{كورونا} وأثره في أسواق الأوراق الماليَّة العالميَّة

اقتصادية 2020/02/12
...

تومي ستبنغتون
ترجمة: بهاء سلمان
اجتاحت حالة انتعاش أسواق السندات عبر الشهر الماضي، موسعة الحصيلة العالميَّة للسندات ذات العائدات السلبيَّة إلى أكثر من 13 ترليون دولار، ومربكة المستثمرين الذين كانوا يراهنون على عائدات أعلى. وكانت المخاوف المصاحبة لتفشي فيروس كورونا في الصين قد دفعت المستثمرين الى بيع أصول ماليَّة محفوفة بالمخاطر بشكل هائل خلال الأيام الأخيرة، ليمحوا بذلك نحو 1,4 ترليون دولار من قيمة الأسهم والأوراق الماليَّة العالميَّة منذ منتصف شهر كانون الثاني الماضي، وشراء كميات كبيرة من السندات الحكوميَّة الأكثر ضماناً.
ولامست عائدات السندات الأميركيَّة ذات العشر سنين انخفاضاً لثلاثة أشهر بنسبة 1,57 بالمئة يوم 28 كانون الثاني الماضي، عاكسة ارتفاعاً في الأسعار؛ ووصلت السندات الألمانيَّة ذات العشر سنين أوطأ مستوياتها منذ تشرين الأول الماضي بانخفاض بلغ 0,4 بالمئة، كما تعرّضت العائدات اليابانيَّة أيضاً للانخفاض خلال هذه السنة.
وتعيق حالة الاندفاع لشراء السندات الحكوميَّة إجراءات التصفية التي بدأت في الخريف الماضي بعد حصول تقدم في الاقتصاد العالمي، وتوقعات من نفاد الخيارات المحفّزة للمصارف المركزيَّة الحكوميَّة، ما أدى الى هجرة جماعيَّة من السندات ذات العائديَّة المتدنيَّة جداً. وتعرّض الكثير من المدراء الماليين، الذين لم يتوقعوا استمرار حالة المبيعات لغاية سنة 2020، لحالة من عدم الاستعداد وسط خضم تنامي المخاوف من تأثيرات الفيروس في الاقتصاد الصيني.
يقول نيك وول، المدير المالي لمجموعة ميريان غلوبال انفيسترز: "كان من المفترض أنْ تعمل حالة تدني النمو العالمي الى أقل مستوياتها بإطلاق العنان لموجة ازدياد النشاط الاقتصادي هذه التي ستشهد تصفية السندات، لكنْ مع سرعان ما ظهر من دليل على أنَّ ليس كل شيء يسير بشكل حسن، تخلى الناس عن تلك المصالح التجاريَّة بشكل سريع للغاية، حيث باع الكثير من المتداولين سنداتهم بسعرٍ منخفض".
 
استثمارات ومكاسب
ويؤكد انتعاش السندات الإغراء الدائم لكونها تمثلُ ثقل موازنة من الذي يدر المكاسب حينما تنحدر الاستثمارات الأكثر خطورة. يقول اندريا ايانيلي، مدير الاستثمار في مجموعة فيدلتي انترناشيونال: "تعدُّ سندات وزارة الخزينة الأميركيَّة إحدى أفضل بوليصات التأمين التي يمكن للواحد منا وضعها في محفظته؛ فعندما تحصل حالة فوضى لكل شيء، ستكون تلك السندات هي ما يرغب المرء بامتلاكه".
ويشير ايانيلي الى أنَّ مدير الأصول الماليَّة يفضل السندات الحكوميَّة الأميركيَّة، لأنَّ نظام الاحتياطي الأميركي سيمتلك حيّزاً لتخفيض نسبة الفائدة إذا ما أخذنا بنظر الاعتبار حالة الضعف في الاقتصاد الصيني بسبب فيروس كورونا، والتي حتماً ستؤثر في تنامي الاقتصاد العالمي وستعمل على تباطؤ إيقاعه.
وتبقى أسواق السندات حول العالم، نوعاً ما، بعيدة عن المستويات المفرطة التي وصلتها خلال شهري آب وأيلول من العام الماضي، عندما بلغت عائدات سندات أكثر من 17 ترليون دولار الى ما تحت الصفر بقليل. ومع ذلك، فإنَّ إجمالي ما جمع من تلك الحالة قد توسع الى أكثر من ترليوني دولار منذ منتصف كانون الثاني الماضي، كما أنَّ حجم وسرعة انتعاش السندات قد دفعت بالعائدات مرة أخرى الى مستويات تفترض ضمناً وجود نظرة قاتمة للاقتصاد العالمي، كما ترك حتى بعض المضاربين على السندات في حالة حذر.
وتعني الحركة في سوق الأوراق الماليَّة أنَّ منحنى العائدات الأميركيَّة قريبٌ من الانعكاس بالاتجاه الآخر، بمعنى أنَّ العائدات على المدى الطويل قد انخفضت لمستوى أدنى من عائدات المدى القصير، كما حصل في كثيرٍ من السنة الماضيَّة. في الماضي، كان مثل هذا الانعكاس يعمل كمؤشرٍ على حصول ركود اقتصادي قريب، بينما يعتقد غالبيَّة المستثمرين جازمين من جلبه لنمو متواضع، إنْ لم يكن بسيطاً.
يقول مايك ريدل، مدير الاستثمار في مجموعة اليانز غلوبال انفسترز: "عموماً، متى ما تكون هناك تصفية كبرى لسندات حكوميَّة سأكون من المشترين لها، لكننا نشعر بهبوط سوق السندات قليلاً بهذه المستويات. وإذا ما أخذنا بنظر الاعتبار اتجاه البيانات العالميَّة، يبدو الانتعاش مبالغاً فيه بعض الشيء، فيمكن للواحد منا تبرير ذلك من خلال القول بأنه بسبب فيروس كورونا تبدو آفاق النمو أكثر سوءاً بكثير، لكنني لست متيقناً من أنَّ هذا ما تفكر به الأسواق حقاً".
 
مجلة اوزي الأميركيَّة