ترامب في خطاب حالة الاتحاد: نعمل على إنهاء حروبنا في الشرق الأوسط

قضايا عربية ودولية 2020/02/05
...

 واشنطن / وكالات
 
قال الرئيسُ الأميركيُّ دونالد ترامب، في خطاب “حالة الاتحاد أمام الكونغرس الأميركي، إنه من أجل الحفاظ على أرواح الأميركيين نعمل على إنهاء حروبنا في الشرق الأوسط.   
وقبل تسعة أشهر من الانتخابات الرئاسيّة، أكد الرئيس الأميركي أمس الاربعاء أنّه “وفى” بالوعود التي قطعها، مشيدا بقوة الاقتصاد في البلاد، لكنه لم يتطرق إلى محاكمته عشيّة تبرئته شبه المؤكّدة اليوم الخميس، أمام مجلس الشيوخ.
وحتّى قبل بدء إلقاء خطاب حال الاتّحاد التقليدي، كان الانقسام الذي يسود الطبقة السياسيّة في البلاد واضحًا. 
وقال ترامب في خطابه: “خلافا لكثيرين قبلي، أنا وفيت بوعودي” بينما كان الجمهوريون يقاطعونه تكرارا بالتصفيق والوقوف مرددين “الولايات المتحدة، الولايات المتحدة”، وفي المقابل كان الديمقراطيون المعارضون يجلسون صامتين.
 
نجاح اقتصادي كبير
وفي القاعة نفسها حيث تمّ اتّهامه باستغلال السلطة وعرقلة عمل الكونغرس، شدّد ترامب في خطابه على “العودة الكبرى لأميركا”، وعلى “النجاح الاقتصادي الكبير” للولايات المتحدة.
وقال الرئيس الأميركي: “لقد نجحت ستراتيجيتنا”، متحدّثًا عن اتفاقاته التجاريّة الأخيرة مع الصين وكندا والمكسيك.
كذلك، دافع الرئيس الأميركي في خطابه عن سياسته الخارجيّة، ودعمِه للمعارض الفنزويلي خوان غوايدو الذي تعترف به الولايات المتحدة وأكثر من خمسين دولة رئيسًا موقّتًا لفنزويلا.
وقال ترامب أمام الكونغرس الأميركي إنّ “طغيان” الرئيس الفنزويلي الاشتراكي نيكولاس مادورو سيتمّ “تحطيمه”. واعتبر أنّ “مادورو زعيم غير شرعي، طاغية يُعامل شعبه بوحشيّة”، مشدّدًا على أنّ “قبضة” مادورو “سيتمّ تحطيمها وتدميرها”. 
ولم يُركّز خطاب ترامب كثيرا على السياسة الخارجية، ولم يأت على ذكر كوريا الشمالية.
وتطرّق ترامب بشكل سريع في خطابه إلى خطّته للسلام في الشرق الأوسط، مؤكّدًا من جهة ثانية عزمه على “إعادة” الجنود الأميركيّين من أفغانستان. 
وقال ترامب أيضا انه “في أفغانستان، مكّننا تصميم مقاتلينا ... من إحراز تقدّم هائل، وهناك محادثات سلام جارية”، مبديًا من جديد رغبته في “إنهاء أطول حرب أميركيّة وإعادة قوّاتنا إلى الوطن”. 
 
