اسطنبول / فراس سعدون
واصلت القوات المسلحة التركية تعزيز مواقعها العسكرية في سوريا، وسط تهديدات بالرد على أي استهداف جديد لتلك المواقع، عقب مقتل 7 عسكريين ومدني من الأتراك، الاثنين الماضي، بقصف مدفعي سوري في إدلب أعقبه رد تركي مماثل أوقع قتلى ومصابين، في تصعيد خطير بين الجانبين. ويطوق الجيش السوري أكثر من نقطة تركية، بعد سيطرة قواته على مدينة سراقب الستراتيجية في إدلب، ضمن أحدث مكاسب التقدم الميداني المدعوم روسياً
عقب استعادة معرة النعمان ثاني أكبر مدينة في المحافظة سوى مركز إدلب آخر معقل لمعارضي دمشق، والفصائل المسلحة المدعومة من أنقرة، فضلا عن جماعات مصنفة إرهابية.
وتعمل أنقرة على وقف هذا التقدم دبلوماسيا أيضا، عبر محاولة استئناف التفاوض مع الروس بشكل مباشر، أو في مسار أستانا / سوتشي، فضلا عن توليد ضغط دولي ضد دمشق وموسكو.
تعزيز عسكري
وذكر التلفزيون الرسمي التركي أن الجيش التركي زود نقاط المراقبة في محافظة إدلب، شمالي سوريا، بقوات وآليات عسكرية ولوجستية.
وينشر الجيش التركي 12 نقطة مراقبة في محيط إدلب، بموجب اتفاق مع روسيا لخفض التوتر والتصعيد في المنطقة.
وأفاد التلفزيون الرسمي بأن أرتالا عسكرية محميّة بشكل مشدد حملت قوات كوماندوز، و200 آلية وقطعة عسكرية، على أقل تقدير، بينها مدافع، وناقلات جنود مدرعة، وأسلحة متوسطة وخفيفة وأعتدة إلى نقاط المراقبة في إدلب.
تهديد عسكري
وتوعدت وزارة الدفاع التركية بالرد الشديد على أي هجوم جديد يستهدف نقاط المراقبة في إدلب.
وقالت الوزارة، في بيان بعد إرسال التعزيزات العسكرية: إن نقاط المراقبة قادرة على حماية نفسها بالأسلحة والأعتدة الموجودة لديها، في إطار حق الدفاع عن النفس.
وهدد العقيد أولجاي دنيزر، مدير التخطيط والتنسيق والتحليل في الوزارة، بالرد الفوري على مهاجمة نقاط إدلب. وقال دنيزر، في المؤتمر الصحفي الأول لوزارة الدفاع هذا العام، إن “من الآن فصاعدا سيتم الرد على أي نوع من الهجمات بشكل مناسب، وستواصل نقاط المراقبة مهامها”. وتواجه تركيا مشكلات في مناطق أخرى من سوريا، وعلى رأسها محور رأس العين تل أبيض الذي سيطرت عليه عسكريا في تشرين الأول الماضي عبر العملية المعروفة تركيا باسم “نبع السلام”. وأعلنت الدفاع التركية مقتل جندي وإصابة 4، في حصيلة أولية، ضمن “محور نبع السلام”. وقالت الوزارة في بيان “في 8 شباط 2020، وأثناء انقلاب سيارة في منطقة عملية نبع السلام، أصيب 5 من رجالنا، وعلى الرغم من كل التدخلات، لم يفلح إنقاذ أحد الشهداء الأبطال من بين المصابين الذين نقلوا إلى المستشفى”.
الكفاح بعد الدبلوماسية
ولوّح فخر الدين ألتون، رئيس دائرة الاتصال في الرئاسة التركية، بالعمل على اتخاذ جميع الخطوات اللازمة لتحقيق الأهداف التركية في سوريا.
