إعداد/ الأسرة
في آذار يحتفل العالم باليوم العالمي للمرأة، إذ أقامت منظمة الأمم المتحدة حملتها هذا العام تحت شعار (أنا جيل المساواة.. أعمال حقوق المرأة) بهدف جمع الأجيال المقبلة من القيادات النسائيَّة والفتيات ونشطاء المساواة بين الجنسين مع المدافعين عن حقوق المرأة. إذ تقيّم المنظمة التقدم الذي أحرزه العالم في ما يتعلق بحقوق المرأة والمساواة بين الجنسين، وذلك بمناسبة مرور 25 عاماً على إعلان بكين في المؤتمر العالمي الرابع المعني بالمرأة، والذي يعد خارطة الطريق للنهوض بأوضاع النساء والفتيات.
ازدواج الأدوار
ويحتفل الحدث بصانعي التغيير من جميع الأعمار والأجناس، ويناقش كيف يمكنهم بشكل جماعي معالجة الأعمال غير المكتملة المتمثلة في تمكين المرأة في السنوات المقبلة، مع التأكيد على أنَّ العام 2020 محوريٌّ للنهوض بالمساواة بين الجنسين ويمثل فرصة لا تفوَّتْ لتعبئة العمل العالمي لتحقيق ذلك في جميع دول العالم، وعلى رأسها بالطبع الدول العربيَّة.
ويقول نشطاء إنَّ النساء في العصر الحديث، رغم حصولهن على قدرٍ أوفر من التعليم وفرصٍ أكثر نسبياً للحصول على دخل مادي، إلا أنهن يعانين من ازدواج الأدوار وفقر الوقت بسبب استمرار تحملهن للقدر ذاته من الأعباء المنزليَّة.
قيمة منخفضة
وتقرُّ المنظمة بأنه رغم إحراز بعض التقدم «إلا أنَّ التغيير الحقيقي كان بطيئاً بشكلٍ مؤلم بالنسبة لغالبية النساء والفتيات في العالم». وأنه «لا يمكن لبلدٍ واحدٍ أنْ يدعي أنه حقق المساواة بين الجنسين بالكامل».
تبقى العقبات المتعددة من دون تغيير في القانون وفي الثقافة، ولا تزال النساء والفتيات يعانين من قيمة منخفضة، يعملون أكثر ويكسبون أقل ولديهم خيارات أقل، وتجربة أشكال متعددة من العنف في المنزل وفي الأماكن العامة. علاوة على ذلك هناك تهديدٌ كبيرٌ بتراجع المكاسب النسائيَّة التي تحققت بشق الأنفس، وهذا ما تكشفه الأرقام والإحصائيات المتعلقة بالمرأة عالمياً، وبالطبع عربياً.
مفاهيم متوارثة
إذ أنَّه في العام 2020 ما زال الوطن العربي يرزح تحت وطأة مفاهيم كثيرة متوارثة، لم تستطع ثورات الربيع العربي وكل الزلازل السياسيَّة والاجتماعيَّة والأمنيَّة التي خلخلت المنطقة خلال العشر سنوات الماضية من تغييرها، أو حتى توفير قدرٍ كبيرٍ من الانفتاح تجاهها.
ووفقاً لمنظمة الأمم المتحدة للمرأة، تتعرض نحو ثلث النساء حول العالم لأحد أشكال العنف الأسري أو الجنسي، وتزيد النسبة قليلاً في العالم العربي لتصل إلى 37 في المئة، وقد تصل نسبة النساء المعنفات في بعض الدول إلى 70 في المئة، كما تتعرض 133 مليون امرأة على مستوى العالم لعملية الختان، وتصل النسبة في مصر مثلاً إلى 92 في المئة من الفتيات، أما بالنسبة للزواج المبكر، فقدرت المنظمة نسبة الفتيات العربيات المتزوجات أقل من 18 عاماً بنحو 14 في المئة.
ساحة ذكوريَّة
وتشير البيانات التي نشرتها المنظمة خلال شهر شباط الماضي إلى أنَّ حصول الفتيات على قدرٍ أكبر من التعليم لم يقابله قدرٌ متساوٍ من المشاركة في سوق العمل، خاصة القطاعات الخدميَّة والمهن الأقل أجراً، ورصدت المنظمة أنه في الدول النامية تحديداً، تظل النساء رهناً للعمالة المنزليَّة غير المدفوعة أو زهيدة الأجر، وتظل قطاعات، مثل العلوم والبحث العلمي، ساحة ذكوريَّة إلى حدٍ كبيرٍ، إذ تلجأ نحو 30 في المئة فقط من الفتيات عالمياً لدراسة العلوم والرياضيات، كما أنَّ نسبة النساء ضمن الباحثين على مستوى العالم تقل عن 30 في المئة.
مناصب الرئاسة
التقدم الأبرز كان في ساحة التعليم، فتكشف إحصائيات البنك الدولي لدول الشرق الأوسط عن أنَّ نسبة التعليم بين النساء بلغت 87.7 في المئة عام 2018، مقارنة بـ 81.3 في المئة عام 2000. وخلال العشر سنوات الأخيرة حصل تقدمٌ ملموسٌ بخصوص حق المرأة بالتعليم، وإنْ كانت هناك نسبة قليلة لا تزال ترى أنَّ التعليم العالي يكتسب أهمية أكبر لدى الرجل من المرأة، لكنَّ هذا التقدم لا تقابله زيادة فرص النساء في سوق العمل، إذ بلغت نسبة البطالة 17.7 في المئة عام 2018، مقابل 17.2 في المئة عام 2000. في حين تراجعت نسبة البطالة بين الرجال في الشرق الأوسط من 10.9 في المئة عام 2000 إلى 7.8 في المئة عام 2018.
وسياسياً، توجد حتى الآن عشر نساء فقط في مناصب الرئاسة، و13 امرأة في رئاسة الحكومات، وكلهن يتركزن في 22 دولة. كما لا تتعدى نسبة تمثيل المرأة في البرلمانات عالمياً 24.9 في المئة.
صناعة القرار
وفي الوقت الذي يتم فيه تسجيل بعض التقدم المتفاوت بخصوص بعض حقوق المرأة وأدوارها في المجتمع العربي، كحق التعليم والعمل وتولي المناصب السياسيَّة، يبقى التحجر سلاحاً مرفوعاً في وجه حقوق أخرى كالميراث والسفر وصناعة القرار ضمن الأسر.
وبحسب نتائج نشرها موقع مشروع الباروميتر العربي لعام (2018 – 2019) ظهرت جليَّة مثلاً الاختلافات في النظرة إلى الحقوق، ففي حين إنَّ غالبية من شاركوا في الدراسة يدعمون حق المرأة بالطلاق يرى هؤلاء أنفسهم أنَّ الأزواج هم من يجب أنْ يملكوا القرار الأخير في الشؤون الأسريَّة.
وما هو ملفت إنَّ النساء أنفسهن غير ممانعات بنسبٍ كبيرة لهذا التوجه، إذ ترى نسبة تصل إلى النصف وتتجاوزها أحياناً في بعض الدول أنْ يكون القرار الأخير للزوج في التخلي عن حق استقلال صناعة القرار.
ويبقى سفر النساء لوحدهن أحد أبرز المؤشرات على القيود المفروضة على حرية المرأة في الوطن العربي.