الدهون البنية ... امكانية الإسهام في تنحيف الجسم

من القضاء 2020/02/12
...

بغداد/ الصباح 

يمثل تراكم الدهون في الجسم مشكلة كبيرة للكثيرين، ويرغب العديد من الناس في تقليل نسبتها في أجسادهم للحصول على أجسام رشيقة، لكن الأبحاث الطبية الحديثة قد تقلب بعض افتراضاتنا وقناعاتنا السائدة حول الدهون رأسا على عقب.يعتقد علماء الآن، أن هناك نوعاً من الدهون المخبأة داخل أجسامنا قد يساعد في جعلنا نحاف القامة. ويسمى هذا النوع الدهون بـ “الدهون البنية»

وتحرق الخلايا الدهنية البنية الطاقة لتنتج الحرارة في الجسم عندما نشعر بالبرد، على عكس الدهون البيضاء التي تخزن الطاقة.
ويمكن أن تنتج الدهون البنية حرارة أكثر بـ 300 مرة من أي نسيج آخر في الجسم. وكلما زادت الحرارة المنتجة، ازداد حرق السعرات الحرارية.
 
أين تكمن الدهون البنية ؟
يحتوي جسم الإنسان منذ ولادته على أماكن تُخزن فيها الدهون البنية التي تمثل أمرا حيويا لمساعدتنا في الحفاظ على أجسامنا دافئة عندما نكون أطفالا رُضعّا.واعتاد العلماء على الاعتقاد بأن الدهون البنية تختفي أو تتوقف عن العمل عند بلوغنا سن الرشد، إذ أن أجسامنا تطور طرقاً أخرى لتنظيم درجة الحرارة، كالارتعاش
 مثلاً.لكن الأبحاث الحديثة كشفت أن البالغين لا يزالون يمتلكون كميات صغيرة من الأنسجة الدهنية البنية الفاعلة، وخاصة حول منطقتي الرقبة والكتف.واكتشف الباحثون أيضاً، نوعاً ثالثاً من الدهون، تسمى “الدهون ذات اللون الرملي الشاحب”، (أي اللون البيج وسنستخدم هنا مصطلح الدهون الرملية في إشارة إلى لونها الرملي الشاحب). وتوجد هذه الدهون داخل جيوب من الدهون البيضاء في كل أجزاء الجسم. و تشير نتائج الاختبارات التي أجريت على الحيوانات والتجارب المختبرية التي أجريت باستخدام الخلايا إلى أنه يمكن تنشيط الدهون الرملية لتتصرف مثل الدهون البنية وتحرق السعرات الحرارية الزائدة المخزنة في الأنسجة الدهنية
 البيضاء. وعلى الرغم من أن قدرة هذه الدهون على حرق الطاقة أقل من الدهون البنية، إلا أن الباحثين يعتقدون أنه قد تكون نسبة الدهون الرملية في الجسم أكثر بكثير من الدهون البنية، لذلك يمكن أن يكون لها تأثير تراكمي عند تنشيطها. يعتقد الباحثون أنه قد تكون هناك طرق لزيادة قدرة حرق السعرات الحرارية للدهون البنية والرملية، والتي يمكن أن تساعد في تعزيز فقدان الوزن إذا ازداد إستهلاكنا للطاقة أكثر من
خزننا لها.
 
محفزات مختلفة 
ويعد البروفيسور مايكل سيموندز، من جامعة نوتنغهام أحد العلماء الرائدين في هذا النمط من البحوث. وأظهرت الدراسات السابقة التي أجريت في مختبر سيموندز أنه يمكن تحفيز الدهون البنية بواسطة محفزات مختلفة، مثل درجات الحرارة المنخفضة، ويمكن لهذا الأمر أن يزيد من استهلاك الطاقة عند البالغين.
وقد أرسلنا الدكتور زوي ويليامز، إلى نوتنغهام لاختبار ذلك باستخدام كاميرا للتصوير الحراري صممت لهذا الغرض. فتمكن البروفيسور سيموندز من تجسيد صور مرئية لمقدار الحرارة التي تنتجها الدهون البنية في جسم زوي.ارتدى زوي بطانية خاصة يمكن التحكم بدرجة
 الحرارة فيها.
وقد ضُبطت الحرارة عند 15 درجة مئوية، أي ما يعادل برودة الماء المتدفق من الحنفية، فازداد إنتاج الحرارة الناتجة عن دهون زوي البنية بشكل ملحوظ.
نحن نعلم أن التعرض للبرد يُحفز الدهون البنية، لذا، بمجرد أن توجد في بيئة باردة، أو تسبح في ماء بارد، قد يساعد ذلك في تنشيط كلا من مخازن الدهون البنية والرملية
 في جسدك.
و”تدريب” الدهون البنية عن طريق التنشيط المتكرر، يُجبرها على أن تصبح أفضل في حرق الطاقة. بيد أن هذا النوع من “التدريب” سيتضمن عدة ساعات من التعرض اليومي للبرد على مدى أسابيع، وهو أمر قلّما نجربه نحن البشر، إن لم نتجنبه كليا. وأظهرت الأبحاث الحديثة أن بعض المكونات الغذائية مثل الفلفل والكافيين يمكن أن تحفز هذه الخلايا أيضاً على حرق الطاقة في ظروف
 المختبر.
 ولكن هناك حاجة إلى مزيد من البحث قبل أن نعرف تأثير المكونات الغذائية على الدهون البنية والرملية
 في الواقع.
 
هل هناك فوائد
 أخرى للدهون البنية؟
إن وجود الكثير من الدهون البيضاء في الجسم، قد يزيد من خطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني وأمراض القلب. بيد أن الدهون البنية توجد بكميات أقل بكثير في أجسامنا، وتؤدي زيادة كمياتها في أجسامنا إلى تحسن عملية الأيض التي تنتج أجسامنا عبرها الطاقة الضرورية لحياتنا وصحتنا. وإلى جانب دورها في زيادة استهلاك الطاقة، مما قد يساعد في تعزيز فقدان الوزن، 
تمتلك الدهون البنية القدرة على تحليل الكلوكوز والليبيدات، لا يزال هذا البحث في مراحله الأولى، ولكن 
العلماء يعتقدون أن زيادة كمية أو نشاط الدهون البنية قد تساعد في مكافحة مرض السكري عن طريق تحسين تنظيم نسبة الغلوكوز في 
الدم.
قد لا تروق لمعظم الناس فكرة الاستحمام بالماء البارد أو تناول الفلفل الحار! لكن البحث عن أفضل طريقة لزيادة الدهون البنية والرملية في أجسامنا، لا يزال في مرحلة مبكرة، وسنكتشف ونتعلم المزيد في هذا الشأن في 
السنوات المقبلة.