البحث عن مخرج للموازنة

اقتصادية 2020/02/09
...


محمد شريف أبو ميسم 
 
بات قانون موازنة العام 2020، مرتبطا بسلسلة من التوقيتات الزمنية ذات الصلة بالتوافقات على الكابينة الوزارية للحكومة الجديدة، ومن ثم التصويت عليها في مجلس النواب، ما قد يعني المزيد من الوقت ونحن الآن في الشهر الثاني من السنة المالية، الأمر الذي سينعكس سلبا على الخطة المالية الرامية إلى تدوير عجلة الاقتصاد الكلي في تحقيق أهدافها. 
وإذا ما كان الشق التشغيلي يعتمد على صلاحية حكومة تصريف الأعمال، في الصرف بنسبة 1 إلى 12 بحسب المادة -13- من قانون الإدارة المالية رقم 6 لسنة 2019، فإن الصرف في الشق الاستثماري للموازنة يمكن أن يكون من التخصيص السنوي للمشاريع الاستثمارية المستمرة والمدرجة تخصيصاتها خلال السنة المالية السابقة بحسب القانون الجديد، وبما يسهل على حكومة تصريف الأعمال مهمة تجنيب المشاريع المستمرة من الاندثار، وتعريضها للخسائر بموجب طلب الوزارات ذات العلاقة إلى مجلس الوزراء وهذا ما لم يكن موجودا في قانون الإدارة المالية والدين العام رقم 95 لسنة 2004 الذي وضعه الحاكم المدني “بول بريمر” والذي استمر العمل به حتى شهر آب من العام الماضي، وهو التاريخ الذي نشرت فيه جريدة الوقائع العراقية نص القانون الجديد.
بيد أن النفقات الاستثمارية على المشاريع الجديدة ستبقى معطلة، ما لم تتقدم حكومة تصريف الأعمال، بطلب يمكن أن تجد له الجهات القائمة مخرجا قانونيا يجيز مخاطبة مجلس النواب الحالي للتصويت على اعتماد البيانات المالية للسنة السابقة كأس للبيانات المالية لهذا العام، من أجل المصلحة العامة وعدم تعطيل مصالح الناس، وتجنب مخاطر هذا التعطيل الذي يمكن أن تنسحب آثاره على حركة السوق جراء ما سيسببه من انكماش اقتصادي نحن في غنى عنه، وفي هذا التوجه ثمة سند قانوني اعتمادا على ما ورد في قانون الإدارة المالية الجديد، الذي “اعتبر البيانات المالية النهائية للسنة السابقة أساسا للبيانات المالية لهذه السنة بمجرد إقرارها في مجلس النواب”، وبالتالي يمكن أن يكون الأمر يسيرا أمام البرلمان الحالي للدفع باتجاه تصريف أعمال الحكومة الحالية وتجنيب البلاد مزيد الخسائر التي قد تترتب على تأخير إقرار قانون الموازنة العامة لهذا العام. 
و لما كانت القوانين العامة تضم جملة من القواعد التي تستهدف المصلحة العامة، واستنادا إلى القاعدة القانونية “حيث ﻻ ﻣﺼﻠﺤﺔ ﻻ إﻣﻜﺎﻧﻴﺔ للتصرف”، فإن البحث عن المخارج القانونية التي تحقق مصلحة البلاد والعباد في هذه المرحلة الحرجة يعد عملا وطنيا بامتياز، فكيف الأمر والنصوص القانونية تجيز للقائمين فرصة لتجنيب البلاد المزيد من الخسائر المالية، في بلد تشكل فيه الموازنة العامة نحو 45 بالمئة من الناتج المحلي الاجمالي.
ومن خلال المعطيات التي نشهدها، فإن انتظار ولادة قانون موازنة العام 2020 والركون إلى فكرة عدم التصرف في البحث عن مخارج قانونية تعتمد مصلحة البلاد، سيفضي وبالضرورة لمزيد من التداعيات السلبية على المشهد الكلي، الأمر يحّمل القائمين على هذا الأمر مسؤولية السعي باتجاه البحث عن هذه المخارج.