الزراعة .. مورد المستقبل

ريبورتاج 2020/05/09
...

بغداد / سها الشيخلي 
يواجه العراق مشكلة مزدوجة تهدد وضعه الاقتصادي بسبب انخفاض اسعار النفط وتفشي فيروس كورونا، الامر الذي قد ينعكس سلباً على امنه الغذائي ، المختصون في وزارة الزراعة تحدثوا عن ابرز الاجراءات والخطط للحفاظ على الامن الغذائي للشعب العراقي بطريقة سلسة، لا تدعو للقلق من خلال دعم القطاع الزراعي بمختلف انواع الانتاج . 
مشروع
 المستشار في وزارة  الزراعة الدكتور مهدي ضمد القيسي  تحدث عن مشروع  الامن الغذائي الذي تبنته وزارة التخطيط والوزارات المساهمة ( الزراعة والموارد المائية والتجارة )، وعقد الاجتماع في وزارة التخطيط برئاسة وزيرها  و حضور وزراء الجهات المشاركة ، وممثل الامم المتحدة ( منظمة الفاو) وهيئة المستشارين والقطاع الخاص ، وتم اعلان خطة العمل للعام 2020 -2022 وحسب الاولويات والمستجدات في الظرف الحالي ،  كانخفاض اسعار النفط  وجائحة كورونا  ، ولذلك قدمت وزارة الزراعة ورقة عمل خاصة  آنية ومستقبلية ، وتمت مناقشتها في المؤتمر لتبين كيف  يمكن أن ينهض القطاع الزراعي وما المطلوب منه في هذا الظرف الحرج ، وبين القيسي:  من وجهة نظرنا فالزراعة هي النفط الدائم والمستدام وهي هويتنا، لان النفط  في قادم السنين ينضب وينتهي  والزراعة  هي دائمة ومستدامة ، ويمكن أن تنمي البلد  . 
 
تحريك القطاعات
واكد  القيسي ان الزراعة ستقوم  بتحريك القطاعات الاخرى واولها الصناعة  ، فمعظم المخرجات ستأتي من القطاع الزراعي الى  الصناعي وبالعكس ومنها المكننة ومنظومات الري بالرش والاسمدة والمبيدات واللقاحات والعلاجات البيطرية ، واضاف :  لا اعني  فقط وزارة الزراعة بل القطاع الخاص والعام ايضاً ، وكذلك في الصناعة   ، فالتجارة سوف تنشط وكذلك طرق المواصلات  وسيدخل مورد جديد للبلد ، وتوفر آلاف فرص العمل في الصناعات التحويلية او الساندة  للزراعة او الانتاج الحيواني  ، بعض الدول تستخدم بذوراً معدلة وراثياً ، والمتبقي من المبيدات  ومثل هذه المشكلات الموجودة في الغذاء يمكن ان نقوم  باختصارها اذا خرج غذاؤنا من ارضنا ويكون  اكثر اماناً صحياً من المستورد  . 
 
بداية المشروع
واشار القيسي :  الى البدء بمشروع  الامن الغذائي منذ فترة وتم الاعلان في عام 2019   عن منع استيراد 25 محصولاً  زراعياً وهو تأكيد على ان هذا المشروع سار وفعال، لكنه بحاجة الى دعم اكثر اما وجود فاكهة  مستوردة فهذا صحيح ومنها البرتقال وبالنسبة لنا لم نمنح اجازة استيراد للمحاصيل الممنوعة  ، لافتاً الى وجود خروقات  يجب متابعتها من قبل الجهات الرقابية مع اعطاء تطمينات بتوفر الخضر والفواكه ولا حاجة  لفتح الاستيراد ،  من اجل دعم الفلاح والمزارع ، واذا  فتح الاستيراد لمادة لا نحتاجها فهو  اغراق للسوق وخفض للانتاج  وسنعود الى المربع ما قبل الصفر ،  ولذلك يجب  السيطرة التامة على المنافذ الحدودية وقد تم  عرض هذا المشروع على المجلس الوزاري للاقتصاد ثم  على مجلس الوزراء  . لافتاً الى وضع توصيات للبرامج التي ستساعد في تنشيط القطاع الخاص وخاصة الصناعات التحويلية كمعامل معجون الطماطم والدبس والخل واللحوم والالبان ومنتجاتها ومحطات الابقار الكبرى ، ويمكن ان يكون للقطاع الخاص دور كبير اذا استطعنا حماية المنتج المحلي من المستورد والسيطرة على المنافذ والمعابر غير الرسمية . 
 
حرائق 
ولفت المستشار القيسي الى  موضوع حرائق الحنطة التي تحدث بين فترة واخرى في نينوى وصلاح الدين والانبار وقيام وزارة الزراعة بمخاطبة  رئاسة مجلس الوزراء للتأكيد على الجوانب الامنية وشروط الامان من قبل الدفاع المدني  للحفاظ على محصول الحنطة وباقي المحاصيل الاخرى،  وقد اعلنت وزارة التجارة انها لم تستورد الحنطة في العام  2019 لانها تسلمت 4ملايين و700 الف طن من الحنطة، ما يكفيها للبطاقة التموينية وتوفر مبالغ لدعم الموازنة من خلال توفير العملة الصعبة ، فالوزارة تشتري من الفلاح بالعملة العراقية ،اما بالنسبة لمحصول الشعير فهو فائض عن الحاجة ويباع لمربي الثروة الحيوانية بسعر مدعوم  وقد يتم تصدير محصول هذا العام بعد تسلمه من الفلاحين ، وهذا يعني اننا وصلنا مراحل متقدمة وليس الاكتفاء الذاتي فقط  وتم تصدير بعض الخضراوات كالباذنجان والفواكه كالرمان والتمر وهي اول مقومات نجاح القطاع الزراعي من خلال السيطرة على عدم دخول المنتج خارج ضوابط الاستيراد .
 
