ثوابتنا الوطنية

آراء 2020/02/14
...

وجدان عبد العزيز
 
نحن لا نجد مناصا من التعبير عن القراءة في فكرنا المعاصر، بأنها تعني التحليل والتأويل، كون ما يطرح الآن لا يمت إلى البراءة بصلة، لهذا فبعد القراءة، لا بد من إعادة ترتيب المفاهيم المستخلصة، كي نصل إلى توجيهها كمشروعات منتجة على أرض الواقع، وبهذا دخلت القصدية في كل مفاصل الحياة، فلم تكن القراءة مجرد متعة.
 أو وسيلة لتحصيل المعلومات فقط، بل أصبحت رافضة ولا يقر لها قرار، إلّا من خلال النقد والتحليل، لهذا فلم تعد الأعين والآذان آليات قراءة 
وحدها، بل أصبح التفكير الناقد ظهيرها، بمعنى حضور الوعي والإدراك لما يحيط موضوعة القراءة، كون المعارف آلت بها الظروف المعاصرة من ثالثوها المعروف بـ(الحق، والخير، والجمال) إلى سوق المنفعة والمصالح بعيداً عن أخلاقيات القلم والبحث عن الحقيقة، فما أحوجنا الآن إلى أن نمسك بأداة الفرز، ولا سيّما نحن نعيش عالم الأكاذيب والدس المزيف، ومحاولة تحطيم الثوابت، 
والانجرار وراء القدح والذم والتشويه من دون وجه حق من خلال العوالم الافتراضية، وهنا لا بد من حضور الوعي والنقد التحليلي، خوفا من السقوط في وحل الزيف والتسقيط، وبعد مشوار القراءة الواعية تأتي الكتابة، وهذه الأخيرة تعني 
تدوين الحقيقة المدركة الواعية، 
لنعلن بكل وضوح هذه ثوابتنا أيّها العالم، هذه لغتنا التي 
كتبنا بها بوعي القراءة، لا نغالط ولا نجافي حقيقة ثوابتنا 
الوطنية والاجتماعية، بعد أن أدركنا مصالحنا التي لا تتعارض مع مصالح غيرنا.
 ومثلما غيرنا يحترم ثوابته علينا احترام ثوابتنا بوعينا وإدراكنا مصالحَنا، كي نصل إلى حالة الاستنباط، والحجة الاستنباطية تشكل مقدماتها أساسا حاسما لصدق النتيجة بحيث ترتبط المقدمات بالنتيجة، فيستحيل أن تصدق المقدمات ولا تصدق النتيجة، وبهذا نكون قد أحضرنا وعينا في استيعاب التهويل واصطناع المتناقضات و(الخلط بين مقدمات صادقة ومحمولات كاذبة، وذلك بأشكال هندسية دقيقة تؤيدها بعض الفبركات والحيل الخبرية والمشاهد والصور المصطنعة والمستندات الزائفة والاستشهادات المغلوطة)، وحينما نجدُّ في طريق الوعي والادراك نحقق وعينا المثقف، ونكون قد ساهمنا بالحفاظ على ثوابتنا الوطنية والانسانية، وأدركنا معنى العولمة الثقافية، استدرجناها للحفاظ على قيمنا وثوابتنا الوطنية والقومية والانسانية، وكي نقف بكل قيافة الوطني الصادق، الذي همه الوحيد سلامة الوطن والمواطن، والحفاظ على مصالح العراق، لا بد لنا أن نتسلح بالوعي النقدي في الكتابة، لاستخراج الأداة الفارزة، التي تمكننا من تشخيص أعداءنا الحقيقيين من الأصدقاء، الذين تهمهم مصلحة العراق، ولا سيّما نحن نعيش مرحلة حساسة في تشخيص مصالحنا، وتعيين على وجه الدقة عدونا من صديقنا، فالعراق الوطن يستحق منّا نحن المثقفين أن نقف بحزم، وأن نخرج من عرين الصمت لنصرة العراق العزيز.
 إذ من خلال الوعي يتم إدراك الواقع والحقائق الّتي تجري من حولنا، وذلك عن طريق اتّصالنا مع المحيط الّذي نعيش فيه، واحتكاكنا به ممّا سيسهم في خلق حالة من الوعي لدينا بكلّ الأمور التي تجري وتحدث من حولنا، ممّا يجعلنا أكثر قدرة على إجراء المقاربات والمقارنات، كي نكون أكثر قدرةً على اتّخاذ القرارات، التي تخص المجالات والقضايا المختلفة التي تطرأ من حولنا..