ألمانيا تخطط للسيطرة على جائحة «كورونا»

من القضاء 2020/04/25
...


كاترين بينهولد  ترجمة: شيماء ميران
 
تتجه المانيا خلال الشهر المقبل لاعتماد فحص عينات لخمسة عشر الف شخص من جميع ارجاء البلاد. فليكس جيرمان، احد الاشخاص الذي عُرض عليه هذا العرض غير المألوف، من قبل طبيبة ورجل شرطة طرقا بابه الاسبوع الماضي، وقالا له: «هل تسمح بإجراء فحص الدم الشهري للاجسام المضادة لكوفيد - 19 وعلى مدار سنة بدءا من الاسبوع المقبل؟».
 

وبذلك سيكون قد ساعد بتقدم العلم الذي سيسمح في النهاية برفع الرقابة الاجتماعية والاقتصادية وإنقاذ الارواح.
أجاب جيرمان (41 عاماً) وهو مدير سابق في شركة اعلامية: «بالتأكيد اوافق، ارغب بالمساعدة، فهذه أزمة جماعية، والحكومة تقوم ما بوسعها، وعلى الجميع القيام
بواجباتهم».
وانضم جيرمان وصديقته الى ثلاثة الاف آخرين من المحجورين في ميونخ، تم اختيارهم عشوائيا ضمن دراسة لفهم كيفية اصابة الكثيرين بهذا الفيروس حتى وإن لم تظهر لديهم الاعراض، وهو متغير رئيس لاتخاذ قرارات بشأن الحياة العامة في ظل الجائحة.
تعتبر هذه الدراسة جزءا من نهج مواجهة الفيروس بطريقة شاملة، والتي جعلت ألمانيا رائدة بين الدول الغربية في اكتشاف كيفية السيطرة على المرض عند العودة الى ما يشبه الحياة الطبيعية.
ولا تزال دول اخرى، ومنها اميركا، تتقدم بصعوبة في فحص الاصابات، لكنَّ المانيا تقوم بذلك واكثر، إذ ستأخذ عينات للاجسام المضادة من جميع السكان خلال الاشهر المقبلة، وتأمل بالحصول على معلومات قيّمة حول كيفية تسلل الفيروس الى المجتمع بأكمله ومدى خطورته، وما اذا كانت المناعة في تطور.
وتأمل الحكومة استخدام النتائج لفك اللغز ما سيتيح لألمانيا الانتقال بأمان الى المرحلة التالية من الجائحة: اي الرقابة الاجتماعية والاقتصادية على المدى البعيد التي تمكنت من إبطاء الفيروس.
 
خطورة تخفيف العزل
التساؤلات ذاتها تُطرح حول العالم. ففي بلدان اخرى مثل أيسلندا وكوريا الجنوبية اجريت فحوصات واسعة للاصابات، وجمعت بين الفحص والمتابعة الرقمية لتقليل انتشار الفيروس.
أما إيطاليا التي ضربها الفيروس بقوة فقد بقيت فحوصات الجسم المضاد بطيئة بسبب الجدل حول الكيفية والوقت الذي سيعاد فيه فتح البلاد. بينما اتجه رؤساء اقليميون الى اختبارات الامصال، التي تبحث عن وجود اجسام مضادة كطريقة لرسم مخطط افضل للعدوى، ولمعرفة ما يحمله الموظفون ايضا من الاجسام المضادة المنشودة التي توفر لهم المناعة والحماية المحتملة ليعودوا
الى العمل.
لكن حتى افضل الخطط الموضوعة يمكن ان تنحرف عن مسارها، لانه بمجرد محاولة سنغافورة إعادة فتح البلاد عاد الفيروس للظهور من جديد.
وفي اميركا يسارع دونالد ترامب لإنعاش الاقتصاد في عام الانتخاب، لكن الخبراء قالوا إنهم بحاجة للمزيد من الفحوصات الواسعة لفتح المجتمعات بشكل آمن.
كانت الفحوصات الاولية في بريطانيا واميركا في البداية خاطئة، فخسرتا عملية الفحص الشامل المبكر عند تفشي الجائحة، ما اضطرهم لتقنين الفحوصات حيث يتدافع الناس لاجرائها. اما ايطاليا فقد تنازعت حكومتها المركزية والقادة الاقليميون حول كيفية إجراء الفحص الواسع.
وتسعى ألمانيا، التي تنتج معظم معداتها الطبية وبجودة عالية، للفحص بأخذ العينات على نطاق اوسع لاكثر من 120 الف شخص يوميا، وتتزايد في دولة يبلغ عدد سكانها 83 مليوناً.
 
دراسة واسعة النطاق
تعد دراسة الجسم المضاد في جامعة ميونخ وبتمويل مشترك من حكومة ولاية بافاريا، الاهم بين العديد من الدراسات في ألمانيا. وما زال العلماء ينبهون بانه لا يوجد دليل حتى الآن على ان الكشف عن مؤشرات الاجسام المضادة تعني فاعلية جهاز المناعة، وحتى وإن كانت موجودة فمن غير المعروف مدى استمرار هذه المناعة.
بحسب تصريح مدير المؤسسة الوطنية لامراض الحساسية والعدوى في اميركا الدكتور أنتوني فوسي لشبكة CNN في شباط الماضي بعد نشر الدراسة: «لا يوجد شك بعد قراءة هذه الدراسة بان الانتقال يحدث بدون اعراض، وان هذه الدراسة تنهي التساؤلات».
 
ماذا يحتاج السياسيون؟
يؤكد العلماء ان قياس عدد الاصابات المخفية والإلمام بحجم المرض الحقيقي هو مفتاح لضبط التخفيف التدريجي للرقابة وخفض خسارة الدخل والعزل الاجتماعي.
يقول رئيس مؤسسة روبرت كوخ للامراض المعدية لوثر فيلير: «سنكُوّنُ فكرة افضل عن عدد الإصابات غير المكتشفة حينما ننفذ هذه الدراسات النموذجية، ونكون قد قمنا بالكثير للقياس الجيد». وظهرت بعض النتائج المؤقتة فعلا.
ففي بلدة جانجلت الصغيرة شمال غرب المانيا والتي يقطنها 12 الف نسمة تقريبا، وُجد في فحص المجموعة الاولى من 500 شخص ان 14 بالمئة يملكون اجساماً مضادة للفيروس، و2 بالمئة ظهرت نتائجهم ايجابية لفيروس كورونا، ما زاد الآمال بأنْ يكون 15 بالمئة تقريبا من السكان المحليين لديهم درجة معينة من المناعة.
حتى وان كان 15 بالمئة من سكان جانجلت لديهم درجة من المناعة، الا انه من شبه المؤكد ان تكون مستويات المناعة اقل في اماكن اخرى من البلاد.
يقول البرفسور فيلير: «نحن على مفترق طرق، فهل نحن ذاهبون تجاه المزيد من تخفيف العزل ورفع مستوى المناعة في الصيف لإبطاء انتشار الفيروس في الشتاء، والحصول على المزيد من الحرية للحياة العامة؟، ام اننا نحاول تقليل انتقالاته حتى نتوصل الى اللقاح؟، وهذا السؤال موجه للسياسيين وليس للعلماء، لكن السياسيين بحاجة للبيانات للقيام بتخمين مُلمٍ بالمخاطر».
عن صحيفة الاندبندنت البريطانية