تحذير: الكمامات «الاهلية» لا توفر الحماية من كورونا

ريبورتاج 2020/06/06
...

بغداد/ بشير خزعل 
 

دعا مختصون بالشأن الصحي الى ضرورة متابعة صناعة الكمامات التي تنتج محليا ووضعها تحت الرقابة الصحية، فبعض المنتج منها في معامل وورش اهلية قد لا توفر الحماية الكافية من الفيروس، بسبب أن قطر فيروس كورونا أقل سمكًا من قطر فتحات النسيج في الكمامات الجراحية الزرقاء التي تقوم بإنتاجها معامل اخرى متخصصة، وبحسب تصريحات مترجمة لاختصاصي الأمراض المعدية بجامعة (فاندربيلت) (الدكتور وليام شافنر) فإن “قناع الوجه الجراحي لا يحمي من فيروس كورونا الجديد”، مشيرًا إلى أنه “يمكن لقناع أكثر تخصصًا يعرف باسم قناع التنفس “إن 95” (N95 Respirator Mask) أن يحمي من فيروس كورونا الجديد، هذا القناع أكثر سمكًا من القناع الجراحي، ولكن يجب ارتداؤه بطريقة معينة”. ويزيل القناع المذكور، نحو 95% من جميع ملوثات الهواء التي قطرها 0.3 ميكرون وأكبر.
 

مشورة صحيَّة
يمكن للانتاج المحلي للكمامات الذي تقوم به مؤسسات متعددة من القطاع الخاص والعام ان يرتقي الى مستوى حماية امن المواطن الصحي من خلال الالتزام بالشروط الصحية وتقديم المشورة حول طبيعة استخدام المواد الداخلة في صناعة الكمامات وعدم استخدام الاقمشة والانسجة العادية التي قد تسمح بمرور الفايروسات، لاسيما وأن بعض المصنّعين لا يملكون الدراية العلمية والفنية حول كيفية الوقاية من الفايروسات.
 
مصنعون
رعد السراي صاحب ورشة خياطة في بغداد، دعا إلى دعم المصانع العراقية بالتزامن مع الإجراءات الصحية لمكافحة فيروس كورونا، من خلال تقديم التسهيلات الادارية والاعفاءات الضريبية.
اذ يقول: بعد تزايد الطلب على استخدام الكمامات لمواجهة الفيروس ، قمت بتحويل ورشتي من خياطة الملابس الرجالية الى خياطة الكمامات ، اذ اشتري الاقمشة من اسواق البزازين في منطقة الشورجة وهي اقمشة خفيفة خاصة بصناعة الكمامات، ونقوم بخياطتها ثم طرحها الى الصيدليات او المذاخر من خلال بعض المندوبين، وعن مدى ملاءمة الكمامة من الناحية الطبية في صد الفيروس بيّن السراي: المهم ان الكمامة لا تسمح بمرور الفيروسات لأنها تمنع عبور اي مادة صغيرة، وهي لا تحتاج الى علم واسع في طريقة صنعها او استخدامها، ويمكن صنعها ببساطة من قبل اي شخص، وهذا افضل من استيرادها من الخارج بالعملة الصعبة.
 
مواد أوليَّة
(أبو محمد) صاحب ورشة لخياطة الدشداشة الرجالية في مدينة الشعب، حول جزءا من ورشته الى تصنيع الكمامات ، بعد ان زاد الاقبال على استخدامها من قبل المواطنين، واكد ان الاقمشة التي يقوم باستخدامها في تصنيع الكمامات يشتريها من الاسواق المحلية من دون اي دراية طبية بمدى ملاءمتها او صلاحيتها من الناحية الصحية ، مبينا ان الكمامة التي يقوم بصناعتها لا تسمح بمرور اي شيء سوى الهواء.
 
تسخير الطاقات
وزارة الصناعة والمعادن العراقية اعلنت إنتاج أكثر من 12 مليون كمامة لدعم وزارة الصحة والوزارات الأخرى بإجراءات الحد من انتشار كورونا . مصدر في الوزارة اكد في تصريح سابق : سعي الوزارة لزيادة معدلات الإنتاج لسد الحاجة المحلية ، مبينا ان الوزارة لم تفتتح أي معمل لإنتاج الكمامات، بل قامت بتسخير الطاقة الإنتاجية لمعامل الشركة العامة للنسيج والجلود لإنتاج الكمامات. مشيرا الى ان هذه المعامل مخصصة أساساً لإنتاج الألبسة والمستلزمات النسيجية والجلدية لما تمتلكه من مكائن وخطوط إنتاج لازمة لهذا الإنتاج، مع إجراء بعض التطوير لبعض المكائن واستخدامها بالإضافة إلى مكائن الخياطة، لزيادة كميات الإنتاج وتغطية أكبر جزء ممكن من الحاجة. كما أوضح، أنه تم تخصيص طائرة شحن خاصة من الصين إلى بغداد لتجهيز المعامل بالمواد الأولية وبخطوط إنتاجية متطورة، لغرض مضاعفة الإنتاج ولتغطية الحاجة المحلية بشكل كامل.
 
مبادرة
الشركة العامة لموانئ العراق باشرت بتوجيه مباشر من وزير النقل تصنيع الكمامات الطبية في معمل خياطة الشركة، تحت إشراف الصحة لسد النقص الحاصل في الأسواق المحلية والمذاخر والصيدليات وتوزيعها بين المواطنين مجانا.
واوضحت ادارة الشركة ان معمل الموانئ سيوفر هذه الكمامات مجاناً لعامة الناس وبمواصفات عالية الجودة، إذ ستكون صناعتها بإشراف فريق صحي وبجهود كبيرة من أجل الاسهامات الفاعلة في الإنتاج لسد حاجة المواطنين. كما بينت الشركة انها تسعى جاهدة لتلبية احتياجات المواطنين إيماناً منها بتوحيد المواقف لمواجهة المخاطر، والشعور العالي بالمسؤولية تجاه أبناء الوطن.
 