الولايات المتحدة
 وقال ترامب في خطابة: إن “الولايات المتحدة أصبحت تحظى بالاحترام العالمي من جديد في عهده”.
وجاء الخطاب الثالث وربما الأخير لترامب، إذا خسر الانتخابات المقبلة في تشرين الثاني، تحت عنوان “العودة الأميركية العظيمة”، وسلط الضوء على “الإنجازات الرئيسة” التي حققها في عام 
الانتخابات.
وبدأ ترامب خطابه بالتركيز على حالة الاقتصاد، وأكد أن “حظوظ أميركا تزداد ومستقبلها مشرق جدا”، كما أن “سنوات التراجع الاقتصادي، وأيام استغلال بلادنا واحتقارها من جانب دول أخرى قد انتهت وأصبحت من الماضي “. 
وتطرق ترامب إلى انتعاش الوظائف وتراجع البطالة، وقال: “انتهت الوعود المكسورة وانعدام الوظائف والأعذار لاستنزاف ثروة أميركا، ومعدلات البطالة هي الأقل خلال نصف قرن”.
وأشار ترامب خلال الخطاب إلى تراجع البطالة لدى فئات عدة من مكونات الشعب الأميركي، بمن فيهم النساء وذوو الأصول الأفريقية والآسيوية واللاتينية.
وانخفضت البطالة في عهد ترامب إلى 3.5 في المئة، وهو أدنى مستوى لها في نصف قرن بحسب البيانات الأميركية، ويرى ترامب أن هذا سب كافٍ لإعادة انتخابه مرة أخرى. 
وأضاف الرئيس الأميركي: “ قمنا بتوفير 7 ملايين وظيفة، أي أكثر من توقعات الحكومة خلال الإدارة السابقة بخمسة ملايين «.
وتطرق ترامب إلى القوة العسكرية الأميركية وقال: إن «جيشنا أعيد بناؤه بشكل كامل وقوته لا تضاهيها أي قوة في العالم».
وأضاف: « أقول لشعب بلادنا العظيم ولأعضاء الكونغرس: حالة اتحادنا أقوى من أي وقت مضى». 
  
 مقاطعة نواب ديمقراطيين 
لم يتطرق الرئيس الأميركي الى محاكمته أمام مجلس الشيوخ كما فعل سلفه الديمقراطي بيل كلينتون في خطابه السنوي الكبير عام 1999.
لكن ظل هذه المحاكمة كان يخيم بشكل كبير على الكونغرس، إذ بدت القطيعة نهائية بين مؤيدي ترامب والديمقراطيين، وامتنع نواب المعارضة عن التصفيق
لترامب.
وكانت الكسندريا اوكاسيو-كورتيز الشخصية الصاعدة في يسار الديمقراطيين، بين النواب الذين قاطعوا هذا الخطاب السنوي قائلة إنها لا تريد “اضفاء شرعية” على رئيس لا يحترم بحسب قولها القوانين ولا الدستور، وندد آخرون “بأكاذيب” نسبوها اليه.
ويطالب الديمقراطيون بعزل الرئيس الأميركي لانه حاول ارغام اوكرانيا على التحقيق بشأن منافسه المحتمل في الانتخابات الرئاسية المقبلة جون بايدن، لا سيما عبر تجميد مساعدة عسكرية مهمة لهذا
البلد.
ويقول الرئيس الأميركي الذي وجه اليه الاتهام في منتصف كانون الاول من قبل مجلس النواب الذي يهيمن عليه الديمقراطيون انه ضحية حملة نظمها معارضوه الذين لم يتقبلوا فوزه المفاجئ في انتخابات 2016. ويمكنه الاعتماد اليوم على دعم 53 عضوا جمهوريا في مجلس الشيوخ. ويفرض الدستور غالبية 67 صوتا من أصل مئة لكي يمكن اعلان انه مذنب. 
انقسام واضح
وبرزت الانقسامات بين الأميركيين واضحة عندما أقدمت رئيسة مجلس النواب الأميركي، نانسي بيلوسي، على تمزيق نسخة من أوراق خطاب رئيس البلاد، كان قد منحها ترامب إياها قبل الشروع في إلقائه، وذلك ردا على رفض ترامب مصافحتها ومحاولته إهانتها عن طريق 
تجاهلها.
وفي العادة يمثل خطاب حال الاتحاد حدثا مهما في رزنامة السياسة الأميركية، ويشكل فرصة نادرة ليعلن فيها أشد المعارضين هدنة بينهم، بينما يقوم الرئيس بعرض رؤيته للمستقبل.
وقال السيناتور الجمهوري روي بلانت على صفحات “نيويورك تايمز”، إن الرئيس تمنع عن ذكر كلمة واحدة عن إجراءات عزله، لأنه يعتقد “أنها فرصة للمضي قدما”، وأضاف أنه يتعين على ترامب “تجنب” كلمة “أنا”.
لكن محللين آخرين اعتبروا تجاهل ترامب لمحاكمته وإجراءات عزله  في خطابه، محاولة أيضا لتهدئة الأجواء بتجنب الحديث عن موضوع العزل كليا، تماما كما فعل بيل كلينتون في خطابه عن حال الاتحاد عام 1999 بعد محاكمة عزله. 
ولكن بالرغم من أن إجراءات العزل ستنتهي مع التصويت على الحكم اليوم يقول الديمقراطيون إنهم سيستمرون في ملاحقة ترامب.
وقالت فال ديمينغز، إحدى المدعين في محاكمة العزل أمام مجلس الشيوخ: إن “الجرائم الدستورية للرئيس ترامب وجرائمه بحق الشعب الأميركي والأمة لا تزال
مستمرة”.
من جهته قال آدم شيف، رئيس الادعاء في المحاكمة: “المؤامرة مستمرة، المخطط مستمر والخطر لن يتراجع” داعيا الجمهوريين إلى “النطق بالحقيقة المروعة”.
 
