مؤامرة أم فايروس؟!

آراء 2020/03/10
...

د. كريم شغيدل
 
نفت روسيا رسمياً من أنّها تشيع أنباءً عن ضلوع أميركا بنشر فايروس كورونا، على خلفية ما بثته قناة التلفزيون الروسية الأولى عبر 
نافذة خاصة في برنامجها الإخباري المسائي، وتحدثت وسائل إعلام بريطانية عمّا سمّته تقارير سرية أميركية تحمِّل معهد فيروسات ووهان مسؤولية نشر كورونا بعد تطويره بوصفه سلاحاً بايلوجياً جديداً، وكالعادة يتم تفعيل نظرية المؤامرة، فمنهم من يعتقد أنّ أميركا استهدفت الصين اقتصادياً بنشر هذا الفايروس، ومنهم من يدعي أنّ الصين نشرت الفايروس لتجلي المستثمرين وأصحاب الشركات كي تستولي عليها، ومنهم من ذهب إلى الغيبيات مفسراً الأمر بكونه غضباً ربانياً، وقد 
ضجت منصات التواصل الاجتماعي بالاستغاثات والأدعية والإشاعات والتكهنات والوصفات الطبية للثواب، إلى درجة زاحمت الجهات 
الصحية العالمية والمحلية على مساحات نشر التوعية وإجراءات الوقاية الاحترازية.
     بعض الجهات ربطت بين كورونا والجيل الخامس(5G) للاتصالات، إذ أطلقت أجهزة هذا الجيل في مدينة ووهان الصينية قبل تفشي الفايروس بأيام، وهناك من ربط بين أجهزة الجيل الخامس والباخرة السياحية (دايموند برنسيس) التي وضعت تحت الحجر الصحي في المياه 
اليابانية لوجود عدد من المصابين على متنها لأنّها تستعمل في اتصالاتها تقنيات الجيل الخامس، وأساطير أخرى عن شركات إنتاج اللقاحات 
والعقاقير الطبية، وأنباء كاذبة عن نجاح مصل أهدته وزيرة الصحة المصرية للصين، وإحداهن تطلب من الصين وضع مليار دينار كويتي في حسابها كي تعطيهم علاجاً اكتشفته بنفسها، وآخر يدعو لاستعمال زهرة اللوتس للعلاج من كورونا، وآخرون يعدون الأمر تهويلاً وتخويفاً وترهيباً لجني مكاسب اقتصادية وكوميديات أخرى.
      آخر نشاط تواصلي شاهدته هو ظهور أحد الأطباء من مستشفى الطوارئ في أربيل في فيديو حظي باهتمام الآلاف، أظهر الفيديو ذلك الطبيب وهو يحذر ويدعي بأنه 
يجازف بحياته ويضحي بوظيفته حفاظاً على أرواح المواطنين، وقد قام بتمزيق قبعة حمراء، ادعى بأنّها شحنة دخلت بموافقة السفير الأميركي والقنصل الأميركي في أربيل بصفة هدايا للشباب ودعاية لإحدى الشركات، وقد أخرج من القبعة كيساً صغيراً ادعى بأنه يحمل فايروس كورونا 
معامل بايلوجياً ليستمر مدة(25 - 30 يوماً) وهو كفيل بانتشار المرض، ولم نتأكد بعد من صحة تلك الادعاءات من عدمها، كما لم نحظَ بتعليق أو برد أو تكذيب، لا من حكومة الإقليم ولا من الحكومة المركزية ولا حتى من السفارة الأميركية أو القنصلية المتهمتين.
      ومن هنا نتساءل: هل هي مؤامرة حقاً؟ نريد جواباً مهنياً رسمياً 
من جهة أممية، كمنظمة الصحة العالمية التي اكتفت بنشر بعض التعليمات الصحية الخاصة بالنظافة، أو من الأمم المتحدة أو حتى مجلس الأمن، 
لأنّها قضية تخص الأمن الصحي العالمي، أم هو فايروس انتشر بصورة طبيعية؟ وهنا يصبح المجتمع الدولي مسؤولاً أخلاقياً عن بذل ما بوسعه لاكتشاف لقاح مضاد وعقاقير لعلاجه بعيداً عن المصالح الاقتصادية، فالخطر يهدد الوجود الإنساني، وينبغي تحالف العالم علمياً ومادياً 
ضده.