جهود وطنيَّة
في معمل خياطة النجف تضاعفت الجهود لصناعة الكمامات بجهود محلية، بعد أن أعلن محافظ النجف الأشرف لؤي الياسري، عن التعاقد مع معمل الخياطة لتصنيع مليون كمامة ضمن معايير طبية مشددة، اذ ينتج المعمل يوميا 40 ألفاً إلى 50 ألف كمامة قابلة للزيادة، من اجل دعم المنتج الوطني وسد النقص الحاصل في المحافظة من الكمامات خلال ازمة انتشار الوباء.
 
إمكانيات
في مصنع الألبسة الجاهزة في الموصل، أعلنت وزارة الصناعة إنتاج الكمامات بطاقة (٣٠) ألف كمامة يوميًا لغرض تجهيز المذاخر والمستشفيات، وطرحها في الأسواق بأسعار رخيصة قياسًا بأسعار البيع في الصيدليات التي قامت برفع الأسعار بعد تفشي فيروس كورونا، باعتبار أن هذه الكمّامات واحدة من طرق الوقاية من الفيروس، خصوصا مع توفر الإمكانية لزيادة الإنتاج خلال الفترة القادمة، في إطار السعي الجاد لتأمين مختلف المستلزمات الطبية لمحافظة نينوى وعموم المحافظات الاخرى، اذ تتوفر إمكانية لدى مصانع الشركة الأخرى، كمصنع القطنية ومصنع الألبسة الرجالية في النجف الأشرف لإنتاج المستلزمات الطبية المختلفة ومنها الكمامات.
 
خطوط إنتاجيَّة
مدير إعلام وزارة الصناعة والمعادن مرتضى الصافي قال: إنَّ “معامل الوزارة مستمرة في إنتاج الكمامات بمشاركة القطاعات الصغيرة والمتوسطة، وكذلك انتاج المعقمات وغيرها من المواد التي تخدم المواطن في حياته اليوميَّة، مشيراً الى أن الصناعة جهزت وزارتي الصحَّة والهجرة والمهجرين بأكثر من 3 ملايين كمامة عبر معاملها المنتشرة في أغلب المحافظات”.
وأضاف أنَّ “الوزارة تخطط لجلب خطوطٍ إنتاجيَّة بأسرع وقتٍ ممكنٍ لإنتاج المزيد من الكمامات”، خصوصا ان المعامل والمصانع لم تكن مستعدة لإنتاج الكمامات عند بدء الأزمة .
وأشار الى أنَّ “وزارة الصحة مسيطرة على الوضع من خلال الكميات التي تنتج من وزارة الصناعة”، مبيناً أنَّ “الوزارة تأخذ أوامرها من خلية الأزمة بتزويد وزارة الصحة بالكمامات والمعقمات” .
وبين الصافي أنَّ “الشح الموجود في الأسواق من الكمامات يأتي بسبب حذر المواطنين من الفيروس، فضلاً عن عمليات الاستغلال من قبل بعض المذاخر وأصحاب الصيدليات”.
 
إعادة هيكلة
عضو لجنة الاقتصاد والاستثمار النيابيَّة حامد الموسوي بين: “أنَّ المرحلة الحالية تحتاجُ الى إعادة هيكلة الصناعة المحليَّة، من خلال تطبيق قانون حماية المنتج بشكلٍ كاملٍ، وتقديم قروضٍ وتوفير حوافز للمستثمرين الأجانب”، مشيراً الى أنه “في حال طبقت هذه الأمور يستطيعُ العراق القضاء على البطالة، وبناء اقتصاد قادرٍ وله صناعة محليَّة كبيرة”.
وأضاف بالقول: “ان العراق بدأ يتحرر من الأجندات التي أرادتْ بقاءه على معادلة النفط مقابل السلع، وآنَ الأوان لكي تتغير هذه المعادلة بعد العام 2020، ولولا الأحداث التي مرَّتْ بالبلد في الفترة السابقة لكان هناك تفعيلٌ للمعامل بالشراكة مع عددٍ من الدول”.
وكشف عن “وجود إرادة مشتركة بين الحكومة العراقية والحكومة الصينيَّة للنهوض بالاقتصاد العراقي من خلال تطوير الصناعة، وفي الوقت نفسه بناء شراكات ذات جدوى اقتصاديَّة للعراق”، مؤكداً “وجود فرصٍ كبيرة للعراق لأنْ يتحول من مستوردٍ الى مصدرٍ للمنتجات الزراعيَّة، لأن لديه خزينا من المياه 
الجوفيَّة” .
ولفت الموسوي الى أنَّ “الحكومة كانت لديها إرادة لتشجيع الصناعة الصغيرة، إذ أطلقت قروضاً للمشاريع، ولكنْ بسبب التظاهرات والوباء تعطل ذلك”، مؤكداً “ضرورة المضي ببناء مدن صناعيَّة في كل محافظة، مع توفير الأراضي المخصصة لها، لا سيما أنَّ أي مشروع فيه جدوى سيجد أموالاً سواء كانت قروضاً 
من المصارف أو تخصيصات من الحكومة”.
وأشار الى أنَّ “الخارطة الاستثماريَّة صنفت العــــراق من أفضل الدول التي توجد فيها بيئة استثماريَّة واعدة” ، مشدداً على “ضرورة تطبيق قانون حماية المنتج المحلي بشكلٍ كامل، خاصة في هذه الفترة ليتسنى للصناعات المحليَّة القيام بدورها في توفير ما تحتاج اليه السوق”.