وجدان عبدالعزيز
وسط شلل حركة شعوب المجتمع الانساني، واضطراب الاحوال وارباك واضح لاقتصاديات العالم، بسبب انتشار وباء الكورونا اللعين، كونه وباء معديا ينتقل من مصاب الى اخر سليم ، مما دفع حكومات العالم للذهاب الى خيار الحجر الصحي واصدار حظر التجوال، ومنها الحكومة العراقية، اذ ظهرت خلالها حالات العوز والفقر على السطح، لان هناك فئات كثيرة فقدت مصادر رزقها، خصوصا اصحاب الاعمال اليومية والبسطيات، ومن هنا هبَّ الشعب العراقي من شماله لجنوبه، وتشكلت لجان اغاثة من اهل الخير ونشطاء العمل المدني لجمع الاموال من تبرعات الميسورين، وكشفوا عن صورة التكافل الاجتماعي، هو صورة ناصعة من انماط الوطنية الحقة وتترجم العلاقات الحميمة بين أفراد المجتمع باروع صورها، ويعني التعاون والتشارك والتراحم لتحقيق المصالح العامة في المجتمع، ويعد التعاضد الاجتماعي الوجه الآخر للعدالة ، فالاثنان يكملان دوراً واحداً يتعلق بالمحافظة على اتزان المجتمع واستقراره، فالأخذ من الأغنياء لإعطاء الفقراء يزيل الحقد والغل من النفوس، ويدفع الفقراء للإحساس بأهمية وجود عنصر الأثرياء في المجتمع، كما أنه يشعر الأغنياء بأن لهم دورا مهما في جعل حياة الآخرين أكثر سعادة ويسرا، بحيث كان هذا يشكل اساسا من الأسس والأركان التي يقوم عليها بنيان المجتمع الانساني، وهكذا نظر الإسلام إلى المجتمع على أنه كيان إنساني متواصل متراحم، وأن الإنسان فيه يجب أن يحيا حياة كريمة تليق بآدميته، وتتسق مع كرامته الإنسانية، فلا يجوز في نظر الإسلام أن يبقى فردٌ في المجتمع يعاني الجوع ويقاسي الألم، يقهره الحرمان وتذله الحاجة، بينما يعيش الآخرون في رغد وهناء، فالمجتمع المسلم كالجسد الواحد في تعاضده وتضامنه، وهو ما عبر عنه رسول الله (ص)، بقوله: "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم، مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى"، وهذا التكافل نوعان؛ تكافل معنوي: وهو الشعور النفسي والتضامن الأدبي مع بقية أفراد المجتمع المسلم، يفرح لفرحهم ويحزن لحزنهم وألمهم،. وتكافل مادي: وهو بذل المال والوقت لإعانة المحتاجين ومساعدتهم، للتغلب على ظرفهم وتحسين أحوالهم، وما زالت مسيرة عدو الانسانية (الكورونا)، تحصد بالاراوح، و مازال يحاول المكوث بيننا، فهمة المجتمع الانساني الآن هي الصبر في الحجر الصحي، ومكافحته بالتعقيم والنظافة والعلاج..ومن اجل ضمانة السلامة من الكورونا يجب اتباع ثلاث طرق:
الاولى: معرفة هذا الفيروس وكيف ينتقل وماهي اعراضه، وكم يبقى ماكثا في الجسم الانساني والسطوح وغيرها..اذا لابد من الحجر الصحي وعدم الاختلاط.
الثانية: فيجب ان نفهم ان الصراع مع الفيروس حتى الآن يعتمد على مناعة الجسم ، اذا الاعتناء بالنظافة واختيار المواد الغذائية التي تعطي مناعة ضده.
الثالثة: تتمثل بالوضع النفسي، أي محاولة مكافحة الوباء من خلال حالة الاطمئنان والايمان بالله وتجنب اماكن تواجده، فالحالة النفسية القوية تضعف الاصابة به.. ومن هنا علينا ان نلتزم بالحظر وتعليمات لجان الأزمة، وان نكاتف ونتكافل في ما بيننا، وعلى الدولة اتخاذ الاجراءات الكفيلة لنصرة الأسر المتعففة، التي لاتمتلك موردا شهريا من الدولة، لتجتمع الجهود، الجهد الاجتماعي مع الجهد الحكومي لتخطي هذه
الكارثة .