة اللازمة أحياناً أو النقص في المواد الأوليَّة.
فيسهم في امتصاص العمالة الموجودة في المجتمع والتي لم تجد لها فرصة عمل وقد تؤدي الى تقليل مشكلات المجتمع وهو أمرٌ مهم.
فضلاً عن تشغيل العمالة الماهرة من أصحاب الشهادات والتخصصات والكوادر الوسطى التي ترفد المصانع والشركات بطاقات لا تقدر بثمن بدلاً من هدرها وجلوسها عاطلة. إنَّ الاعتماد على فرصة التعيين في دوائر الدولة، ليس هو الحل الأمثل لتقليل زخم البطالة أو إيجاد فرصة عمل ما، لأنَّ الدولة لا يمكن لها أنْ توفر فرصة التعيين لملايين الخريجين وغير الخريجين فيشكل ترهلاً واضحاً لا يسهم بالتطور بل الى ضعف الأداء وإرهاق الموازنة. لذا كان وجود القطاع الخاص الذي يرتبط بالقوانين التي تصدرها الدولة لحماية العمالة وضمان حقوقهم أسوة بالعاملين في القطاع العام، فيكون الإقبال واسعاً طالما الحقوق مصانة والحماية موجودة . لذا بالتأكيد انه سيؤدي الى نجاح الخطط التنمويَّة والاستثماريَّة ويعظم الموارد بوجود عمالة وطنيَّة تعمل في الشركات والمواقع والمصانع، فستكون الثمار واضحة جليَّة.
وهذا ما تعتمد عليه اقتصاديات الدول عامة. لقد حدثت انتكاسات كثيرة في أسعار النفط وعانى العراق ما عاناه لتوفير الحياة اليوميَّة التي يجب ألا تؤثر في نمطيتها لدى المواطن، فكانت أياماً قاسية شديدة الوطأة، فكيف إذا كانت الأسعار متدنية جداً والدولة تحارب التحدي الإرهابي الذي اكتسح بعض المدن العراقيَّة في الوقت ذاته؟
إنَّ ذاك التحدي كان امتحاناً عسيراً للعراق، علاوة على أنَّه كان وقفة تأمل كبرى بضرورة إيجاد بدائل عن النفط لتذليل تأثيره وعدم الاعتماد عليه كلياً. إنَّ ما حدث في تلك السنوات العجاف كان درساً يجب ألا يمرَّ بسهولة ونحن ندخل عقداً جديداً من نظريات الاقتصاد التي تنظر الى التعدديَّة ركناً أساسياً لزيادة الموارد وتقليل الاعتماد على جانبٍ واحد.