قاسم موزان
لم يكن التاسع من نيسان من العام 2003 يوماً عادياً في تاريخ العراقيين بعد ان رؤوا بأم اعينهم كيف تهاوى صنم صدام من منصته العالية المتعالية في ساحة الفردوس بقوة اميركية استطاعت الوصول بسهولة بالغة الى قلب العاصمة بغداد في مشهد درامي اذهل العالم الصامت في رمزيته ومحمولاته الواقعية، مشيراً الى نهاية حقبة مريرة في تاريخ العراق القديم والحديث ، هذا السقوط المذل جاء نتيجة حتمية لتراكمات نوعية من الظلم والاستبداد وامتهان الكرامة والامعان في التسلط على شعب سلبت منه ارادته بجبروت الطاغية وبشاعة سلوكيات رموز نظامه الغارقين في العنف المفرط في القتل والاجرام لارضاء سيدهم .فضلاً عن شن حروب خاسرة ثم عقوبات اقتصادية فرضها المجتمع الدولي على غزوته غير المبررة للكويت ، وذاق العراق خلالها اقسى درجات الحاجة والعوز في بلد كان يمكن ان يكون في طليعة البلدان النامية لما يمتلكه من عوامل التنمية البشرية والمادية وتنوع ثرواته الطبيعية لكن تلك العوامل الثلاثة سخرها النظام باتجاه تقوية اركان حزبه او البحث عن عدو وهمي من صنع خيال صدام ليحاربه بسيف خشبي ، وسعى بكل قوته لشراء بضعة اقلام عربية للدفاع عنه وتبرير هزائمه ، ووقفت منظمة حقوق الانسان ومنظمة العفو الدولية موقف المتفرج ازاء الانتهاكات الشنيعة للمعتقلين السياسيين او المعارضين لسياساته الهوجاء..
للاسف الشديد تم سقوط النظام في زمن انتشار الفضائيات على نطاق واسع ،ما شجع القنوات العربية للدفاع عن شرعيته التي اسقطتها القوات الاميركية ، واستضافت تلك القنوات كتاب سبق للنظام ان اغدق عليهم بالمال والجاه، فصاروا عوناً وسنداً لما يسمى بالمقاومة ضد المحتل واندفعت التنظيمات الارهابية المتطرفة و في مقدمتها تنظيم القاعدة الاجرامي القادم من كهوف تورو بورو والنفايات البشرية من الدول المجاورة والبعيدة بقوة لشن هجمات عنيفة ضد المواطنين والقوات الامنية والمباني الحكومية والمدنية على حد سواء واوغل الارهابيون كثيراً في دماء الابرياء تحت مسمى الجهاد في سبيل الله وطرد الحكومة غير الشرعية التي قامت على انقاض نظام صدام في ظروف بالغة التعقيد ما زاد الطينة بلة تهديدات داعش ثم احتلالها لاراض واسعة من العراق مستغلة الصراعات السياسية المستمرة التي لم تتوقف فيها التراشقات والاتهامات المتبادلة ونسوا وطناً اسمه
العراق
لم يدر في خلد العراقيين ان ثمن حريتهم من ربقة صدام واركان نظامه سيكون باهظاً جداً ويهدد وجودهم الانساني ويكبح جماح احلامهم باقامة نظام ديمقراطي فريد يحقق لهم الحياة الحرة الكريمة التي تسودها المساواة الاجتماعية وحرية التعبير عن الرأي وقبول المختلف وتوزيع عادل للثروة ، الا ان تلك التطلعات والاحلام ذهبت ادراج الرياح مع تصاعد الاعمال الاجرامية وتحت عباءتها استشرى بشكل مرعب الفساد المالي والاداري في مؤسسات الدولة ما عطل مشاريع البناء وارساء دعائم الامن والاستقرار وانجاز ملف الخدمات المعطل الذي شكل اكبر التحديات للحكومات المتعاقبة . وما زلنا متفائلين بمستقبل العراق