وكتب ألتون في تغريدة على تويتر “واصلنا جهودنا لصالح الحل السياسي والدبلوماسية، وكما هو حال تركيا دائما، ضد المأساة الإنسانية في سوريا”. وأضاف “بعد ذلك سنواصل الكفاح من أجل الاستقرار في المنطقة من خلال اتخاذ جميع الخطوات اللازمة”.
ونشر ألتون مع تغيردته فيديو دعائيا تحت عنوان “تركيا مفتاح السلام” يتناول الحرب السورية ودور تركيا فيها.
التمسك بأستانا وسوتشي
وكشف إبراهيم كالن، المتحدث باسم الرئاسة التركية، عن إمكان عقد اجتماع جديد في إطار مسار أستانا الخاص بسوريا الشهر المقبل.
وتوصلت تركيا مع كل من روسيا وإيران في إطار مساري استانا وسوتشي، إلى اتفاق لإعلان إدلب منطقة خفض تصعيد وتوتر ووقف إطلاق نار خرق لمرات عديدة.
وقال كالن، في مؤتمر صحفي، إن “منطقة خفض التصعيد هي التي حددناها على وفق اتفاقيتي أستانا وسوتشي، ولا حديث عن تغييرها”. وأضاف “لا يمكن أن نقبل بتغير حدود منطقة خفض التصعيد”.
وتغيرت ملامح هذه المنطقة مع التقدم الميداني السوري – الروسي حتى أن نقاط المراقبة التركية، التي نشرت في المنطقة بموجب الاتفاق، صار بعضها خلف خطوط القوات
السورية.
وحدد الرئيس التركي، رجب طيب اردوغان، الأسبوع الماضي، مهلة لانسحاب القوات السورية من منطقة نقاط المراقبة التركية. ونبّه على أنه”إذا لم ينسحب النظام السوري وراء نقاط المراقبة في شهر شباط، فإن تركيا ستكون مضطرة لأداء هذه المهمة بنفسها”. وأردف أن “قواتنا الجوية والبرية ستتحرك في جميع مناطق عملياتنا، وفي إدلب عند الحاجة، وستنفذ عمليات عند الضرورة”.
وكرر كالن تهديد اردوغان “لقد رؤوا كيف كان ردنا عندما يتعلق الأمر بتهديد يستهدف جنودنا، وعلى النظام (السوري) أن يعلم جيدا أننا لن نترك أي تهديد يطول جنودنا من دون رد”. وواصل “من الآن فصاعدا أي خطأ سيرتكبه (النظام السوري) تحت ذريعة محاربة الإرهاب والإرهابيين ستكون له عواقب وخيمة للغاية”.
وتواصل أنقرة، وسط التهديدات، فتح قنوات اتصال عسكرية ودبلوماسية مع موسكو وطهران بشأن إدلب.
وسبق لمولود جاووش أوغلو، وزير الخارجية التركي، إعلان ترقب زيارة وفد عسكري روسي إلى تركيا لبحث تطورات إدلب، كما ألمح إلى إمكان اجتماع اردوغان ونظيره الروسي، فلاديمير بوتين، لإيجاد مخرج للصدام والتقاطع الحالي في سوريا.
وحث المتحدث باسم الرئاسة التركية المجتمع الدولي على تحمل مسؤولياته في سوريا إزاء تهديد الاتفاقات السياسية والأمنية من جهة، وتجاه تفاقم مأساة سكان إدلب واضطرار الآلاف منهم للنزوح صوب الحدود التركية، هربا من نيران المعارك، الأمر الذي يدفع تركيا لبناء المزيد من مواقع الإيواء المؤقتة عند الحدود، بإسهام من ألمانيا، في ظل رفضها تحمل أعباء المزيد من السوريين.
وتحاول ألمانيا دعم تركيا قدر المستطاع في مساعدة النازحين السوريين، بدل أن تفتح لهم الحدود مع أوروبا ليشكلوا تهديدا جديدا للقارة العجوز.