في ذكرى وفاة ام المؤمنين السيدة خديجة

اسرة ومجتمع 2020/05/05
...

الشيخ حسن الصفار*
تمر هذه الايام من شهر رَمضَانَ ذِكرى وَفاةِ أُمِّ المؤمنينَ السيِّدة خَديجَة الكُبرى(ع)، الزَّوجةُ الأولى لرسولِ اللهِ (ص) وأَعظَمِ أُمَّهاتِ المؤمنينَ مَنزِلَةً وَقَدراً، حيثُ وَرَدَ عن أُمِّ المؤمنينَ عائِشة أنَّ النبي (ص) قال بحقها: مَا أَبْدَلَنِي اللهُ خَيْرًا مِنْهَا، آمَنَتْ بِي إِذْ كَفَرَ بِي النَّاسُ، وَصَدَّقَتْنِي إِذْ كَذَّبَنِي النَّاسُ، وَوَاسَتْنِي بِمَالِهَا إِذْ حَرَمَنِي النَّاسُ، وَرَزَقَنِي اللهُ وَلَدَهَا إِذْ حَرَمَنِي أَوْلَادَ 
النِّسَاءِ. 
فهيَ الزَّوجةُ الَّتي امتَدَّ نَسلُ الرَّسول (ص) مِن خِلالِها ومِن خِلالِ ابنتِها، حيثُ أنجَبَت السيِّدة فاطِمَة الزَّهراء (ع) الَّتي شاءَ اللهُ تعالى أن تَنحَصِرَ ذُرِّيَّةُ الرسول (ص) 
بأولادِها. 
وَقَد كانَ للسيِّدةِ خَديجَة دورٌ كبيرٌ في نهضة الإسلام الأولى حيثُ وقفت مع الِرسول (ص) وجاهدت مَعَهُ بِنَفسِها وبِمالِها، حتَّى قيل: قامَ الإسلامُ بسيفِ عليٍّ (ع) ومالِ خَديجَة
(ع).
فخديجة هي أم القاسم ابنة خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب القرشية الأسدية، فيلتقي نسبها مع نسب الرسول (ص) في قصي بن كلاب. ويروى أنّها كانت تدعى في الجاهلية 
بالطاهرة. 
وأمها هي فاطمة بنت زائدة قرشية من بني عامر بن لؤي. 
وكانت ذات مال وفير فعرضت على النبي (ص) أن يخرج في مالها إلى الشام فخرج مع مولاها ميسرة، فلما قدم باعت خديجة ما جاء به فأضعف فرغبت فيه وكانت تلك بداية المعرفة بسجايا النبي (ص) واخلاقه والتي اثمرت عن زواجهما فأصدقها النبي (ص) عشرين ناقة 
بكرا. 
وقال الواقدي المؤرخ: إنّ النبي تزوجها وهي بنت ثمان وعشرين سنة، لكن المؤرخين يعرضون عن هذا الرقم ويميلون لرواية ابن بكار التي تقول بزواجها من النبي (ص) بعمر اربعين سنة ولم تعتمد رواية الواقدي.
مناقب السيدة خديجة جمة وكثيرة، وهي ممن كمل من النساء. كانت عاقلة جليلة دينة مصونة كريمة من أهل الجنة. 
وكان النبي (ص) يثني عليها ويفضلها على سائر المؤمنين. ومن كرامتها عليه (ص) أنّها لم يتزوّج امرأة قبلها، وجاءه منها عدة 
أولاد. 
ولم يتزوج عليها قط ولا تسرى إلى أن قضت نحبها فوجد لفقدها، فإنّها كانت نعم القرين وكانت تنفق عليه من مالها ويتجر هو (ص) 
بمالها. 
وابلغه الله أن يبشرها ببيت في الجنة من قصب لا وصب فيه ولا نصب. وعن ثابت عن أنس قوله (ص): "خير نساء العالمين مريم وآسية وخديجة وفاطمة". 
يتفق المؤرخون والرواة بأن أبناء السيدة خديجة هم: القاسم وبه كان النبي (ص) يُكنى، والطيب، والطاهر، وقد مات هؤلاء رضعا، ورقية، وزينب، وأم كلثوم، وفاطمة. 
وعن عائشة (رض) أنّها توفيت قبل أن تفرض الصلاة على 
المسلمين. 
ويروى أنها توفيت في العاشر من شهر رمضان، وقد دفنت في منطقة وادي الحجون الواقع غرب مدينة مكة القديمة، عن خمس وستين سنة، وهي المقبرة التي تضم قبور بني هاشم وعبد المطلب جد النبي وعمه ابي طالب وولده القاسم، وكانت تلك المقبرة مشيدة باضرحة وقباب منيفة فوق القبور أهل النبي (ص) لكن سلطات مكة عمدت في العام 1925 الى هدم القبور وازالتها من الوجود وسورت المقبرة بسور يمنع وصول الناس للتبرك بآثار اهل النبي 
(ص). 
وقال الواقدي أن بني هاشم خرجوا من شعب ابي طالب قبل الهجرة بثلاث سنين فتوفي أبو طالب وقبله خديجة بشهر وخمسة أيام. وقال الحاكم النيسابوري: انها ماتت بعد أبي طالب بثلاثة أيام .
قال حكيم بن حزام: دفناها في مقبرة الحجون ونزل رسول الله  في حفرتها ولم يكن يومئذ سنة الجنازة الصلاة عليها. وأطلق اسم عام الأحزان على العام الذي شهد رحيلها ورحيل أبي طالب عم النبي وكافله وسنده، حتى قال المؤرخ ابن اسحاق: "تتابعت على رسول الله (ص) المصائب بوفاة أبي طالب وخديجة"، فقد ازداد أذى كفار قريش للنبي (ص) وأصبح وحيدا بعد رحيل سندين له عاشا معه عشر سنوات يدفعان عنه غول
 الكفار.
* رجل دين / كربلاء