باب الريان مفتوح للصائمين

اسرة ومجتمع 2020/05/05
...

وجدان عبد العزيز
 
الفرائض في الاسلام هي الاركان المهمة، وهي أعظم القربات، التي يتقرب بها العبد الى ربه، وبما أنّ صيام شهر رمضان ركن من أركان الإسلام، فلا يعدله أي صوم آخر. والصوم عبادة واجبة تُحقق التقوى، وتُطهر القلب، إذ قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)، فالصيام يعين القلب على التخلص من الحقد والقسوة والغل، ويبعد عنه وساوس الشيطان ومكائده، ويقول تعالى في الحديث القدسي الشريف: (كلُّ عَمَلِ ابنِ آدمَ لَه إلَّا الصَّومَ، فإنَّهُ لي وأَنا أجزي بِه)، وهذه إضافة تشريف وتعظيم، إذ قيل في معنى هذا الحديث إنّ الله تعالى، هو وحده العالم بعظم ثواب الصوم. ومن معاني هذه العبادة أيضاً أنّها لا يمكن أن يكون فيها رياء، كما هو الحال مع العبادات الأخرى، لذلك فإنها لله تعالى وحده، إذ يحقق المسلم عندما يصوم أنواع الصبر الثلاثة؛ وهي الصبر عن المعصية إذ أنّ الصيام يمنع من فعل المعاصي، والصبر على الطاعة، وهي طاعة الصوم الذي يؤديه خلال النهار، والصبر على أقدار الله عز وجل، بأن يصبر المسلم على الحرمان من الطعام والشراب، فيتعرض للجوع والعطش والكسل والفتور. وفي الاخبار يدخل الصائمون من باب الريان الذي هو من أبواب الجنة الثمانية، وهو مخصص فقط للصائمين ولا يدخل منه أحد غيرهم، وعندما ينتهون من الدخول منه يتم إغلاقه، وهناك حديث آخر مشهور مضمونه أن للصائم فرحتين: فرحة عند افطاره، وفرحة عند لقاء ربه، فتكون الأولى عند إفطارهم وإتمام صيامهم بانتهاء جوعهم وعطشهم، والثانية عند لقاء الله تعالى وما يجدونه من عظيم 
الأجر. 
وقد أعطى الله سبحانه وتعالى مكانة كبيرة للصيام، إذ يقول الرسول الكريم صلى الله عليه وآله وسلم: (ثلاثُ دَعَواتٍ مُستجاباتٍ: دعوةُ الصائِمِ، ودعوةُ المظلُومِ، ودعوةُ المسافِرِ)، وقال ايضا: خَلوف فم الصائم أطيب من رائحة المسك. 
إنّ من علوّ شأن الصيام عند الله تعالى أنْ جعل رائحة فم الصائم رائحة محبوبة إليه جل في علاه، والخلوف هو الرائحة التي تنطلق من الفم بسبب الصيام وعدم وجود طعام في المعدة. والى جانب معطيات الصيام الاجتماعية، يتجلى شعور الاغنياء بمحنة الفقر والفقراء، مما يشجع على حالة التكافل بين شرائح المجتمع. فضلا عن ذلك، هناك المعطيات الصحية للصوم، إذ قال 
رسول الله (ص): (صوموا تصحوا)، أي أنّ الصحة تشتمل على الصحة المرتبطة براحة النفس، اضافة الى الصحة في البدن، ولا ريب في أن صحة النفس هي الغاية القصوى، التي يجب على الإنسان أن يسعى لتحقيقها، ولا تصبح هذه النفس صحيحة إلاّ إذا سلمت من أسر الهوى والشهوات، وانّ الصوم خير قامع للشهوات، أي أنّ الصوم علاج خاص لمرض القلوب، وكذلك تكون فائدة الصوم للبدن.