 الثروة الحيوانية
 الدكتور حسين علي سعود مستشار وزارة الزراعة لشؤون الثروة الحيوانية تحدث عن اهم خطط الوزارة في موضوع الامن الغذائي قائلاً :  تم اعداد برنامج للامن الغذائي من قبل لجنة متخصصة مشكلة بموجب امر ديواني برقم 17 لسنة 2019 ووضعت هذه اللجنة ستراتيجية من عام 2020-2024 وقبل ايام تمت مناقشة مشروع الامن الغذائي في وزارة التخطيط وحددت الخطوط العريضة له ،في الانتاج الحيواني تم منع استيراد بيض المائدة والدجاج منذ مايس 2019 والاكتفاء بالمنتج المحلي ، وخلال فترة دخول فيروس كورونا تم الاجتماع مع جميع الشركات المنتجة للدواجن وشاركت 11 شركة كبرى في الاجتماع والتي تربي اكثر من مليون دجاجة بياضة ، الوزارة تدعم هذه الشركات بالخبرة والآلات والمواد الاولية والادوية واللقاحات على ان تقوم هذه الشركات بتثبيت سعر طبقة البيض باربعة آلاف وخمسمئة دينار وبعد اضافة ارباح باعة المفرد يكون السعر خمسة آلاف دينار ، وتم الاتفاق مع الشركات بفتح منافذ تسويقية داخل المدن وتبيع بسعر الجملة للمواطن ، اضافة الى قيامهم بتوزيع 100 صندوق يومياً لكل شركة الى الفقراء وذوي الدخل المحدود والاسر المتعففة ونحن من جانبنا ندعمهم بالاعلاف وبنفس العملية بالنسبة للدجاج ، ومنذ العام 2019 وحتى الان لم نمنح اية اجازة استيراد للبيض والدجاج لدعم المنتج المحلي وحفاظاً على صحة المواطن ذلك لان الانتاج يتم تحت الرقابة المباشرة والاعلاف التي توزعها الوزارة خالية من المواد الهرمونية والمحفزات الكيميائية وتتم تربية الدجاج تحت اشراف البيطرة ، ولم تحصل شحة في مادة البيض والدجاج وقد تكون هناك عمليات تهريب لكنها بكميات محدودة برغم وجود حدود واسعة مع دول منتجة للبيض والدجاج .
 
صيد جائر
 واضاف سعود : بالنسبة للاسماك  سنوياً يتم منع صيد الاسماك النهرية في موسم التكاثر، لان صيد امهات الاسماك وهي محملة بالبيوض يعد خسارة كبيرة في موسم تكاثرها وتقتل الاسماك الصغيرة ، لكن لا يمنع صيد الاسماك التي تربى في الاحواض الطينية او الاقفاص والسوق المحلية تعتمد على سمك الكارب الذي يمتهن تربيته الكثير من المزارعين، وهذا النوع من الاسماك دخل الى العراق من ماليزيا في اربعينيات القرن الماضي ونجحت تربيته لدينا وهو الاقرب الى سمك البني المحلي واسعاره زهيدة في متناول الاسرة العراقية ، ولذلك منعنا استيراد السمك الحي والمجمد والمبرد ونحن مكتفون ذاتياً بالانتاج المحلي منذ سنة  تقريباً، ولدينا في محمية الرضوانية تجارب لتكثير انواع من الاسماك المحلية ( البني والكطان والشبوط) بطريقة التلقيح الصناعي ولدينا في الصويرة تجارب للحفاظ على هذه الانواع والفائض منها نطلقه في الانهار لكن الصيد الجائر اثر في الثروة السمكية بشكل كبير بسبب غياب الرقابة واستعمال المواد الكيميائية والمتفجرات او الصعقات الكهربائية  والتي تقتل جميع الاسماك الصغيرة والكبيرة وتؤدي الى نضوب الثروة السمكية الطبيعية المتوفرة في الانهار والمسطحات المائية . 
واشار المستشار سعود الى منع استيراد الاغنام لاغراض التربية والاكتفاء بما متوفر منها ، لكن توجد بعض عمليات التهريب المحدودة ،اما بالنسبة للابقار والعجول فيسمح باستيرادها لاغراض التربية والجزارة لكن هذا الاستيراد لن يستمر طويلاً لكي نحافظ على الثروة الحيوانية ، حالياً قللنا الاستيراد لوجود منتج محلي ويتم فتح الاستيراد كل ثلاثة اشهر في السنة ، اما عمليات تهريب المواشي المحلية فهي قليلة نسبياً  وفي السابق كان يجري تهريبها وفق سعر صرف الدولار . وكنسبة على مستوى التقدم في مشروع الامن الغذائي نحن في مستوى 50% ، وستزيد في قادم الايام وصولاً الى مستويات متقدمة