محمد صادق جراد
عندما نتعامل كدول أو مجتمعات مع أزمة ما فعلينا ان ننظر إليها من جميع جوانبها سيما الجانب الإنساني الذي يتأثر كثيرا في الحروب والأوبئة والكوارث الطبيعية حيث نجد ان القدرة على تحمل تلك الأزمات يختلف بين شريحة وأخرى ولطالما دفع الفقراء ضريبة تلك الأحداث والكوارث أكثر من غيرهم لأنهم الحلقة الأضعف في المجتمع ويعتمدون على العمل اليومي في الظروف الطبيعية لتوفير القوت لعائلاتهم وان اي تعطيل للحياة والأعمال اليومية سوف ينعكس على حياتهم بصورة كبيرة ومؤثرة .ومن جانب آخر لا يمتلك الفقراء نفس القدرة على المواجهة لوجود تفاوت كبير في الظروف المعيشية والصحية في المناطق الشعبية التي تفتقد الى شروط ومقومات النظافة علاوة على غياب الوعي من مخاطر انتشار
الوباء.
العراق كجزء من العالم يعاني اليوم من وباء كورونا وكان لزاما على الحكومة ان تتخذ إجراءات احترازية ملزمة للجميع بإيقاف عجلة الحياة وفرض حظر التجوال من اجل الحفاظ على حياة الناس. الا ان هذا الإجراء قد يكون سهلا على البعض ممن يدخر قوت شهره او سنته وسيكون صعبا على من لا يملك سوى قوت يومه.
وعلينا هنا ان نتساءل. هل ان المبادرات المجتمعية كافية لسد حاجة تلك الشريحة من الناس مع استمرار الحظر وتوقف عجلة الحياة؟ ام اننا بحاجة الى إجراءات حكومية تدعم صمود المواطن الكادح وتشعره بانه محط اهتمام الحكومة وانها لن تتخلى عنه في هذه الظروف
الصعبة؟
قبل الإجابة عن تلك الأسئلة لابد من القول بان العراقيين كشفوا عن معدنهم الأصيل في توادهم وتراحمهم وكانوا كالجسد الواحد . فشهدنا مبادرات عديدة من المنظمات والهيئات والمواكب لدعم الفقراء وإيصال المواد الغذائية الى بيوتهم بالإضافة الى مبادرات أخرى صحية من أطباء للتجول وفحص المرضى ومبادرات متنوعة أذهلت الجميع وجعلت العراق في المرتبة الاولى في الكرم والتعاون والتآزر في المحن والأزمات.
المرجعية الدينية في النجف الأشرف أطلقت نداءً لأصحاب المواكب وللميسورين بتقديم يد العون الى الفقراء وهذه خطوة ايجابية تسجل للمرجعية التي عودتنا على مواقفها الحكيمة في توقيتات مهمة للغاية، إلا أنَّ هذه المبادرات المجتمعية غير كافية ولا بدَّ من دور مهم للحكومة في دعم شريحة الفقراء والكسبة من خلال عدد من الخطوات كتخصيص منح مالية لمساندتهم في هذه المحنة بالإضافة إلى ضرورة تزويدهم بحصص تموينية من وزارة التجارة ومراقبة الأسعار في الأسواق والحيلولة دون ارتفاعها فان ذلك يضر كثيرا بالمواطنين وعلى خلية الأزمة ان تراعي في قراراتها تلك الشريحة ومساعدتها على تجاوز الأزمة وعلى جميع أبناء الشعب العراقي من القادرين والميسورين ان يتعاونوا فيما بينهم ويدعموا الفقراء لنتمكن من العبور سوية على جسر المحبة والتعاون الى ضفة السلامة والصحة
والأمان.