الإدارة الأميركيَّة تتهم «مندسين» بتأجيج الاحتجاجات

قضايا عربية ودولية 2020/06/01
...

واشنطن/ وكالات
 
 
اتهم وزير العدل الأميركي، وليام بار، من وصفهم بـ «المتعصبين والمحرضين المندسين» بالوقوف وراء أعمال الشغب في مدينة مينيابوليس ومدن أميركية أخرى على خلفية مقتل المواطن من أصول إفريقية، جورج فلويد، على يد عناصر شرطة، وبينما لوّح الرئيس الأميركي دونالد ترامب باستخدام القوة العسكرية «غير المحدودة» ضد المتظاهرين؛ تواصلت التظاهرات الواسعة المنددة بجريمة قتل «فلويد» والتعامل العنصري مع السود والأقليات الأخرى، وسط أجواء من العنف والنهب والسرقة والحرائق التي اندلعت في أكثر من مدينة، بينما أفادت مصادر وتقارير شبه رسمية عن سقوط قتلى ومصابين في تبادل إطلاق نار. وقال وزير العدل الأميركي، في بيان أمس الأحد: إنَّ «مجموعات من المتعصبين والمحرضين المندسين يستغلون الوضع لمواصلة تنفيذ 
أجندتهم للعنف».
وحمل بار أنصار حركة «أنتيفا» (مناهضة الفاشية) اليسارية المسؤولية عن أعمال الشغب في مينيابوليس ومدن أخرى بالبلاد في الأيام الأخيرة، متعهداً بمحاكمة المتظاهرين المنظمين الذين شاركوا في الاضطرابات بجرائم اتحادية، وأضاف، إن «تجاوز حدود الولاية للمشاركة في أحداث الشغب العنيفة هي جريمة اتحادية، وسنطبق تلك القوانين». 
ووعد وزير العدل الأميركي مع ذلك بتحقيق العدالة في قضية مقتل فلويد، التي أثارت موجة من الاحتجاجات الحاشدة في الولايات المتحدة.
 
