قـادة أوروبـا يـبـحثـون أزمـة الـلـجـوء

قضايا عربية ودولية 2020/03/03
...

انقرة / وكالات
 
 
وسطَ اشتدادِ الازمةِ في سوريا ومع اعتدالِ الجو نوعا ما بدأت مخاوف جدية من ازمة نزوح جديدة للمهاجرين بحثا عن مكان آمن بعيدا عن اتون الحرب المشتعلة في سوريا، وتزامنا مع فتح انقرة ابوابها امام المهاجرين الراغبين باللجوء الى دول اوروبا، يعقد وزراء داخلية الاتحاد الأوروبي اجتماعا طارئا اليوم الأربعاء، لبحث تداعيات قرار تركيا فتح حدودها أمام اللاجئين إلى أوروبا، في خطوة قد تحدث أزمة لجوء جديدة.
 
وكشفت مصادر مطلعة  عن أن الاجتماع قد يبحث أيضا سبل دعم اليونان وبلغاريا في ضبط الحدود الخارجية للاتحاد.
وسبق أن دعا وزير الداخلية النمساوي كارل نيهامر دول الاتحاد إلى تنسيق الجهود لتأمين حدود الاتحاد الخارجية ومنع تكرار التدفق الجماعي للاجئين إلى أوروبا على غرار ما حدث في عام 2015.
وكانت  وكالة "رويترز" ذكرت الأسبوع الماضي، أن السلطات التركية أصدرت تعليمات للشرطة وخفر السواحل والمعابر الحدودية بعدم إيقاف اللاجئين السوريين المتوجهين إلى أوروبا. 
 
موقف الاتراك
في المقابل دعا وزير خارجية تركيا مولود تشاووش أوغلو الأوروبيين لتحمل المسؤوليات بعد تجاهلهم أزمة اللاجئين على مدى سنين، وذلك ردا على انتقادات أوروبا لأنقرة بشأن فتحها الحدود أمام المهاجرين. 
وبعد أن شدد مسؤولون أوروبيون، بينهم وزير الخارجية الألماني هيكو ماس، على ضرورة مواصلة تركيا الالتزام بمسؤوليتها وفق اتفاق اللاجئين المبرم مع الاتحاد الأوروبي، كتب تشاووش أوغلو عبر "تويتر" أمس إن الأوروبيين أغمضوا أعينهم على مدى سنين تجاه أزمة اللاجئين، متسائلا: "ألم يحن بعد وقت تحمل المسؤوليات؟" على حد تعبيره.
وتابع تشاووش أوغلو: "عزيزي هايكو ماس، كان بودي أن أصدق كلامك، لكن ليتك تستطيع الحديث إلى أصدقائك اليونانيين. فهم يقتلون حاليا المهاجرين على حدودهم بوحشية" حسب وصفه وتذكيرا لنظيره الألماني بمسؤوليات الاتحاد الأوروبي، كتب تشاووش: "أي وعود لتركيا التزم بها الاتحاد الأوروبي يا هيكو ماس، لم يصل حتى نصف المليارات الستة الموعودة للسوريين، ولم يبدأ القبول الطوعي (للمهاجرين)، ولم يسهم بإنشاء المنطقة الآمنة (في سوريا).
وأضاف: "لا يمكننا أن نجبر من يرغبون بالرحيل على البقاء. أغمضتم أعينكم على مدى سنين، ألم يحن بعد وقت تحمل المسؤوليات".
وبدأ تدفق المهاجرين إلى الحدود الغربية لتركيا، اعتبارا من مساء الخميس الماضي، عقب تداول أخبار بأن أنقرة لن تعيق حركة المهاجرين باتجاه أوروبا. 
وأعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن بلاده ستبقي أبوابها مفتوحة أمام اللاجئين الراغبين بالتوجه إلى أوروبا، مؤكدا أن تركيا لا طاقة لها لاستيعاب موجة هجرة جديدة في خضم تفاقم التوتر في إدلب السورية.
 
احصائية رسمية
بدوره كشف وزير الداخلية التركي، سليمان صويلو، أن عدد المهاجرين غير النظاميين، الذين عبروا الأراضي التركية إلى اليونان بلغ حتى صباح امس الثلاثاء، 130 ألفا و469 مهاجرا. وقال الوزير التركي في تغريدة على "تويتر"   "اعتبارا من الساعة 09.15 من صباح الثلاثاء، وصل عدد المهاجرين غير النظاميين، الذين عبروا الأراضي التركية إلى اليونان 130 ألفا و469 مهاجرا". 
 
حماية مؤقتة
في الوقت نفسه، قال رئيس دائرة الاتصال بالرئاسة التركية، فخر الدين ألطون،   إن أنقرة تواصل منح الحماية المؤقتة للسوريين الراغبين بالبقاء، لكنها لن تمنع من يرغب بمغادرة البلاد. 
 