استفزاز
بعد انتهاء ترامب من كلمته أمسكت بيلوسي نسخة من أوراق الخطاب ومزقتها أمام الكاميرات .
ويبدو أن ترامب استفز رئيسة مجلس النواب الديمقراطية نانسي بيلوسي، التي تنتقده وتهاجمه بشدة، عندما تجاهل يدها التي مدت لمصافحته قبل أن يبدأ خطابه.
وكانت هذه المرة الأولى التي يواجه فيها ترامب بيلوسي ألد خصومه السياسيين، منذ خروجها من اجتماع في البيت الأبيض، قبل أربعة أشهر.
وعندما قال ترامب في خطابه إن الديمقراطيين يخططون لإجبار “دافعي الضرائب الأميركيين على توفير رعاية صحية مجانية غير محدودة للأجانب غير الشرعيين”، أظهرت بيلوسي امتعاضها وقالت مرتين بصوت غير مسموع: “هذا غير صحيح”.
وبعد انتهاء ترامب من كلمته أمسكت بيلوسي نسخة من أوراق الخطاب ومزقتها خلفه وأمام الكاميرات.
ومع هذا رفعت بيلوسي يديها للإشادة بترامب أكثر من مرة، بما في ذلك عندما روج لمشروعه المفضل لاستثمار البنية التحتية، وهو مجال محتمل للتعاون بين الحزبين. 
 
