عندما تدخل في الحديث عن الأطفال فمن المؤكد انك ستدخل إلى عوالم أشبه بالخيال، فهناك أطفال يشكلون صدمة بمجرد استماعك إلى مفردات كلامهم الذي تفوح منه رائحة الأسئلة المحرجة التي تصيبك بالدهشة والحيرة والاستغراب و هي في حقيقتها على وفق مايؤكد مختصون ،من علامات الذكاء الفطري والتي يجب على الوالدين الانتباه لها وتنميتها بما يسهم في تطوير قابليات الطفل على المستوى الفكري والذهني من اجل الوصول الى مراحل متقدمة من الوعي والادراك والتفوق في التحصيل الدراسي، اذ غالباً ماتكون مثل هذه الأسئلة أولى علامات النبوغ لديهم فالسعي لتشخيصها وتطويرها ربما يكون اول خطوات بناء المستقبل العلميلهؤلاء الأطفال .
الحديث والمذاكرة

يقول الدكتور توفيق الموسوي وهومختص بعلم النفس التربوي: إنَّ "الانتباه للطفل في جميع مراحله العمرية من أساسيات عمل الوالدين، لاسيما في  ما يتعلق بالسلوك الشخصي الذي يكون في الكثير من الأحيان لافتاً للأنظار وهو ما يجعله مميزاً عن الآخرين ومن هذه السلوكيات ما يمكن ان نسميه الأسئلة المحرجة التي يطلقها بين الحين والآخر والتي إن تم التركيز عليها سنكتشف إنها تنم عن ذكاء فطري".

وأضاف: إنَّ "الحديث والمذاكرة مع الطفل خلال الجلوس معه في البيت سيكشفان عن أشياء وأسئلة كثيرة يطرحها على الوالدين وتتسم بنوع من سيطرة الخيال على عقله ومحاولته التعرف على أشياء تدخل في صلب الخيال العلمي، فهناك اطفال يشكلون لك صدمة بمجرد استماعك الى مفردات كلامهم الذي يكون في بعض جوانبه عدداً من الأسئلة المحرجة للوالدين اللذين قد لا يستطيعان الإجابة عليها في حينها ومن هذه الأسئلة، كم عدد النجوم او لماذا يتحول القمر إلى هلال وهل تبرد الشمس في الشتاء وغيرها من الأسئلة الأخرى الغريبة والعجيبة وهي أسئلة تنم عن ذكاء فطري ويجب تنميتها بحيث يستفيد الطفل من الإجابة".

وأشار الى "ضرورة انتباه الوالدين الى ما يطرحه الطفل من أسئلة وتوفير الإجابات لها قدر الإمكان حيث ان مثل هذه الأمور يمكن ان تسهم في تطوير قابليات الطفل على المستوى الفكري والذهني وبالتالي الحصول على طالب متفوق دراسياً".

وتابع: "إذا ما أراد الوالدان الوصول بالولد صاحب الأسئلة المحرجة إلى مراحل متقدمة من التحصيل العلمي، فعليهماأن يدركا ان تلك الاسئلة اولى علامات النبوغ لديه، لذلك ومن اجل استثمار ذلك يجب على الوالدين وعلى قدر المستطاع السعي لتشخيصها وتطوير امكانيات الطفل وتجهيزه بالمعرفة التي يبحث عنها، فربما تكون تلك الخطوة اولى خطوات بناء مستقبل هؤلاء الاطفال العلمي".

 

حب الاستطلاع

كما يؤكد الدكتور كامل فخري،مختص في علم النفس : إن حياة الأطفال غالباً ما ترى فيها الكثير من حالات حب الاستطلاع وحب التعرف على الأشياء وعلى ما يدور حولهم من أمور مختلفة فتنمو لدى الطفل قابلية التخيل والسعي إلى اكتشاف ماحوله والتعرف على المحيط الذي يعيش فيه، فلاغرابة ان يقوم بطرح العديد من الاسئلة التي تتسم بعدم الواقعية والجنوح نحو الخيال لذلك يجب البحث عن الإجابات النموذجية لتلك الأسئلة المحرجة.

