هل سيختلف رمضان هذه السنة؟

اسرة ومجتمع 2020/04/24
...

بغداد/ سرور العلي/ ذو الفقار يوسف
 
لا تخفي الحاجة أم بسام حسرتها وهي تتذكر السنوات الماضية لشهر رمضان، إذ اعتادت على التسوق مع جاراتها وطبخ الأكلات الشعبية والحلوى وتوزيعها بين بيوت الزقاق، وزيارة الأضرحة والمراقد، وقالت»لا أدري كيف سأتحمل الوضع الجديد، قضى فيروس كورونا على عاداتنا الجميلة وجعلنا في قطيعة تامة مع أصحابنا»

إقفال دور العبادة
ووسط مخاوف من انتشار الفيروس دعت الكثير من الدول إلى التزام العزل المنزلي، وتأدية الصلاة بعيداً عن التجمعات، وقالت أم ياسر(73)عاماً،»نحن مضطرون للتأقلم واتباع جميع الإرشادات الوقائية والصحية، رغم ما سنخسره من متعة اعتدنا عليها في كل عام»
وقال الثلاثيني حكيم بدر:»حتماً ستقل التجمعات في هذا الشهر الذي يعد من أكثر الشهور نشاطاً دينياً واجتماعياً»
وتحدث هاشم محمد(71)عاماً، بصوت حزين:»كلما تذكرت أن المساجد ودور العبادة ستبقى مقفلة، ينتابني الألم لما وصلنا له من وضع مقلق، إذ اعتدت على صلاة التراويح في المسجد مع بقية المسلمين، وليس عاكفاً في بيتي خائفاً من المرض»
وتبدو أم عمر(60)عاماً، غير مهتمة بتزيين جدران منزلها وطلائه وتجديد الأثاث ومستلزمات المطبخ مثلما كانت تفعل في السنوات السابقة لرمضان حسب ما تقول، لغياب الضيوف والسهرات وأضافت،»لم أكن أتوقع أن نستقبل رمضان بهذه الأجواء الباهتة بالعزلة والخوف، والحرمان من التمتع بطقوسه لما لها من آثر في نفوسنا وأرواحنا»
وتساءلت الشابة رزان كريم:»من يتوقع أن العزائم والولائم الاسرية وموائد الرحمن ستغيب هذا العام؟» 
«لم يقتصر التغيير على الشعائر وحظر التجمعات، بل أصبح الخوف الأكبر من الصوم نفسه» حسب الأربعيني حامد داوود، مضيفاً» هناك آراء متداولة بأن ما يسببه الصوم من جفاف في الفم يؤدي إلى الإصابة بالفيروس، وجعله أكثر خطراً، لذا أتوقع رفع فريضة الصوم استثناء والاكتفاء بإطعام المساكين»
بينما خالفته الرأي سناء مؤيد(53)عاماً، قائلة:»لا يوجد دليل علمي إلى الآن حول ارتباط الصوم بالإصابة بالفيروس»
ويأمل الشاب مناف قيس « أن يرفع شهر رمضان عنا البلاء ويعيد وحدتنا بالدعاء والصبر، وتأدية العبادات في المنازل بعيداً عن الاختلاط الذي يسهم بانتشار العدوى»
 
فوانيس رمضان
تقول أنعام صالح(45)عاماً،:»اعتاد المسلمون في الأيام التي تسبق رمضان، استقباله بالتسوق والتحضير وتخزين المواد والاحتياجات الرئيسة، لكن رمضان هذا العام سيكون بلا طعم، إذ دفع بنا الفيروس للتقيد في منازلنا، وانقطاع الزيارات بين الأقارب والأصدقاء وغلق متاجر الزينة والهدايا وغياب فوانيس رمضان والأضواء الملونة ونكهتها الخاصة»
وقال عبد الرحمن أحمد(35)عاماً:» أخشى أن يكون هناك نقص في المواد الغذائية بعد موجة الشراء التي اجتاحت الاسواق بسبب حظر التجوال، وغلق المحال التجارية وغياب أصحابها»
وتنشط في شهر رمضان الحرف اليدوية وحركة المخابز والمطاعم، وخاصة الشعبية لتقديم أشهى الأطباق والوجبات والمعجنات والحلويات التي ترغبها الأسر، كصواني «البقلاوة» و»الكنافة» وأصناف من المشروبات كـ»التمر الهندي»
 
