بغداد/ زينب صاحب
في حياتنا قد نقابل بعضاً من الأشخاص الذين يعانون من التأتأة والتلعثم بالكلام وصعوبة النطق بالشكل السليم، وفي الغالب نتعاطف معهم ونحاول فهم وضعهم حتى نعتاد عليه ونتأقلم معه، بحيث يمكن أنْ نتجاوز حالتهم، ولا نعدّها نوعاً من العيوب فتصبح عاديَّة جداً، إلا أنَّ البعض منهم قد يتعرض للتنمر والسخريَّة من قبل الآخرين، سواء كانوا من الأهل أو الأصدقاء حتى لو تحت حجج المزاح، وهذا ما يجعلهم ينفرون من التعامل مع المجتمع بصورة طبيعيَّة تلقائيَّة لأنه يعيق تصرفاتهم فتبدو حياتهم صعبة، لا سيما إذا اكتسبوا تلك الصفة منذ الطفولة.
معلمتي القاسية
يقول محمد نوري 25 عاماً: "لا أذكر تحديداً متى بدأتُ أتلعثم بالكلام ربما منذ أنْ تعرضت للقسوة من معلمتي في الابتدائيَّة ست سعدية، وفي أحد الأيام طلبت مني الحل على السبورة وما إنْ شعرت بحرارة كفيها اللذين راحت تصفعني بهما صفعاً مبرحاً لأنني اخطأت في الإجابة على أسئلتها ومن لحظتها وأنا من شدة خجلي وصدمتي من هذا الموقف الذي جعل طلاب الشعبة تتعالى قهقهاتهم عليَّ الى يومنا هذا وأنا لا أستطيع النطق بحرف إلا وصعد قلبي الى صدري من شدة الارتباك وتلكأت بالنطق، ولذا غالبا ما تتسبب في وضعي بمواقف محرجة سواء في حياتي الدراسيَّة أو الاجتماعيَّة أو العمليَّة، ولم أستطع التغلب على هذه الحالة رغم محاولاتي المستمرة لعلاجها".
رحيل أبي
عانت الشابة زهراء منذ عمرالعشر سنوات من التلعثم بعد أنْ فارق والدها الحياة أمام عينيها إثر حادث صحي مفاجئ تقول: "في يومٍ جميلٍ ذي شمس ساطعة ونسمات هوائيَّة عذبة قرر والدي اصطحابنا معه في نزهة لأحد الأماكن العامة وأخذنا معنا أكلة كل العراقيين (الدولمة) وقضينا أوقاتاً ممتعة هناك وفي طريق العودة وإذا بقيادة والدي أخذت تسوء وتتأرجح بنا السيارة وما هي إلا لحظات ورحنا نصرخ وننادي بصوتٍ واحد بابا بابا انتبه ولكنْ من دون رد فقد توفي والدي بشكلٍ مفاجئ بعد تعرضه لسكتة قلبيَّة وكاد يودي بحياتنا جميعاً لولا تدخل أمي السريع في إيقاف السيارة ومن خوفي وصدمتي لم أستطع التكلم بشكل صحيح على إثر ذلك الحادث وصار التلعثم جزءاً من حياتي منذ ذلك الحين وبعد أنْ كبرت بدأتُ ألجأ الى طبيب مختص وما زالت المحاولة قائمة الى الآن لعلي أحصل على علاجٍ للشفاء".
وراثة
أفراد أسرة أم أحمد يعانون من التأتأة لسببٍ وراثي لا غير فأحد أبنائها واثنتين من بناتها بل وحتى حفيدها الصغير يتكلمون بصعوبة بالغة ويتألمون كثيراً من سخريَّة بعض الناس منهم أثناء التجمعات الأسريَّة أو لقاءات الأصدقاء وقد تحدثت إحدى بناتها عن هذه المعاناة: "أقدمت يوماً على وظيفة إلا أنهم رفضوني بسبب التلعثم.. بكيت كثيراً يومها إلا أنني لا ألومهم فالحق معهم، الوظائف تحتاج الى شيء من اللباقة وحسن التعامل وكيف بي أنْ أستقبل الزبائن وأنا بالكاد أتكلم، لا اعتراض على حكم ربي فهذا ما ورثناه من والدتي رحمها الله".