أوروبا تعرض خطتها بشأن {الذكاء الاصطناعي}

علوم وتكنلوجيا 2020/02/26
...

بروكسل/ أ ف ب
 
كشف الاتحاد الأوروبي الاسبوع الماضي عن خطة تحركه في مجال الذكاء الاصطناعي والبيانات من أجل تعويض تخلفه عن الولايات المتحدة والصين، مع تشديده على صون حقوق المواطنين.
ويعدُّ هذا القطاع الستراتيجي جداً، تكنولوجيا المستقبل التي ستؤثر في حياة المواطنين اليومية من السيارات الموصولة إلى تقنية التعرف على الوجوه.
 
ثورة الانترنت
ويدرك الاتحاد الأوروبي أنه فوت ثورة الانترنت الأولى التي أدت إلى بروز شركات أميركية عملاقة في هذا المجال من أمثال "غوغل" و "فيسبوك" وصينية أيضا مثل "تنسنت"، فأراد هذه المرة أن يلعب دورا مركزيا في تحديد قواعد اللعبة.
وبهذا الصدد، عرضت المفوضية الأوروبية خطتها حول "الذكاء الاصطناعي مع مسارات تحرك.
فبعد مشاورات تستمر حتى 19 أيار وتشمل كل الأطراف النشطة في هذا المجال من شركات ونقابات ومجتمع مدني وحكومات الدول الأعضاء، تأمل في تقديم اقتراحات تشريعية بحلول نهاية السنة الحالية.
وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين خلال مؤتمر صحافي: "نريد أنْ يحظى استخدام هذه التكنولوجيات الجديدة بثقة مواطنينا، نحن نشجع على نهج مسؤول على صعيد الذكاء الاصطناعي يركز على الإنسان".
وقالت نائبة رئيسة المفوضية الدنماركية مارغريت فيستاغر: "الذكاء الاصطناعي ليس سيئاً أو جيداً بحد ذاته فكل شيء رهنٌ بطريقة استخدامه والهدف منه".
 
معركة البيانات الصناعيَّة
وتشدد بروكسل على أهمية احترام حقوق المواطنين الأساسية وتحذر خصوصا من اعوجاجات في برمجيات التوظيف ما قد يؤدي إلى تمييز.
وأضافت المفوضية أنَّ أنظمة الذكاء الاصطناعي العالية الأخطار مثل الصحة، يجب أنْ تحصل على شهادات وتخضع لتجارب وإشراف كما الحال مع السيارات ومساحيق التجميل والألعاب.
وعلى صعيد تقنية التعرف على الوجوه التي تثير مخاوف من انتهاك خصوصية الأفراد، تريد المفوضية الأوروبية فتح نقاش أولاً لتحديد الظروف التي يمكن في إطارها السماح بها.
وقالت فيستاغر: "نهجي لا يقوم على جعل أوروبا مثل الصين أو الولايات المتحدة، خطتي تهدف إلى جعل أوروبا أكثر اتساقاً مع نفسها".
وفي مجال البيانات وهي "وقود الذكاء الاصطناعي"، يريد الاتحاد الأوروبي أن يصبح طرفاً رائداً في هذا المجال.
وقال المفوض الأوروبي للشؤون الصناعية الفرنسي تييري بروتون "لقد كسبنا جميعا في أوروبا معركة البيانات" الصناعية.
وقد خسرت أوروبا معركة البيانات الشخصية أمام الولايات المتحدة والصين إلا أنها تريد أن تكسب معركة البيانات الصناعية التي تربط السلع والمنتجات في ما بنيها بفضل وصول الجيل الخامس.
 
ورقة رابحة
وبفضل شركاتها الكبيرة الناشطة في كل القطاعات، تملك أوروبا قاعدة بيانات كهذه، ما يشكل ورقة رابحة لا يملكها الأميركيون. وتهدف بروكسل من خلال ذلك إلى تشكيل "سوق أوروبية واحدة" يتم فيها تعزيز أمن البيانات الصناعية وليس الشخصية، بما في ذلك السرية منها والحساسة، وحيث يمكن للشركات والقطاع العام الحصول على كم كبير من البيانات ذات النوعية، بسهولة في سبيل الابتكار.
وقالت المفوضية الأوروبية "سيشكل ذلك مكانا تحترم فيه كل السلع والخدمات المستندة إلى البيانات، قواعد الاتحاد الأوروبي وقيمه".
وعلى غرار "النظام الأوروبي العام لحماية البيانات" الذي يعزز حق مستخدمي الانترنت وبات يُستشهد به في الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية، يريد الاتحاد الأوروبي فرض معايير جديدة تستحيل مرجعا دوليا في هذا المجال.
 
تحديث برمجيات
وبهدف تنظيم قطاع متنام تهيمن عليه الولايات المتحدة والصين إلى حد كبير، ستمهد المفوضية الأوروبية السبيل لوضع قواعد للتعامل معه.
وبعد التشاور مع كل العاملين في القطاع، الشركات والنقابات والمجتمع المدني وحكومات الدول الأعضاء الـ27، تأمل المفوضية في تقديم مقترحات تشريعية بحلول نهاية العام.
وتعتبر تقنية التعرف على الوجوه ضمن الجموع من أكثر المواضيع حساسية. وأقرت نائبة رئيس المفوضية الأوروبية المسؤولة عن التكنولوجيا الرقمية مارغريث فيستاغر بأن "ما رأيته في هونغ كونغ أخافني حقا".
وأضافت أنه خلال الاحتجاجات هذه ضد بكين، "تلقى الناس رسالة على هواتفهم الذكية تقول "نحن نعلم أنكم هنا، وربما عليكم العودة إلى منازلكم". هذا لا يدعم حرية الاجتماع أو التعبير".
وأصرت وزيرة المال الدنماركية السابقة، وهي تسهر أيضا على شؤون المنافسة في الاتحاد الأوروبي أيضا، على ضرورة ألا يفيد أي تنظيم مستقبلي الشركات الكبيرة فقط على حساب الشركات الصغيرة والمتوسطة.
وقالت "علينا إيجاد طرق حتى تتمكن الشركات الصغيرة الطموحة التي ترغب في العمل في هذه المجالات من القيام بذلك".
 
وقود البيانات
لكن مع الذكاء الاصطناعي، تريد أوروبا أن تكون لاعبة وليس مجرد مشرفة على تنظيم القطاع، كما قالت فيستاغر.
وتابعت "إذا أردتم أن يكون لكم رأي في الموضوعات التي تعتبرونها محفوفة بالأخطار، فيجب أن تكونوا قادرين على القيام بها بأنفسكم".
ومن بين الاقتراحات التي تعتزم المفوضية تقديمها، نظام وضع علامات طوعية للشركات التي تحترم قواعد الاتحاد الأوروبي وقيمه في ما يتعلق بالذكاء الاصطناعي.
وفي إطار "الميثاق الأخضر"، ستطرح مبادرة بهدف جعل مراكز البيانات أكثر كفاءة في استخدام الطاقة وجعلها عديمة الكربون بحلول العام 2030.