ويضيف :أحياناً يطرح الصغار بعض الأسئلة  المحرجة على الوالدين، اذ منها مايضحك الآباء أحياناً أو مايجعلهم يصمتون في خجل في أحيان أخرى ولكن بالنسبة للطفل، لابد من أن يحصل على إجابة واضحة لاستفساره، لذا يجب ان تكون لديك مجموعة من إجابات لعدة أسئلة قد تكون محرجة وصعبة لنا جميعاً، لذلك وفي سبيل التخلص من الاحراج ينصح بالرد الأمين على السؤال، ولكن بالطبع دون الإسهاب في التفاصيل.

ويتابع فخري :عندما يسأل الطفل عن الولادة والموت يجب ألا يقوم الوالدان بالكذب على الطفل، فهو قادر على تقبل الحقيقة، فقط ينصح بتوضيح الأمر من خلال قولك ان الناس والحيوانات وحتى الزهور سوف تموت يوماً، هذه هي سنة الله، ولكن لا تقلق فلن يحدث ذلك الآن، بل بعد فترة طويلة جداً، حيث سأموت وأنا في مثل سن أجدادك، وستكون أكبر سناً مثلي تماماً الآن، وستكبر وتتزوج لترزق بأطفال في مثل سنك الحالي، لتعيش حياة مليئة بالفرح والمغامرات.

في حين يشير الدكتور احمد صالح وهو خبير في التنمية البشريَّة الى "الإجابة على أسئلة الطفل اياً كانت لذا عليك بألا تخشى الاعتراف بأنك لست مثالياً، فالمهم في تلك النقطة أن تجعل الطفل يدرك أن عليه أحياناً ألا يقوم بكل ما يفعله الوالدان بشكل دقيق، فقط قل: "نعم أنا أدخن، وأحياناً أجلس لمشاهدة التلفاز لساعات طويلة بالليل، ولكنني لا أريدك أن تكرر أخطائي، فتلك هي عاداتي السيئة التي سأتخلص منها حتى أصبح شخصاً أفضل وهو ما يجعل الطفل يكف عن طرح أي سؤال".

ويضيف: "من المهم جداًأن تكون لديك اجابة لكل سؤال بحدود معرفتك لذلك حاول أن تجيب عن هذا التساؤل بصورة طبيعية، وتذكر ان اهتمام الطفل بأعضاء جسمه هو أمر طبيعي بالنسبة لسنه، والأفضل أن تقول له: يولد كل ولد وبنت وبهما اختلافات شكلية في كل شيء، وهو ما سيعمل على زواجهما لاحقاً، عندما يصبحان أكبر سناً، حيث لا يمكن الزواج إلا للشكلين المختلفين فقط، كما الأولاد والبنات جميعاً".

 

مشاعر الخوف

يوضح المختص بعلم الاجتماع سعد عبد الكريم :  انه توجد بعض القواعد التي لابد من أن يتبعها الآباء والأمهات في الرد على أسئلة الأطفال المحرجة وحتى العادية بشكل عام. 

ويضيف :عليك الاهتمام بمشاعر الخوف لدى طفلك فان كان سؤاله عن الوحوش التي يشاهدها في التلفاز، و عليك أن تتعامل معه بجدية، وتسعى أن تحول الأشياء والمشاعر السيئة إلى أخرى إيجابية، وذلك من خلال سؤاله: قل لي معلومات عن هذا الوحش، ألا تعرف كيف سنقضي عليه؟ إذن هيا بنا، سنقوم بذلك من خلال جهاز التحكم عن بعد الخاص بالتلفاز، فهو مخصص لهذا العمل أيضاً، فهذا الزر الأحمر السري، مخصص لإرعاب الوحش ومن ثم تركه للمكان، لذا ضع جهاز التحكم بجوارك للحالات الطارئة.

 واختتم عبد الكريم حديثه : ان الطفل يحتاج الى الصبر عند التعامل معه ، حيث ان التعامل بعصبية يتسبب في تأثيرات سلبية على الطفل، لذا ينصح بالتحدث بهدوء، وتقديم شرح مبسط للطفل عن وجود اختلافات شكلية بين كل الأشخاص، ان كان يريد الاجابة عن سؤال له بهذا الشأن، والتوضيح له أن هناك الطويل والقصير والسمين، وهناك أيضاً من يعانون من مرض ما، وقد يحرجهم التحدث أمامهم بتلك الطريقة، ومن ثم التأكيد عليه أنه في المرة المقبلة التي يشاهد فيها امراً مماثلاً عليه أن يسأل في وقت لاحق، وليس أمام الجميع.