التصعيد في إدلب يلقي بظلاله على العلاقات التركية – الروسية

قضايا عربية ودولية 2020/02/05
...

اسطنبول / فراس سعدون
 
ألقى التصعيدُ العسكري في محافظةِ إدلب، شمالي سوريا، بين الجيشين السوري والتركي، عبر تبادل القصف المميت، بظلاله على العلاقات التركية – الروسية المحكومة بمصالح سياسية وعسكرية وتجارية كبيرة. 
وحدث التصعيد بعد قتل القوات السورية 7 عسكريين من الأتراك ومدنيا، في قصف طال القوات التركية في محيط إدلب، وقتل هذه القوات 13 عسكريا سوريا على الأقل في رد على القصف.
وتنشر تركيا 12 نقطة مراقبة في محيط إدلب، بموجب اتفاق مع روسيا لخفض التوتر والتصعيد في المنطقة.
وواصل الجيش التركي إرسال تعزيزات لنقاط المراقبة ووحداته المنتشرة في أراضي سوريا وعند الحدود معها.
وسبق التصعيد الأخير تحشيد عسكري تركي كبير يهدف إلى منع تقدم القوات السورية المدعوم روسياً للسيطرة على مواقع ستراتيجية جديدة في محافظة إدلب، عقب استعادتها معرة النعمان ثاني أكبر مدينة في المحافظة سوى مركز إدلب آخر معقل لمعارضي دمشق، والفصائل المسلحة المدعومة من أنقرة، فضلا عن جماعات مصنفة إرهابية.
 
تهديد تركي
وهدد الرئيس التركي، رجب طيب اردوغان، القوات السورية في حال لم تضع حدا لتقدمها الميداني في إدلب، كما هدد بالرد المباشر على أي هجوم يستهدف العسكريين الأتراك وحلفاءهم في سوريا.
وقال اردوغان، خلال كلمة، أمام الكتلة البرلمانية لحزب العدالة والتنمية الحاكم في أنقرة "إذا لم ينسحب النظام السوري وراء نقاط المراقبة في شهر شباط، فإن تركيا ستكون مضطرة لأداء هذه المهمة بنفسها". وأضاف أن "قواتنا الجوية والبرية ستتحرك في جميع مناطق عملياتنا، وفي إدلب عند الحاجة، وستنفذ عمليات عند الضرورة".
وذكر اردوغان "سيتم الرد أيضا على أي هجوم على جنودنا والعناصر الصديقة التي نعمل معها، بصرف النظر عن انتماء المصدر، ومن دون أي انذار". وعدّ الهجوم على العسكريين الأتراك في سوريا "ميلاد مرحلة جديدة".
وأوردت وكالة الأنباء الرسمية السورية (سانا) تصريحا لمصدر عسكري قال فيه إن "وجود القوات التركية هو وجود غير قانوني ويشكل عملا عدائيا صارخا"، مؤكدا أن "القوات المسلحة على أتم الاستعداد للرد الفوري على أي اعتداء من قبل هذه القوات".
ووصف اردوغان اتفاق التهدئة مع الروس في إدلب بأنه غير فعال ولا يطبق بشكل جيد، مشيرا إلى أن التوقع الوحيد منهم هو "فهم الحساسيات في سوريا بشكل 
أفضل".
 
ماذا قال اردوغان لبوتين ؟
وأخبر الرئيس التركي نظيره الروسي، فلاديمير بوتين، بأن مهاجمة القوات التركية في سوريا "صفعة للجهود المشتركة لتحقيق السلام في سوريا".
وقالت الرئاسة التركية، في بيان، إن اردوغان أبلغ بوتين أيضا، في اتصال هاتفي بينهما، بأن "تركيا ستواصل استخدام أشد الوسائل في حقها المشروع للدفاع عن نفسها ضد الهجمات المماثلة".
وقال الكرملين، في بيان عن الاتصال نفسه، إن بوتين واردوغان اتفقا على اتخاذ إجراءات فورية لتحسين تنسيق تحركات البلدين في سوريا، والالتزام باتفاقات إدلب التي تضع تصورا لزيادة التعاون من أجل تحييد المتطرفين.
ونقلت وسائل إعلام تركية عن قسطنطين كوساتشوف، رئيس لجنة الشؤون الدولية في مجلس الدوما (البرلمان) الروسي، قوله إن موسكو قلقة بشدة إزاء الوضع في إدلب، وإن الموقف فيها يضغط كثيرا على الاتفاقات الروسية – التركية.
 
موقف أميركي
وعبر مايك بومبيو، وزير الخارجية الأميركي، عن دعم واشنطن لأنقرة في تصديها للهجوم الأخير على قواتها.
وأفاد بومبيو في بيان "نقف بجانب تركيا، حليفتنا في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، في أعقاب الهجوم الذي أسفر عن مقتل عدة جنود أتراك يخدمون في موقع مراقبة يستخدم للتنسيق وخفض التصعيد"، متابعا "ندعم بشكل كامل تحركات تركيا المبررة للدفاع عن نفسها، ردا 
على ذلك".
تحذير تركي لأوروبا
وحذر عمر جليك، المتحدث باسم حزب العدالة والتنمية التركي الحاكم، أوروبا من آثار تداعيات إدلب على القارة، فضلا عن تأثيرها في الاتفاقات مع روسيا، معتبرا الهجوم على نقطة المراقبة التركية في سوريا "هجوما على الاتفاق بين تركيا وروسيا".
وقال جليك في مؤتمر صحفي "نحذر الجميع من وجود خطر موجة هجرة أكبر من سابقاتها ستطال أوروبا كلها في حال لم يتم أخذ تحذيرات تركيا على محمل الجد بخصوص إدلب". وتلوح تركيا لأوروبا، بين وقت وآخر، بفتح الحدود أمام المهاجرين إذا ما تعرضت لأي موجة هجرة جديدة من سوريا، وسط تزايد أعداد النازحين من إدلب صوب الحدود التركية.
وأغرقت تركيا أوروبا بأكثر من مليون مهاجر توجه عدد كبير منهم إلى ألمانيا ودول غرب القارة عام 2015.
وتزامن التحذير التركي لأوروبا مع مباحثات هاتفية جرت بين اردوغان، وأنجيلا ميركل، المستشارة الألمانية، بشأن التطورات في سوريا وليبيا، بحسب بيان لدائرة الاتصال في الرئاسة التركية.
وتناقلت وسائل إعلام تركية تصريحات لديفيد سوانسون، المتحدث الإقليمي باسم مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة، قال فيها "منذ الأول من كانون الأول نزح نحو 520 ألف شخص من منازلهم، 80 بالمئة منهم نساء وأطفال".
 
مطالبة أممية
وطالب انطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، بوقف الهجمات التركية – السورية في إدلب معبرا عن القلق إزاء التصعيد الأخير.
وقال غوتيريش في مؤتمر صحفي "يجب وقف الأعمال الحربية قبل تصعيد يؤدي إلى وضع يخرج تماما عن السيطرة"، مردفا "نحن قلقون خصوصا إن الجيش التركي والجيش السوري يتبادلان القصف".