لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي، وفي أكثر من دورة انتخابية، تطرح مشروع قانون الخدمة الإلزامية. وفي الأيام الأخيرة، طالعنا، في الأخبار والصحف العراقية، الدعوة لطرح مشروع القانون من جديد، على البرلمان، للتصويت عليه، وهو الأمر الذي حصل في الدورات السابقة. ويبدو أن هذا القانون لم يجد التوافق السياسي عليه أولا، وثانيا، وهو أمر مهم، أن البلاد تتجه لفكرة الجيوش المحترفة القائمة على المتطوعين وليس المجندين وهو الأمر الذي يسير عليه العراق منذ 2003 وحتى يومنا هذا.
علينا أن نناقش بهدوء ما الجدوى من هذا القانون؟ ربما البعض يقول إن الجيش مدرسة لإعداد الشاب العراقي والكثير منا يقول (الجيش مصنع الرجال) وهذه المقولة صحيحة بدرجة كبيرة جدا، لكننا وجدنا الشباب العراقي حين هبوا للدفاع عن العراق، عبر فتوى الجهاد الكفائي، وحققوا النصر المبين على التنظيمات الإرهابية، وأعمار هؤلاء المتطوعين بين 18 - 30 سنة، وهذا ما يعكس روحية الشاب العراقي المحب لوطنه والمخلص له والمضحي من أجله، وهو بالتالي يحمل بذور الرجولة وإن لم يكن منتميا للمؤسسة العسكرية، لأن طبيعة المجتمع العراقي وبيئته توفر له أجواء أن يكون رجلا بمعنى الكلمة.
وهذا يعني أن الشاب العراقي مستعد في أيّ لحظة للدفاع عن الوطن، سواء عبر استدعاء مواليده بشكل رسمي من قبل الدولة في حالة وجود خطر يهدد أمن البلد، أو من خلال خطبة جمعة كما حصل في 14 حزيران 2014، وذلك لوجود قانون فطري لدى كل العراقيين قائم على حب العراق والتضحية من أجله، وكما أشرنا هناك بيئة تساعد على ترسيخ قيم ومفاهيم الرجولة بشكل كبير جدا، وهو الأمر الذي يجعل الشاب العراقي قادرا على تحمل مسؤولية الدفاع عن الوطن في
أية لحظة.
أما إذا نظر البعض لقانون الخدمة الإلزامية على إنه فرصة عمل للشباب العراقي من عمر 18 سنة، فإنه يمكن أن تكون فرص العمل هذه موجودة في الموازنة السنوية عبر خلق فرص عمل حقيقية لهؤلاء الشباب عبر تشغيل مئات بل آلاف المصانع المتوقفة عن العمل في عموم العراق من دون الحاجة لاستدعائهم لأداء الخدمة العسكرية الإلزامية مقابل رواتب قد تنهك الميزانية العراقية، لأنهم سيكونون مستهلكين وليسوا منتجين لأنهم بعد انتهاء فترة خدمتهم سيعودون عاطلين عن العمل كما كانوا سابقا من جانب، ومن جانب آخر يمكن توظيف هؤلاء في الشواغر التي حدثت في الكثير من دوائر الدولة بموجب تعديل قانون التقاعد الأخير لا سيّما أن الإحصائيات تقول ثمة أكثر من 200 ألف درجة وظيفية وفرها هذا التعديل، وبرواتب ربما أقل من رواتب الجيش مع وجود انتاجية حقيقية
وتقادم في الخبرة.
من هنا نجد أن مشروع قانون الخدمة الالزامية غير ضروري للعراق الذي يمتلك جيشا وشرطة وصنوفا أخرى يصل تعدادها المليون مقاتل وربما أكثر من ذلك، وهناك رغبة متواصلة للتطوع من قبل
الشباب العراقي!