تطبيق القوانين.. بالقوّة

العراق 2018/12/17
...

سالم مشكور
في المنهاج الحكومي الذي عرضه رئيس الوزراء، ونال على أساسه الثقة لحكومته المنقوصة حتى الان، إشارة الى تشكيل قوة خاصة بتنفيذ القانون. الفكرة من حيث المبدأ ممتازة ومطلوبة، فوجود القانون عندنا لا يعني تنفيذه، وكثير من القوانين صدرت عن البرلمان والإعمامات عن مجلس الوزراء لكنها لم تجد طريقها الى التنفيذ. غياب الحزم والعقوبة خلق حالة من التمرد عند موظفين في مستويات مختلفة تصل الى الوزير أحياناً، والتنفيذ يخضع لمزاج الموظف وقناعاته ومصلحته، وكثير منهم يجاهر برفضه تطبيق هذا القانون أو ذاك الإعمام وبعضهم يتطاول جهاراً على المسؤول الأعلى متوهماً ذلك بطولة منه. جزء من هذا السلوك يعود الى عقود الكبت والتضييق وغياب القدرة على انتقاد الرئيس المسؤول أو الحزب الحاكم مما خلق عقدة كان يفترض بالسنوات الخمس عشرة الماضية معالجتها.
للمثال: وجهت أمانة مجلس الوزراء ثلاثة إعمامات تنص على عدم طلب البطاقة التموينية كمستمسك الى جانب الهوية وشهادة الجنسية وبطاقة السكن، الا أن بعض الدوائر ما زالت تشترط على المراجع تقديمها ضمن المستمسكات المطلوبة (لمن لا يحملون البطاقة الوطنية)، وقد يرفض الموظف تمشية معاملة المواطن لهذا السبب، وعندما تواجهه بالاعمام يقول لك: «لا علاقة لنا به».
هنا يكون تأسيس قوة خاصة بإنفاذ القانون ضرورة ملحّة شرط إيجاد منافذ مباشرة لتلقي شكاوى المواطنين والإسراع في معالجتها. هكذا قوة ستحتاج الى مراقبة أيضا منعاً لانخراط عناصرها بمنظومة الفساد، كما تفعل بعض العناصر الأمنية الان عندما تكلّف بتنفيذ عقوبة ضد مؤسسة مخالفة للشروط لكنها تتغاضى عن التنفيذ مقابل مبالغ يدفعها المخالف ليستمر في مخالفته.
الفساد متفشٍ في كل المستويات، هو مرض استوطن في النفوس، بعدما غاب الرادع الأخلاقي والديني وتلوث الضمير بآفة التبرير والتسويغ التي تجعل المؤدين للعبادات الدينية (وليس المتدينين) يسرقون بضمير مرتاح.
يقال أن برلمان إحدى الدول الإسلامية التي تعاني من تفشي الفساد، ناقش إصدار قانون بتنفيذ عقوبة قطع اليد بحق السارق، فعلق أحد النواب بالقول: أخشى أن يصبح شعبنا كله بلا أيدي، وعلّق آخر: حتى من يقطع الايدي سيحتاج الى من يقطع يده أيضا.
نحتاج الى جهد كبير لإعادة الهيبة الى القانون عبر التنفيذ الصارم، بموازاة جهود مكثفة لإعادة الحياة الى الضمير والأخلاق.