شعوبٌ فقيرة تعتمدُ على الطبيعة والعطارين ليستغنوا عن الأطباء

ثقافة شعبية 2020/03/29
...

لمياء نعمان
 
كثيراً ما يكُتب عن الطب الشعبي، الذي لا يعد بديلا عن الأدوية وعلاجات الأجهزة الطبية والعمليات الجراحية، لكن شركات الأدوية تخوض معارك تجارية واعلامية لاظهار جودة منتوجاتها بتراكيبها وأنواعها لكسب الأرباح من خلال المتاجرة والترويج, ومع ذلك وحسب تعليمات منظمة الصحة العالمية عليها أن تعلن في نشرتها للدواء واستخدامه ومضاره وتجنب استخدامه لبعض الحالات، اضافة الى أعراضه الجانبية، التي تزعج المريض وتربكه لتظهر عليه علامات جديدة من خلال استخدامه للدواء وهو في غنى عنها, اضافة الى ان بعضها باهظ الثمن.

في الأعوام الأخيرة بدأت تنتشر فيديوات في وسائل الاتصال الاجتماعي عن توضيحات ونصائح نتعلم فيها كيفية استخدام الأطعمة والأعشاب والبذور والعصائر الطبيعية وغيرها كعلاجات لأمراض باتت تؤدي للوفاة كأمراض السكر والضغط والقلب وامراض المعدة والقولون وغيرها وحتى يمكن للمريض من اتباع حمية معينة لغرض تحسن صحة المريض من دون اللجوء للادوية، أشخاص يظهرون ويتحدثون بشكل مباشر لجمهورهم ويؤكدون اتخاذهم نمطا من وسائل شعبية تم العلاج بها، وأصبحت هناك برامج واسعة في كل انحاء العالم، تبحث مصادر عن استخدام وسائل عشبية وغذائية متوافرة في الأسواق ولدى الصيدليات أيضا وليس لدى العطارين فقط وبأسعار بسيطة حتى لا تكلف البسطاء شيئا ماديا ولا تضرهم تراكيب الأدوية.
الطب الشعبي يدخل في متاهة الطب البديل والتكميلي ويشمل الطب الصيني, الوخز بالأبر واليوجا, والطب الروحاني وغيرها من المسميات التي تصب في كينونة الطب الشعبي الذي وعلى ما يبدو لا تستغنى عنه كبريات شركات الأدوية العالمية، على الرغم من اختلاف المعتقدات والجذور وثقافات الشعوب.
قبل صناعة الأدوية كانت الشعوب البدائية والفقيرة تعتمد اعتمادا كليا على الطبيعة الأم والغابات وما تزدهر به من نباتات وأزهار وأشجار وتعدها وما فيها حلولا شافية ومؤكدة للأمراض جميعا كما يعتقدون وحسب معتقداتهم وموروثاتهم المجتمعية والطبية.
الدراسات العلمية والبحثية والطبية تدرس أهمية الطب الشعبي وبدائل الأدوية المصنعة كيمياويا لتتجه الى بواطن الغابات ومعرفة ما تكتنزه الشعوب من معرفة في وسائلها العلاجية من الطبيعة، ومنظمة الصحة العالمية تقول في دراساتها إن 80 بالمئة من سكان آسيا وافريقيا يستخدمون علاجاتهم من الطبيعة مباشرة, فالأدوية بعيدة عن متناولهم كونهم فقراء كما أنهم بعيدون عن المدن, وهم إما يقومون بزراعة ما يحتاجونه من علاجات أو يجدونه متوفرا في غاباتهم الجميلة وحدائقهم وهو أرث وكنز من المعلومات الطبية تناقلتها لهم عبر أبائهم وأجدادهم.
ويبقى أن نعلم ان عطاري الماضي هم أطباء زمانهم وفي كل مكان في العالم، فهم على دراية وخبرة عن فؤائد كل عشبة ونبتة وهم أسس للطب الشعبي وهم يجمعون تراكيب دقيقة لعلاج الامراض بسبب الخبرة الطويلة لديهم, ومهمتهم لا تقتصر على بيع البخور والبهارات والحرمل وأنواع الزيوت، بل لديهم المعرفة والموازين الدقيقة لتلك الأعشاب والبذور التي يقضون حياتهم في بيعها، وهم خبراء أدوية بحق.
وهناك شعوب وأناس فقراء في قرى عديدة من العالم يعتمدون على العطارين أصحاب الخبرة، لا بسبب فقرهم وبعدهم عن المدنية والمدن، بل لأن الأعشاب لا تضرهم أن لم تنفعهم، لذا لا يحتاجون للأطباء كثيرا.
وكثير من الدراسات العلمية لمنظمة الصحة العالمية تحاول الميل وبحذر للاتجاه باستخدام كنوز الطبيعة لصناعة الأدوية، كونها طازجة وطرية وطبيعية، لكن لا تعلنها كثيرا حتى لا تخسر شركات الأدوية منتوجها ذات الماركات العالميَّة.