مواقف متباينة
ووجه ترامب دعوات خاصة لثمانية أشخاص لحضور الخطاب، بينهم اثنان من المحاربين القدامى، وزعيم المعارضة في فنزويلا، خوان غوايدو، وشقيق رجل قُتل على يد مهاجر غير شرعي.
وقبل خطاب ترامب أعلن سبعة نواب من الحزب الديمقراطي، من بينهم ألكساندر أوكاسيو كورتيز وآيان بريسلي، مقاطعة الجلسة وعدم الحضور.
وقالت النائبة بريسلي في بيان: “إنه (ترامب) لا يجسد المبادئ والمسؤولية والنعمة ولا النزاهة المطلوبة من الرئيس”.
وبعد خطاب ترامب ألقت حاكمة ميشيغان الديمقراطية غريتشين ويتمر خطابا للرد على ترامب امام الكونغرس، ثم خطاب آخر بالأسبانية من النائبة عن ولاية تكساس فيرونيكا إسكوبار. 
وردت الديمقراطية غريتشن ويتمر، حاكمة ولاية ميشيغان، على خطاب حالة الاتحاد، واستهلت حديثها بأنها موجودة “ في مدرسة ابنتيّ شيري وسيدني.. نحن هنا مع أسر وولاة أمور ومعلمين، والأهم مع طلاب، سأحتاج إلى أكثر من 10 دقائق بكثير لأرد على ما قاله الرئيس للتو “، وأضافت “ لكن بدلا من الحديث عما قاله، سأبرز ما يفعله الديمقراطيون، قد تسمعون قول أحدهم، لكن لتعرفوا الحقيقة، راقبوا أفعاله “.
وأضافت ويتمر أن الناس خلال حملتها طلبوا منها إصلاح الطرق التي كانت تتلف سياراتهم وتضعهم في خطر، وأن ذلك يتطلب مالا سيتسبب بنقص في مبلغ الإيجار وحضانة الأطفال والمواد التموينية.
وشددت بالقول: “نحن الديمقراطيين نفعل أشياء بخصوص ذلك. في إيلينوي، قام الحاكم جي بي بريتزكر بتمرير خطة بتكلفة عدة مليارات لإعادة بناء طرقهم وجسورهم”.
وبحسب تعبيرها، فإن “الديمقراطيين في جميع أنحاء البلاد يبنون الجسور ويصلحون الطرق ويوسعون شبكة الإنترنت وينقون مياه الشرب. الجميع في هذه البلاد مستفيد عندما نستثمر في البنية 
التحتية”.
واتهمت الحاكمة الديمقراطية الجمهوريين بأنهم هم من يضع العراقيل أمام حزبها، قائلة: “الديمقراطيون في الكونغرس يقدمون مقترحات لنبقى متقدمين نحو الأمام، لكن الرئيس ترامب والجمهوريين في مجلس الشيوخ يغلقون الطريق”.
وأردفت “التنمر على تويتر لا يبني الجسور، بل يحرقها”.
وفي ما يخص الرعاية الصحية، قالت ويتمر: “كل ديمقراطي يترشح للرئاسة لديه خطة لتوسعة رقعة الرعاية الصحية لتشمل جميع الأميركيين”.
وأوضحت “قد يملكون خططا مختلفة، لكن الهدف واحد، والرئيس ترامب، للأسف، لديه خطة مختلفة، فهو يطلب من المحاكم التخلص من تلك الحماية”. وعلى حد تعبيرها، فإن “الأمر بسيط، الديمقراطيون يحاولون جعل رعايتكم الصحية أفضل، والجمهوريون في واشنطن يحاولون التخلص منها”.
وفي شأن الرعاية الصحية، تابعت ويتمر “الحقيقة هي أنه ليس كل شخص في أميركا لديه وظيفة مع رعاية صحية ومنافع، والحقيقة أن الكثيرين لديهم وظائف لا توفر حتى ما يكفي لتغطية مصروفاتهم الشهرية”.
وبشأن البورصة وأسواق المال، التي قال ترامب إنها تشهد ارتفاعات كبيرة منذ انتخابه، قالت: “ لا يهم ما يقوله الرئيس عن البورصة، ما يهم هو أن الملايين من الناس يعانون للحصول على المال أو لا يوجد لديهم ما يكفي منه نهاية الشهر بعد دفع مواصلاتهم، وقروضهم الدراسية، والأدوية الموصوفة”.
أما في ما يخص العمل والأجور، فأشارت حاكمة ميشيغان إلى أن العمال قد تضرروا، وأضافت “في ولايتي، ولدى جيراننا في وسكنسن وأوهايو وبنسلفانيا وفي جميع أنحاء البلاد، هناك ركود في الأجور، بينما ترتفع أجور المدراء بشكل سريع”.
وتساءلت “لذلك، عندما يقول الرئيس إن الاقتصاد قوي، فسؤالي هو: قوي بالنسبة لمن؟”، مضيفة “هل هو قوي بالنسبة للأثرياء، الذين يجنون المكافآت من التخفيضات الضريبية التي لا يحتاجون إليها؟
الاقتصاد الأميركي بحاجة لأن يكون قوة من نوع آخر”.
 
استطلاع للرأي
ويجتاز الرئيس الأميركي فترة جيّدة عمومًا، فتبرئته شبه المؤكّدة اليوم أمام مجلس الشيوخ حيث يُحاكم بتهمة استغلال السلطة وعرقلة عمل الكونغرس، تُثبت أنّ الحزب الجمهوري جاهز لدعمه.
وقد أظهر أحدث استطلاع للرأي أعدّه معهد غالوب ونُشر قبل ساعات من خطاب حال الاتّحاد أنّ ترامب نال نسبة 49 بالمئة من التأييد، وهو أعلى مستوى يُسجّله منذ وصوله إلى السلطة في كانون الثاني
 2017.
وما يزيد من الظروف المؤاتية للرئيس، هي الانتخابات التمهيديّة للحزب الديمقراطي المنافس التي انطلقت في ولاية أيوا وانتهت بفشل مدوّ أتاح له البقاء تحت الأضواء في مركز اللعبة السياسيّة، وهو الموقع المفضّل
لديه.