تهديدات ترامب
بدوره، هدد الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، باستخدام القوة العسكرية غير المحدودة ضد المتظاهرين، وقال ترامب، في تغريدتين عبر حسابه في موقع «تويتر»: إنَّ «عبور حدود الولاية من أجل التحريض على العنف جريمة فدرالية! على الحكام ورؤساء البلديات الليبراليين أن يكونوا أكثر صرامة وبشكل كبير، وإلا فستتدخل الحكومة الفدرالية وستفعل ما يجب فعله، وهذا يشمل استخدام القوة غير المحدودة لعسكريينا وتنفيذ اعتقالات كثيرة».
واعتبر ترامب أن «80 بالمئة من المشاغبين في مينيابوليس قدموا من خارج الولاية»، وقال: إنهم «يضرون الأعمال (خاصة التابعة للأميركيين من أصول إفريقية) والمنازل ومجتمع أهالي مينيابوليس الطيبين والمحبين للعمل، الذين يريدون السلام والمساواة».
وفي تصريح صحفي آخر، قال ترامب: إنه «على السلطات المحلية في مينيابوليس أنْ تكون صارمة وقوية وذكية في إجراءاتها».
وتابع: «قواتنا المسلحة مستعدة وتمتلك إرادة ومهارة في حال رغبت (السلطات المحلية) في دعوتها في أي وقت، نستطيع إرسال قواتنا إلى هناك بشكل سريع جدا».
وتابع ترامب قائلاً: «هؤلاء الأشخاص (من حركة مناهضة الفاشية – أنتيفا)، يساريون متطرفون سيئون، يجب تعليمهم أنه لا يمكن التصرف بمثل هذه الطريقة». كما سخر الرئيس الأميركي من فرار عناصر الشرطة من مركز تم إحراقه، قائلاً: «لم أر أبداً في حياتي مثل هذا الحدث المروع والغبي، والآن نشهد أنهم يريدون تبرير ذلك. على الشرطة أن تكون أكثر صرامة». وضمن سلسلة تغريداته، أشاد ترامب بطريقة تعامل جهاز الخدمة السرية مع المتظاهرين أمام البيت الأبيض، قائلا إنه لو تسللوا إلى مقر الرئاسة لواجهوا «الكلاب الأكثر شراسة والأسلحة الأكثر رعباً».
الدفاع والحرس الوطني
إلى ذلك، رفعت وزارة الدفاع الأميركية درجة التأهب استعداداً لنشر قواتها في البلاد على خلفية الاحتجاجات الواسعة، وقالت الوزارة في بيان: إنه «وجه لبعض القوات المسلحة التابعة له في الدائرة العسكرية الـ10 بالاستعداد للانتشار في مينيابوليس في غضون 4 ساعات حال طلبت السلطات المحلية ذلك».
وفي خطوة استثنائية، أعلن حاكم ولاية مينيسوتا تيم والز، عن التعبئة الكاملة لقوات الحرس الوطني في الولاية على خلفية الاحتجاجات، وصرح والز بأن هذه الخطوة «تعد الأولى من نوعها في تاريخ الولاية»، فيما أشار الحرس الوطني في الولاية على حسابه في «تويتر» إلى أن هذا الإجراء لم يتخذ منذ الحرب العالمية الثانية. وشدد والز على أن «الأولوية القصوى تكمن الآن في استعادة النظام في شوارع مينيابوليس»، مشيرا إلى أن «ما شهدته المدينة ليلة السبت من الاحتجاجات وأعمال الشغب والنهب والاشتباكات بين قوات الأمن والمتظاهرين لم تعد له أي علاقة بمقتل الشاب من ذوي البشرة السمراء جورج فلويد خلال توقيفه جراء استخدام ضباط شرطة العنف المفرط». وأوضح الحاكم أن «عناصر الأمن واجهت عبوات ناسفة يدوية الصنع»، محملاً «جماعات ذات مستوى تنظيم عالٍ، المسؤولية عن اتباع ستراتيجية ممنهجة بغية منع السلطات في الحفاظ على النظام».
وأضاف حاكم الولاية إلى أن حظر التجوال يمنح للسلطات أرضية قانونية لتوقيف المشاركين في المظاهرات، ودعا المواطنين إلى إبلاغ السلطات بشأن الأشخاص الذين يقفون وراء أعمال الشغب، قائلا: «ليسوا من مينيابوليس. لكنهم سيبقون هنا!».
 
تجدد التظاهرات
وتجددت مساء السبت (صباح أمس الأحد بتوقيت الشرق الأوسط) مظاهرات احتجاجية، رافقتها أعمال شغب في عدد من المدن الأميركية على خلفية مقتل فلويد، على يد عناصر شرطة في مينيابوليس.
شرطة مدينة أوكلاند في ولاية كاليفورنيا، أعلنت عن مقتل ضابط في خدمة الحماية الفيدرالية وإصابة آخر جراء إطلاق نار حصل خلال مظاهرات في المدينة ليل السبت.
ولفتت الشرطة إلى ورود تقارير عن أعمال شغب ونهب وسرقة وإحراق واعتداءات على عناصر للشرطة خلال مظاهرات ليل السبت، مؤكدة إلقاء القبض على عدد من الأشخاص. وبحسب وكالة «أسوشيتد برس» فإن السلطات قامت باعتقال نحو 1400 متظاهر في 17 ولاية أميركية بسبب أعمال الشغب والاحتجاجات غير المرخصة في البلاد، كذلك أسفرت الاحتجاجات عن سقوط قتيل من المتظاهرين على الأقل وإصابة آخرين بأعيرة نارية.
كما أفاد قائد شرطة مدينة نيويورك، ديرموت شي، باعتقال أكثر من 200 شخص خلال احتجاجات شارك فيها الآلاف مساء السبت، وتركزت الاعتقالات بحي بروكلين الذي تقطنه أغلبية من الأميركيين ذوي الأصول الأفريقية.
وقال شي: إنَّ «قوات الشرطة ضبطت خلال التعامل مع المظاهرات أسلحة نارية وأغراض كان من المخطط لاستخدامها 
ضد قوات الأمن».
وخرج آلاف المتظاهرين للاحتجاج في كل من مينيابوليس ولوس أنجلوس ونيويورك وواشنطن وعدد من المدن الأخرى، حيث تحولت المظاهرات في لوس أنجلوس إلى اشتباكات مع الشرطة، التي لجأت إلى استخدام الهراوات والطلقات المطاطية لإجبار المحتجين على التراجع، وخرب المتظاهرون في لوس أنجلوس، حسب تقارير إخبارية، 9 سيارات للشرطة.
كما تجددت الاحتجاجات أمام البيت الأبيض في واشنطن، بينما انضمت السيناتورة الديمقراطية، كامالا هاريس، للمحتجين، حيث تسعى قوات الأمن إلى ردعهم ليبقوا على بعد حي واحد من مقر الرئيس الأميركي، وتم نصب حواجز مؤقتة أمامه.
وبدأت أيضاً اضطرابات في مدينة بالتيمور بولاية ميرلاند حيث أضرم المتظاهرون النار في سيارة شرطة، وعلى خلفية تصعيد التوتر في البلاد، أعلنت سلطات كل من (دينفير وتسينتسيناني وميلووكي) فرض حظر التجول في ساعات المساء والليل بهذه المدن. 
 