غياب المسحراتي
وقال أبو حسين(68)عاماً:» اعتدنا سماع صوت المسحراتي يرنو في أزقتنا وشوارعنا الضيقة، وهو ينقر على طبلته ويلاطف الأطفال ويتبعونه مقلدين صوته وحركاته، وفي ظل الحظر سيكون لغيابه اثر حزين وصمت لا يطاق»
واشار كرار علي(12)عاماً:»ربما لا أسير خلف المسحراتي مع رفاقي، لعدم مجيئه بسبب كورونا»
وحرصت العشرينية عذراء يوسف على تزيين منزلها بالفوانيس الملونة، وتحضير المطبخ لصنع كل ما يحبه زوجها وأطفالها من حلوى لإبعاد شبح كورونا.
وترى الموظفة ايمان غسان(41)عاماً:» أن حظر التجوال مع تزامن شهر رمضان أشعرها بالسعادة، وغالباً ما كانت تعاني من التعب والارهاق أثناء عملها لساعات طويلة»
وأضافت «سأنعم بالراحة والهدوء، واقضي معظم الوقت بالصلاة وأعداد الأكلات».
بينما قال صباح جاسم(32)عاماً:» قضاء معظم الوقت ونحن صائمون سيشعرنا بالملل، والرغبة بالخروج للتنزه وشراء الاحتياجات».
«ستغيب الحلقات الدينية والمجاميع التي تضم الأفراد، لتبادل الحكايات والمعلومات ومختلف النقاشات» وفقاً للشاب علي الساعدي، مضيفاً»سيؤثر وباء كورونا في رمضان روحياً واجتماعياً واقتصادياً وثقافياً، بمنع الاختلاط والتواصل مع الآخرين، وسيقل التجول في الأسواق، وحتى الأعمال التلفزيونية الرمضانية لم تكتمل إلى الآن»
 
اختفاء لعبة «المحيبس»
يقول مخلد جبار (23) عاماً: «لن نتمتع في رمضان هذه السنة بقضاء أوقات ممتعة مع الاصدقاء بلعب المحيبس، واحتساء القهوة وتناول الحلويات، إذ فرض علينا كورونا البقاء في البيوت».
وتحدث ليث كمال (29) عاماً: «كوني متطوعاً ومهتماً بالأعمال الخيرية، لاسيما في شهر رمضان، لمساعدة المحتاجين احرص على تقديم الدعم وإقامة موائد وفعاليات وجمع التبرعات لهم، اذ تعاني أسر كثيرة من نقص في الغذاء والمعونات بسبب فرض حظر التجوال» وأضاف،»ابذل كل ما بوسعي لمواصلة تقديم عمل الخير عن طريق جمع التبرعات على مواقع التواصل الاجتماعي، وإيصالها للأسر المتعففة».
وقال حازم سلام (33) عاماً: «سيشهد رمضان 2020 ، تباعداً اجتماعياً غير مألوف للحد من انتقال العدوى بين السكان، وسيكون إفطار الأسرة في منزلها دون الاجتماع في منزل الجد والجدة أو في منزل احد الأصدقاء، وتجنب التجمعات الكبيرة».
 تبادل الأكلات بين الجيران،و الألعاب الرمضانية وعاداتنا وعباداتنا التي نسأل الله أن يجمعنا بهذا الشهر المبارك بأقرب وقت ممكن بسببها، كل ذلك الجمال والايمان قد هُدد بسبب جائحة كورونا، ليجعل الناس في حيرة وتساؤل، فهل يطل فانوسك المشع هذا العام يا شهر 
البركة؟.
 
كرة قدم
سلوان عادل (33 ) عاماً، يشكو من خمول جسده طيلة أيام الحظر يحدثنا بوجع، ويقول: «كوني لاعب كرة قدم شعبياً، أحاول قدر الإمكان الاستمرار بعمل التمارين اليومية للحفاظ على لياقتي البدنية، وخصوصاً عندما يقبل شهر الطاعة من كل عام، فالمباريات تكون على أشدها بعد الإفطار من كل يوم، وهذا ما اعتدنا عليه في كل عام منذ صغرنا، وفي هذه السنة حال وباء كورونا بيني وبين أمنياتي، فلا تمارين في الساحات، ولا مباريات تقام، وهذا ما جعل حالتي الجسدية والنفسية سيئة دائماً، فالرياضة وفوائدها هي أساس الجسم والعقل السليم».
أما احمد غالب (42) عاماً، فيحدثنا بابتسامة إذ يقول: «لقد تعلمنا في كل سنة عند إقبال شهر رمضان المبارك علينا، بأن النوم لوقت متأخر هو ما يجعل الوقت يمر، ويسهل على الصائم طول الوقت وبطئه، إلا ان ما يضحكني هو ان الفيروس قد علمنا ذلك قبل بدء الشهر العظيم، فإغلاق الدوائر الحكومية والمدارس والجامعات، وحظر التجوال على المواطنين، جعلهم يسهرون الليل وينامون في النهار، لكون الأعمال قد توقفت تماماً، وهذا بالضبط ما كنا نفعله في شهر رمضان من كل عام، وبالرغم من جائحة الوباء إلا أن هذه الفائدة المضحكة لا تخفى على كل من ينام متأخراً إلى الظهيرة، وأنا واحد منهم.