الإعلام في خدمة المواطن

آراء 2020/02/22
...

د. محمد فلحي
 
يستند النظام الديمقراطي على ركائز من أهمها التواصل بين الحاكمين والمحكومين، فهناك عقد مشترك مفترض يربط بينهما وفق آليات الانتخاب والتمثيل السياسي. وقد تزامنت تجربة العراق الديمقراطية، في مطلع القرن الحادي والعشرين، مع ثورة تقنيات المعلومات التي يشهدها العالم كله، إذ سقطت حواجز المنع والرقابة، وسهّلت مواقع التواصل الاجتماعي عملية الاتصال والحوار الإنساني، وفتحت الأبواب والنوافذ المغلقة في هيكل النظام السياسي والإداري، فأصبح صوت الناس مسموعا لحظة بلحظة من قبل القادة والمسؤولين، الذين لم يعد من الحكمة تحصنهم في قلاع موصدة.
الإعلام الحكومي مصطلح قد يتضمن معنيين مختلفين وهما:
-1المؤسسات الإعلامية التابعة للحكومة أو الدولة من حيث الإدارة والتمويل، وتمثلها في الوقت الحاضر شبكة الإعلام العراقي، وهيئة الإعلام والاتصالات، في حين تعد المؤسسات الإعلامية الأخرى (قنوات تلفزيونية وإذاعية وصحف ومواقع ألكترونية) ذات صفة خاصة مرتبطة بأحزاب سياسية، أو منظمات أو شخصيات وهي تزعم الاستقلالية في عملها دائماً.
2 - المكاتب الإعلامية ومكاتب الإتصال والعلاقات العامة التابعة لدوائر الدولة المختلفة، مثل رئاسة الجمهورية ومجلس الوزراء ومجلس النواب والهيئات المستقلة والوزارات والجامعات وغيرها، وهذه المكاتب الإعلامية تقوم بعدة أدوار تواصلية وواجبات إعلامية، تسهم في ترابط مفاصل الهيكل السياسي من القمة إلى القاعدة الشعبية.
دور الإعلا م الحكومي يستند إلى ضرورة زيادة مساحة الفهم والتفاهم بين الحاكم والمحكوم، وهو الواجهة التي يطّلع من خلالها المواطن على توجهات الدولة ومخططات الحكومة وإنجازاتها فضلاً عن الخدمات الإدارية الحديثة التي تسهل حياة الناس من خلال البوابات الألكترونية، ومن المؤسف القول إنّ الإعلام الرسمي كان وما زال متهماً من قبل كثير من المواطنين بالتقصير وعدم التناغم مع متغيرات المجتمع، وهناك مقارنة غير عادلة مستمرة بين الخطاب التقليدي للإعلام الرسمي وجاذبية الإعلام الخاص غير الرسمي ومرونته.
 يمكن تقديم الكثير من الخدمات للجمهور من خلال تفعيل دور الإعلام عبر المكاتب الإعلامية التي تعد قنوات اتصال مهمة بين الإدارات والمؤسسات الحكومية وجمهورها، وهي تقدم خدمات إعلامية وإرشادية وتوعوية وتنموية مهمة في ظل النظام الديمقراطي القائم على الإقناع وليس الإكراه أو الخداع، وإنّ من أهمّ واجبات هذه المكاتب مخاطبة الجمهور والتأثير في الرأي العام من خلال وسائل الإعلام المتاحة كافة، ومن هنا تبرز أهمية التعاون والتكامل والتنسيق بين المكاتب الإعلامية والمؤسسات الإعلامية المختلفة في تمرير الرسالة الرسمية إلى الجمهور المعني. إنّ دور المكاتب الإعلامية يجب أن يتضمن الإنتاج والبث والنشر الإعلامي وليس العمل الإداري النمطي، أو الإجابة على الشكاوى والمقترحات فقط، وضرورة مراعاة تعدد الأدوار الإعلامية، والتفريق بين هذه الواجبات فالعمل في هذه المكاتب ينبغي أن يتضمن خطاباً متعدد الأنواع، خطابا إخباريا، وخطابا توعويا، وخطابا دعائيا، وخطابا إعلانيا، ولكل من هذه المجالات أهدافه ووسائله وجمهوره.
  تعد العلاقات العامة الداخلية والخارجية من ضمن الواجبات التي تتولاها المكاتب الإعلامية، في الأغلب، لكنها لا تعتمد الطرق العلمية في كيفية مخاطبة الجمهور المستهدف، وهي تتداخل عادة مع الخطاب الإعلامي، رغم أنّها يفترض أن تعنى بدراسة الجمهور وخصائصه واتجاهاته ورغباته، والعمل على فتح قنوات متعددة بين المؤسسة وجمهورها وفق خطط منظمة، واستخدام كل وسائل النشر والبث المقروء والمسموع والمرئي والإعلام الالكتروني الجديد المتعدد الوسائط والتفاعلي، فضلاً عن اعتماد المعايير المهنية والعلمية في إدارة المكاتب الإعلامية وأقسام العلاقات العامة، من خلال اختيار الإعلاميين المتخصصين الموهوبين.
 إنّ نجاح الإعلام بصورة عامة، والرسمي بصورة خاصة، ينبع من الإلتزام بتطبيق المعايير المهنية والأخلاقية ومواثيق الشرف الإعلامي في صياغة الخطاب الوطني، وكسب الجمهور عبر المصداقية والموضوعية وليس من خلال التحيّز أو التحريض أو المبالغة في التمجيد السياسي.