خدعة أنَّ «كورونا» يصيبُ الجميع

بانوراما 2020/04/24
...

عبدالزهرة زكي
 
من الصحيح إنَّ فايروس كورونا من الممكن له أنْ يصيب الجميع؛ فقراءً وأغنياءً، متعلمين وجاهلين، غربيين وشرقيين، لكنَّ الأصح من هذا هو أنَّ فرص الجميع للوقاية والعلاج من الوباء ليست متكافئة.
ما متاح للفرد الثري والدولة الثرية لا يتاح لفرد فقير ودولة فقيرة. 
الخدعة المضللة عن أنَّ (العدالة القاتلة) للفيروس تطول الجميع، وأنَّ مساواته في توزيع ضرره على الجميع لا تقف عند هويات أي منهم، تظل خدعةً لا تقوى حتى على أنْ تقدم عزاءً لمن لا يملك فرصة الوقاية ولا يجد بعد ذلك إمكانية العلاج الشافي والوافي بينما هذه فرص يمكن أنْ تكون متاحة بيسر أكبر لأقلية من الأفراد ولقليل من الدول.
حتى في الموت يُراد خداع مَن لا يملك امتيازاً يقرّبه من قلةٍ تحتكر كل شيء. هذه خدعة يراد بها تسليةً لئيمة للفقير في موت ستكون فرص الفقراء شحيحة بالتخلص منه.
أساساً لا يحتاج الفقير لمثل هذه التسلية.
الفقراء يتوسلون سبل النجاة، وقد يزهد بعضهم حتى بالنجاة.. الفقر كافر.
في دولة فقيرة مثل مالاوي لا يوجد إلا 25 سريراً في وحدات العناية المركزة لبلد تعداد سكانه 17 مليوناً، بينما لا يوجد سرير عناية مركزة في بنغلاديش إلا ما يقل عن سريرين لكل 100 ألف مواطن حيث تعداد السكان يزيد على 160 مليوناً. بينما يؤكد تقرير لصحيفة غارديان أنَ 10 دول افريقية لا تملك مجتمعة جهاز إنعاش تنفس واحداً. دول الفقر المدقع، مثلما هم الأفراد الفقراء، ليس لها سوى رحمة الرب ولطف الأقدار بها.
يؤكد السيد صادق خان، عمدة مدية لندن، أنَّ أكثريَّة ضحايا كورونا في بلده انكلترا هم من السود والمهاجرين من أصول آسيويَّة وأقليات عرقية أخرى، لكنَّ خان رجل مسؤول فيتساءل: يجب أنْ نعرف لماذا؟
يُسقط صادق خان أنْ تكون الدواعي عنصرية وعرقية وراء هذه النتيجة؟ كوفيد مثل الإرهاب لا دين له، يبدأ مقال خان الذي نشرته عدد من الصحف الإنكليزية بالقول: لا يترك (كوفيد – 19) أحداً.. كل شخص معرض لخطر الإصابة بالفيروس التاجي وانتشاره واحتمال خضوعه له.
لكن خان يشير إلى وجود «أدلة على كيفية تأثر المجتمعات السوداء والآسيوية والأقليات العرقية بشكل غير متناسب» مع مجموع السكان، ويوضح أنه «على الرغم من أنَّ هؤلاء يشكلون فقط 14 ٪ من السكان ، إلا أنَّ إحدى الدراسات أظهرت أنَّ المرضى (من هذه المجتمعات) هم ثلث مرضى الفيروسات التاجية في مستشفياتنا». ويخلص المقال إلى حقيقة أنَّ «من أكبر العوامل الكامنة وراء العدد غير المتناسب من الوفيات هي الاجتماعية الاقتصادية».
كورونا لا يميز فعلاً، لكنَّ إمكانات تفادي كورونا أو مقاومته هي التي تميز، إنْ حصل هذا بشكل واضح في بريطانيا وفي أميركا، فهو يحصل في كل مكان ولكن ليس بهذا الوضوح. يطالب صادق خان بأنَّ «ما سيكون مفيداً الآن هو الالتزام بجمع ونشر البيانات بشكل منتظم عن التركيبة السكانية لكل شخص متأثر بالفيروس التاجي حتى نتمكن من فهم هذه المخاوف والتصرف وفقًا لها».