سعدي السبع
كشف وباء كورونا الذي داهم وصدم العالم بظهوره المستجد عن نزعات شعبوية قديمة جديدة وسعي دول لحماية وجودها القومي واستمرار حياة ابنائها بمعزل عن يصيب امكنة اخرى وهذا ما يحدث عادة عند الازمات والكوارث الكونية الكبرى باستثناء مبادرات معينة من هذه الدولة او تلك الجهة في الوقت الذي لابد ان تتضافر الجهود الحثيثة وتمد جسىور التعاون والتنسيق بين مختلف الدول لمواجهة الاخطار الفتاكة التي تهدد الانسانية وحياة البشر جراء فيروس وضع الدول والحكومات اما مسؤولياتها لحماية مواطنيها من الخطر المحدق. من غير الانصاف التشفي بمحنة ومعاناة شعب او دولة ما مهما كانت طبيعة الخلافات السياسية والعقائدية لتقاطع ذلك مع الاعراف والمواثيق الاخلاقية والشرائع السماوية والادهى من ذلك ان تستثمر الكوارث لاغراض سياسية تبتغي تحقيق مكاسب وغايات من دون اعتبار بما يحل بالبشر والشجر ومن الغريب ان توظف قوى وجهات سياسية معارضة لانظمة حكم بتوجيه اتهامات بالتقصير وتحميلها مسؤولية التردي وعدم اعلان الارقام الحقيقية للوفيات من قبل الحكومات.ولم نشهد حراكا دوليا مشتركا بعد انطلاق غزوة كورونا العالمية لدرء وتفادي المخاطر فقد تركت الصين لوحدها في البداية تداوي جراحها بنفسها وقد نجحت في ما بعد، وانشغلت دول اخرى بهاجس خوفها وهلعها ومدى استعدادها حتى بلغها الوباء فراحت كل دولة تعالج وتداري حالها فرادى بمعزل عن غيرها ولم يكن همها غير انخفاض مؤشر الوفيات اليومي من المرض ، حتى بدا العالم وكأنه محمل في سفينة انقاذ مثلما حصل في سفينة نوح بعد الطوفان.والغريب انَّ الدول الأوروبيَّة بتطورها وتقدمها لم تبد جهدا وتعاونا مشتركا الا بوقت متاخر مع سعة انتشار المرض فيها بعد ان اغلقت بعضها حدودها مع جاراتها فضلا عن نشوب خلافات ثنائية مع تصاعد شراسة الفيروس وهذا ما لم نألفه في الدول الاوروبية التي يجمعها الاتحاد الاوربي وفيها من المنظمات الطبية والصحية والإنسانيَّة المشتركة التي تعمل وفق أهداف محددة، كما أنَّ ذلك ينسحب ايضا على الدول العربية وجامعتها ومنظماتها وضرورة ان تبادر الغنية منها بمد يد العون والمساعدة للدول التي تعاني من اوضاع مالية صعبة لتمكينها من مجابهة المحن والكوارث.
وتغلل فيروس كورونا في المجتمع ليقطع الوصل بين منطقة واخرى داخل البلد الواحد وكل منها تتحسب وتأمل ان يغادرها بخسائر اقل من نظيرتها الاخرى، ذاك بعد ما احدثه من خلافات دولية، لاسيما بين الصين والولايات المتحدة الاميركية وما اثير بينهما بشأن من الجهة من كانت وراء في انتشار الفيروس وهو جدل سيطول الحديث فيه الى اجل غير مسمى.وفي كل الاحوال سفينة كورونا ماضية بالسير ولم يوقفها الا الهم الكوني والتكاتف الانساني المشترك رغم ما جرفته وتجرفه من تضحيات يوميَّة وهي تسلك طريق الموت البشري في كل مكان من العالم.