الميسانيون .. من بناة الحضارة في بغداد

ثقافة شعبية 2020/06/03
...

 ريسان الخزعلي
 
(1)
جبار عبد الله الجويبراوي، أديب منح وجوده الحياتي/ الثقافي لمدينته العمارة وتفاصيل ميسان الواسعة، تفاصيل من التكوين: التاريخي، السياسي، الاجتماعي، الاقتصادي، الثقافي، الجغرافي، السلالي، الشعبي. منحه بانحياز يقوم على كل ما هو معرفي وتنقيبي. كتب عن الأهوار بحساسية شاعر، والجويبراوي شاعر معروف ضمن الجيل التحديثي في القصيدة الشعبيَّة العراقيَّة، إلا أنه قدم التضحية واستغرق بنبش تاريخ ميسان: تاريخ التعليم، تاريخ الطب، تاريخ الأعلام، السجون، الفولكلور، الشعروالشعراء، انتفاضات العشائر، الوجوه والشخصيات اللامعة، الغناء، الأهوار، العمق الزمني لما قبل الميلاد.
وبذلك يمكن القول إنه ذاكرة موسوعيَّة، ذاكرة أعادت الضوء الى ميسان بعد أن كانت في الضوء. أخذ منه البحث والتقصي الكثير من التجاعيد والشعر الرمادي، إلا أنه كان مزهواً بهذه اللوحة. إنه ذاكرة مدينة.
أصدر الجويبراوي الكثير من الأعمال التي تعزز مكتبة الثقافة الشعبية والمكتبة الثقافية بصورة عامة، من بينها:
(تاريخ ميسان – دراسة اقتصادية سياسية اجتماعية ثقافية، سلاما أيها الأهوار، تاريخ التعليم والطب والسجون في ميسان، في الطريق إلى الأهوار، هور الحويزة – دراسة جغرافية تاريخية بشرية، الميسانيون – من بناة الحضارة في بغداد).
 
(2)
في كتاب (الميسانيون) تتعدد فصول البحث والدراسة لتشمل إحصاءً وتعريفاً واسِعين بكل الشخصيات الثقافية والاجتماعية والمهنية والشعبية ممن أسماها: من بناة الحضارة في بغداد، وهو بذلك يشير الى الدور المعرفي والثقافي والعلمي الذي قامت به تلك الشخصيات في بغداد بعد الهجرات الاضطرارية والاختيارية الى العاصمة الخالدة، وقد عزز إشارته هذه بقول (حنا بطاطو) في كتابه (العراق) ذي الأجزاء الثلاثة: إنَّ الميسانيين المهاجرين أدوا دوراً مهماً في تاريخ العراق الحديث.
تسلسلت فصول الكتاب بتراتبيَّة مدروسة وعلى النحو الآتي:
الميسانيون المهاجرون ودورهم في مظاهر العمرنة في بغداد، مساهمة الميسانيين في تأسيس أول جامعة في بغداد، عمداء كليات بغداد الأوائل، التدريسيون، العلماء، الأطباء الصيادلة، التربويون الأوائل، رجال القانون، الوزراء، الفنانون التشكيليون، الصاغة المندائيون، الصحفيون والإعلاميون، الرياضة والرياضيون، الأدباء والكتاب، المسرحيون والسينمائيون، المهندسون، الشخصيات الاجتماعية والسياسية والدينية. 
لقد ضمت فصول الكتاب مجتمعة المئات من أسماء الشخصيات مما يصعب ذكرها تفصيلاً، مع خلاصة وافية عن حياتها معززة بالصور الشخصية. ومن هنا يمكن تصور وتقييم حجم وسعة الجهد الذي بذله الباحث، وأراه جهد سنوات عديدة من البحث والتقصي والمراجعة والعودة الى المصادر ولقاء بعض الشخصيات من الأحياء أو مقابلة ذوي الراحلين.
يقول الباحث في مقدمة الكتاب: "لم يكن هذا العمل المتواضع بسيطاً وسهلاً، بل هو جهد أربعة عقود من البحث والدراسة والاطلاع على السير الذاتية . وكان لزاماً عليَّ أنْ أدونَ بكل فخر واعتزاز سيرة أولئك البناة في كل حقل من حقول المعرفة، لكي يكونوا قدوة حسنة لأبناء هذا الجيل من أبناء العراق.
 
(3)
ولكي نبعد ما تقدم من القول عن التجريد والإنشاء، يكون من المفيد أنْ نذكر بعض الأسماء اللامعة من البناة الميسانيين للمثال وليس الحصر، إذ إنَّ هذا البعض اللامع هو عينة من بين اللامعين الآخرين: (الدكتور عبد الجبار عبد الله – عالم فيزياء وأول رئيس لجامعة بغداد في العهد الجمهوري الأول. الدكتور حامد الباهلي – عالم ذرة. الدكتور عبد الحسن زلزلة – وزير. السيد فيصل شرهان العرس – وزير. الدكتور إبراهيم السامرائي – تدريسي، الدكتور عبد الجبار المطلبي – تدريسي. الدكتور شريف يوسف – عميد كلية الهندسة عام 56 – 1957. الدكتور عبد الغني زلزلة – طبيب، الدكتور أديب توفيق الفكيكي – طبيب. السيدة جوزفين برجوني – صيدلانية. الدكتور مجيد تقي محبوبة – صيدلي. السيد غضبان رومي الناشئ – تربوي. السيد توفيق الفكيكي – قانوني. جاسم محمد العوادي – 
محامي).
(السيد طه الشيخ احمد – عميد ركن ومدير التخطيط والحركات عام 58. السيد كاظم حيدر – فنان تشكيلي. السيد شوكت الربيعي – فنان تشكيلي. الدكتور سلام مسافر – صحفي. السيد اسماعيل زاير – صحفي. السيد حسب الشيخ جعفر- شاعر. أنور خليل – شاعر. لميعة عباس عمارة – شاعرة. السيد جمعة اللامي – روائي. السيد عبد الرزاق المطلبي – قاص وروائي. السيدة زكية خليفة – فنانة. السيد صلاح كرم – مخرج. السيد خلف الخميسي – مهندس. السيد صالح مهدي دكلة – سياسي. السيد نزار شنيشل زامل – صائغ. السيد علي الكيار – رياضي. جودت التميمي – شاعر 
شعبي).
 
(4)
(الميسانيون - من بناة الحضارة في بغداد)، كتاب توثيقي لشخصيات راكزة في ذاكرة مدينة عراقية، مدينة هي مستقر المياه الأخير، مدينة سليلة التكوين السومري، وها هي (اليشن) ما زالت تطوقها وتشيرها الى الحقيقة الأولى حيث الكتابة على ألواح الطين مسمارية الحفر والتأصيل. وها هو/ الجويبراوي/ يؤصل التأصيل.
وفي المفتتح الختامي نقول له: تقدم أيها الباحث المبدع، فالنوم فناء...