خرافة التكنوقراط والمستقلين
آراء
2020/02/09
+A
-A
حمزة مصطفى
في بريطانيا يكاد يتطابق الأمر تماما عبر حزبين رئيسين هما "العمال والمحافظون". وكلا الحزبين يخوضان الصراع نفسه بالآليات والأدوات نفسها منذ عقود. ومثلما خاض الديمقراطيون والجمهوريون في الولايات المتحدة الأميركية معركة عزل ترامب، فقد خاض العمال والمحافظون معركة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي "بريكست". المعركة كانت في غاية الصعوبة والتعقيد لكن في النهاية نجح بوريس جونسون ذو الأصول الشركسية من الفوز بالأغلبية في الانتخابات البرلمانية ونفذ ما تعهد به وذلك بخروج بريطانيا من القارة العجوز نهاية الشهر الماضي. في ألمانيا التي تحكمها سيدة حديدية هي إنجيلا ميركل، والتي تتشابه مع سيدة حديدية حكمت بريطانيا في الثمانينيات وشطر من تسعينيات القرن الماضي، مارغريت تاتشر، تتحكم قواعد اللعبة الديمقراطية بين حزبها اليمين الوسط مع الأحزاب الرئيسة في بلادها. لا يختلف الأمر كثيرا في فرنسا أو النمسا أو السويد أو هولندا. بل حتى في بعض التجارب الديمقراطية في العالم الثالث، فإن اللعبة الديمقراطية تقوم على أساس واحد وهو أحزاب سياسية تتداول السلطة في ما بينها عن طريق تمثيل برلماني تحكمه صناديق الاقتراع. بعضها قد يشكل حكومة لوحده أو يتآلف مع حزب آخر أو حزبين فيشكلان حكومة ائتلافية. يحصل هذا حتى في إسرائيل قبل أن تدخل معركتها السياسية الآن بين حزب الليكود بزعامة نتيناهو وحزب العمل أو حزب أزرق أبيض، معركة كسر عظم أدت بهما الى إجراء ثالث انتخابات برلمانية في عام واحد. بعد أن استعرضنا هذه التجارب وهناك عشرات أخرى مثلها أو مقاربة لها، فإن السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: لماذا نبدو نحن في العراق مختلفين عن الآخرين؟ لماذا تخوض أحزابنا الانتخابات كل أربع سنوات ويحصل ما يحصل في ما بينها من حروب ومعارك وتسقيط ومال سياسي، وعندما نريد أن نشكل حكومة نقول: قفوا؟ لماذا؟ نريد أن نشكل حكومة مستقلين وتنكوقراط؟ إذاً، لماذا أجرينا انتخابات؟ بل لماذا نتقاتل حتى نفوز في الانتخابات وبعد الفوز يجري اقصاؤنا من المعادلة السياسية تحت ذريعة التكنوقراط والمستقلين، أو لأن كتلتين أو أكثر تتفقان على تشكيل حكومة "من جوة عباية الديمقراطية" ولا يضمنان نجاحها أو يتعهدان بذلك؟ في الديمقراطيات لا يوجد مزاح ولا أمزجة. أنت إمّا أن تكون ديمقراطيا تتقبل النتائج فوزا أو خسارة وتبني عليها سلوكك القادم في العمل السياسي، وإمّا ألا تؤمن بقواعد العمل الديمقراطي فتفصح عن ذلك بحيث تذبحها على قبلة التكنوقراط والمستقلين من دون "دوخة رأس" المفوضية والقانون والانتخابات و"طلعت الصناديق ودخلت الصناديق انفرزت الصناديق احترقت الصناديق" شني هاي؟