بعد تكليفه كرئيس للوزراء، هل سيتمكن السيد محمد علاوي من مواجهة تحديات تشكيل الحكومة وتحقيق الاصلاح المنشود؟ هل سيتمكن من ارضاء المتظاهرين من خلال إجراءات وخطوات مقنعة تجعله أهلا لثقتهم وتأييدهم
للإجابة على هذه التساؤلات، لا بد من القول، أولا، إن حكومة السيد محمد علاوي ستكون أمام تحديات عديدة ولن يكون الطريق أمامها معبدا، لا سيّما أنها ستكون تحت مجهر الشعب والمتظاهرين والمرجعية، بل العالم لأنها ستلعب دور طوق النجاة للوضع السياسي والأمني والاقتصادي في العراق.
أمّا التحديات التي سيكون على السيد علاوي مواجهتها فهي كثيرة، ومنها الضغوطات من قبل القوى السياسية في تشكيل الحكومة، ولقد أبدى السيد علاوي تخوفه من هذا الأمر وأعلن بصراحة أنه سيلجأ الى الشعب وإلى المتظاهرين في حال تعرض لهذا الضغط، ومن هنا يصبح من المنطقي على القوى السياسية عدم الضغط أو تقديم الاملاءات والشروط المسبقة على السيد علاوي لأنها ستكون في مواجهة الشعب
والمرجعية.
من جانب آخر ستكون على الحكومة الجديدة مواجهة الوضع الاقتصادي المتردي والموروث السيئ لسنوات التجربة السياسية التي اعتمد فيها العراق، في دخله الوطني، على الاقتصاد الريعي من خلال الاعتماد على تصدير النفط فقط لرفد موازنة الدولة والابتعاد عن دعم المنتوج الوطني ما يجعل الحكومة الجديدة أمام تحدٍ كبير لإصلاح الاقتصاد العراقي وهذا يتطلب سنوات طويلة قد تتجاوز عمر
الحكومة الجديدة.
التحدي الآخر الذي لا يقل أهمية وخطورة عن التحديات السابقة، هو التدخلات الاقليمية والدولية في الشأن العراقي، فالبعض يحاول أن يجعل من العراق ساحة لتسوية المشاكل والصراعات بين قوى اقليمية ودولية. وإن هذه الأطراف الخارجية ستجد نفسها أمام ضرورة أن يكون لها رأي في تشكيل الحكومة وتحديد خيارات العراق الستراتيجية القادمة.
وربما لا نبالغ إذا ما قلنا إن هناك تحديات كثيرة أخرى، منها حصر السلاح بيد الدولة
إضافة إلى ملف مهم للغاية وهو محاولات التعطيل التي يمارسها البعض في المؤسسة التشريعية والتي تهدف الى تعطيل السياقات الدستورية التي توصلنا إلى حل البرلمان والذهاب نحو انتخابات مبكرة حرصا من قبل البعض على إبقاء البرلمان الحالي أطول فترة ممكنة وتعطيل الآليات التي تؤدي إلى حله، ونحن هنا لا نطالب بحل البرلمان قبل استكمال التشريعات المطلوبة، بل نطالب بالمضي في تلك الاجراءات من دون تعطيل أو تاخير .
وأخيرا، نقول، ونحن على أبواب مرحلة جديدة: إننا لا بد أن نعترف بأخطاء التجربة السابقة والاتفاق على أن التوافقات والمحاصصة والشراكة المبنية على التوزيع الطائفي والقومي والحزبي للمناصب قد أثبتت فشلها في العراق وساهمت في تعطيل مشروع
بناء الدولة.
وعلى أيّة حكومة قادمة أن تعمل على تصحيح أخطاء التأسيس والعمل على بناء عملية سياسية جديدة تعتمد الكفاءة والنزاهة بدلا من التوزيع القومي والطائفي والحزبي لنضمن حكومة قادرة على تحقيق مطالب
المتظاهرين .