عمليات يونانية
وفي وقت نفذ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تهديداته بفتح حدود بلاده أمام المهاجرين الراغبين بالتوجه إلى أوروبا. آلاف من المهاجرين المقيمين في تركيا توجهوا مباشرة للحدود مع اليونان، ما حدا بالسلطات اليونانية لتشديد إجراءاتها الحدودية ومنع أي محاولة للعبور "بشكل غير شرعي". أما على جزيرة ليسبوس، تحركت مجموعات من السكان الغاضبين المناهضين لمخيمات المهاجرين على جزيرتهم، محاولين منع قوارب المهاجرين من الرسو على شواطئهم. 
وتواجد المهاجرين على الحدود أدى بالسلطات اليونانية إلى رفع درجة جهوزيتها واستنفارها، ودفعت بتعزيزات إضافية من الشرطة والجيش إلى المنطقة لمنع أي محاولات عبور من قبل المهاجرين.
ولم يقتصر الأمر على الحدود البرية، حيث قام أكثر من ألف مهاجر بمغادرة سواحل مدينة إزمير التركية، المواجهة لجزيرة ليسبوس اليونانية، باتجاه الجزيرة، وفقا لخفر السواحل اليوناني الذي سير دوريات مكثفة في المنطقة لإغاثة أي قوارب تحتاج للمساعدة.
انتشال جثة طفل
في الوقت نفسه أعلن خفر السواحل اليوناني امس عن انتشال جثة طفل، وإنقاذ 46 مهاجراً بعد انقلاب قاربهم قبالة جزيرة ليسبوس اليونانية. وتدخل خفر السواحل اليوناني بعد انقلاب قارب نحو الساعة (5,30 ت غ) قبالة سواحل الجزيرة الواقعة في بحر إيجه.
وأكد المسؤول أن "46 شخصاً خرجوا سالمين"، لكن جرى انتشال طفل "فاقد للوعي" ولم تنجح محاولات إنعاشه، بينما نقل طفل ثان إلى المستشفى. ولم يقدّم تفاصيل حول سنّ الطفل أو جنسيته.
بدوره قال مانوس لوغوتيسيس، مسؤول وكالة اللجوء اليونانية، قال لوكالة الأنباء الفرنسية إنه وصل نحو 1300 طالب لجوء خلال اليومين الماضيين إلى الجزر اليونانية الخمس في بحر إيجه القريبة من تركيا، في ارتفاع كبير في أعدادهم منذ قرار أنقرة فتح حدودها أمام المهاجرين.
وقال لوغوتيسيس: "الارتفاع في عدد الوافدين كبير، فقد انتقلنا من معدل 200 أو 300 مهاجر في الأسبوع، إلى ما بين 500 و800 في الأيام الأخيرة". 
 
"عودوا إلى تركيا"
إلا أن بعض سكان الجزيرة، من المعارضين أساسا لخطة الحكومة اليونانية بإقامة مراكز استقبال مغلقة على جزر شرق بحر إيجة، توجهوا إلى سواحل الجزيرة محاولين منع قوارب المهاجرين من الرسو هناك. وقامت مجموعة منهم بمنع نحو 50 مهاجرا من الرسو بزورقهم بعد أن قضوا عدة ساعات في عرض البحر وسط صيحات "عودوا إلى تركيا".
أما في ميناء ثيرمي، فقد منع سكان غاضبون وصول قوارب مهاجرين، بعضها كان يحمل العديد من القاصرين، من النزول إلى الشاطئ، وسط إهانات وجهت إلى الممثل المحلي للمفوضية العليا لشؤون اللاجئين.
بينما أفاد مصور وكالة الأنباء الفرنسية بأن نحو 70 من طالبي اللجوء كانوا لا يزالون على الشاطئ مساء من دون بطانيات.
ولم تتوقف الأمور عند هذا الحد، حيث قامت مجموعة من السكان الغاضبين بمهاجمة الصحافيين والمصورين وضربهم وإلقاء كاميراتهم في البحر.
 
ازمة انسانية 
اما عن الوضع في مخيم موريا، المخيم الأكبر ضمن جزر شرقي بحر إيجة الخمس والذي يضم أكثر من 19 ألف مهاجر وطالب لجوء، لم يكن أفضل. إذ قامت مجموعة من السكان بقطع الطريق المؤدي إلى المخيم، لمنع الباصات التي كانت تقل مهاجرين ممن تم إنقاذهم من البحر من إيصالهم إلى المخيم. واستخدم السكان السلاسل الحديدة والحجارة وشتى أنواع العوائق لمنع الحافلات من إكمال طريقها، وسط غياب شبه تام لقوات الشرطة، بحسب أحد المهاجرين الشهود من المكان.
طالبو لجوء عبروا لمهاجر نيوز عن خوفهم مما آلت إليه الأمور على الجزيرة. 
وقال هشام، مهاجر فلسطيني من غزة،   إنه واسرته "محبوسون في الخيمة. لا نجرؤ على الخروج حتى ضمن المخيم. الوضع شديد التوتر هنا، كما هو في الخارج".
أما محمد، وهو مهاجر سوري في مخيم كاراتيبي على ليسبوس أيضا، فقال "هناك مظاهرات حاليا داخل المخيم وصدامات مع الشرطة، نحن لا نريد البقاء هنا، هذا ما على السكان الغاضبين أن يعرفوه. وجودنا هنا ليس بإرادتنا. نريد أن نكمل طريقنا إلى أوروبا ولكن الحكومة اليونانية تمنعنا. عليهم الإسراع بالبت بطلبات لجوئنا كي تنتهي هذه المأساة".
إحراق مخيم سابق لطالبي اللجوء بينما أضرم السكان المتجمهرون النار في المركز الذي احترق بشكل جزئي.
وكانت المفوضية العليا للاجئين تدير هذا المركز قبل ان  يتم إغلاقه نهاية كانون الثاني الفائت، وكان يستقبل المهاجرين مؤقتا قبل أن يتم نقلهم إلى مركز آخر في الجزيرة.