حدث كندي
وتزامناً مع التظاهرات في أميركا، تظاهر آلاف الأشخاص في مدينة تورونتو الكندية لإدانة العنصرية وأعمال العنف التي تقوم بها الشرطة في الولايات المتحدة وكندا.
ونظمت التظاهرة على إثر وفاة امرأة كندية من أصول إفريقية، الأربعاء الماضي، في تورونتو بعدما سقطت من شرفة تقع في الطابق الرابع والعشرين خلال عملية مداهمة للشرطة، في ظروف ما زالت غامضة. ورفع المتظاهرون الكنديون الذين وضع معظمهم كمامات لافتات كتب عليها: «حياة السود تهمة» و»لم أعد قادرا على التنفس»، العبارة التي قالها الأميركي جورج فلويد، عندما كان شرطي أبيض يجثم على عنقه بركبتيه ليحرمه من التنفس. وضم الحشد أشخاصا من كل الأعراق وعكس تنوع سكان تورونتو، أكبر مدينة كندية يبلغ عدد سكانها ستة ملايين نسمة. وهتف المتظاهرون: «لا عدالة، لا سلام»، وكتب على لافتة «العدالة لريجيس» السيدة التي توفيت خلال الأسبوع الماضي بعدما سقطت من شرفة شقتها في تورونتو في ظروف غامضة.
 
توبيخ إيراني
إلى ذلك، وجهت إيران توبيخا شديد اللهجة للولايات المتحدة بسبب مقتل المواطن الأميركي من أصول إفريقية جورج فلويد.
ونشر وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف تغريدة على «تويتر» قال فيها: «لا يعتقد البعض أن حياة السود مهمة»، مستخدماً وسم «بلاك لايفز ماتر»
 أو «حياة السود مهمة». وأضاف: «ولمن يعتقد أنها مهمة.. لقد تأخر كثيرا أن يشن العالم بأسره حرباً على العنصرية.. حان الوقت لعالم 
ضد العنصرية». وتابع قائلاً: «الحكومة الأميركية تبدد موارد مواطنيها سواء بمغامراتها في آسيا أو إفريقيا أو أمريكا اللاتينية»، مستخدما الصياغة نفسها التي اتبعها وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو في رسالة بعث بها إلى المحتجين في شوارع إيران عام 2018.
وكانت وزارة الخارجية الإيرانية قد نددت بمقتل جورج فلويد الأعزل في منيابوليس في واقعة أثارت احتجاجات في مدن أميركية تحول بعضها إلى العنف. وأدان بيان للوزارة ما وصفه «بالقتل المفجع للسود والتمييز العنصري القاتل في الولايات المتحدة»، وأضاف، إن «أصوات المحتجين يجب أن تُسمع... وقمع الأميركيين المعذبين يجب أن يتوقف فوراً».