عمالقة التواصل {يتقاعسون} في التصدي للأخبار الكاذبة

علوم وتكنلوجيا 2020/06/07
...

لندن/ بي بي سي
جاء في تقرير أصدره "مركز التصدي للكراهية الرقميَّة" أن المئات من المنشورات التي تروج لمعلومات كاذبة عن مرض (كوفيد - 19) بمواقع التواصل الاجتماعي لا تجري إزالتها من الإنترنت.
وتم إبلاغ موقعي فيسبوك وتويتر بنحو 649 منشوراً تتعلق بعلاجات وهميَّة ودعايات مضادة للتلقيح ونظريات مؤامرة حول شبكات الهاتف من الجيل الخامس (5G) وغيرها.
إجراءات صارمة
وجاء في التقرير أنَّ 90 في المئة من هذه المنشورات ظلت متاحة على الإنترنت بعد الإبلاغ عنها من دون أنْ تكون مصحوبة بتنبيه.
كان الجميع يتابعون الإجراءات التي اتخذتها منصات التواصل الاجتماعي في الأسابيع القليلة الماضية للتعامل مع المعلومات المضللة التي تنشر فيها.
وأجرت شركات التواصل الاجتماعي المختلفة تغييرات في سياساتها وسياقات عملها منذ اندلاع أزمة فيروس كورونا، في محاولة منها للحد من انتشار المعلومات الكاذبة والمضللة. وتقول شركتا فيسبوك وتويتر إنهما اتخذتا إجراءات صارمة ضد المخططات التي قد تكون مضرة.
وفي خطوة نالت شهرة واسعة، قرر موقع تويتر إرفاق تغريدة كاذبة للرئيس الأميركي، دونالد ترامب، بتنبيه يصفها بذلك، ولو أنّ التغريدة كانت تتعلق بالتصويت البريدي وليس فيروس كورونا.
ولكن يبدو أنه ليس من السهل تنفيذ هذه التغييرات. ففي الواقع، لا يتم في أغلب الأحوال التبليغ عن المنشورات الكاذبة، وعندما يُبلغ عنها لا تحذف كلها. وسبب ذلك هو الاختلاف بشأن مدى الضرر الذي قد تسببه هذه المنشورات.
وتحذف منصات التواصل المنشورات التي تشكل تهديداً مباشراً للأرواح بسرعة أكبر.
ولكنَّ المنشورات الكاذبة التي لا تشكل تهديداً ماثلاً للحياة قد تكون خطرة أيضاً، بما فيها تلك التي تنشرها الجماعات المناوئة للتطعيم.
وتوصل بحث أجرته بي بي سي حول الكلفة الإنسانية لنشر المعلومات الكاذبة إلى أن إمكانية التسبب في أضرار غير مباشرة نتيجة المؤامرات والمعلومات المضللة التي تقوض تعليمات الصحة العامة - أو التوصل إلى لقاح للفيروس - قد تكون هائلة.
 
معارك عديدة
وبالانتشار الواسع للمعلومات الكاذبة المتعلقة بالاحتجاجات وغيرها من الأحداث عبر منصات التواصل الاجتماعي، يصبح من الواضح أن جائحة كورونا ليست إلا واحدة من المعارك العديدة ضد هذا النوع من الكذب والتضليل.
وقالت شركة فيسبوك ردا على ذلك إن العينة المذكورة "غير ممثلة" لكل المنشورات.
وقال متحدث باسم فيسبوك: "نتخذ خطوات مكافحة لإزالة المعلومات المضللة المضرة من منصاتنا، وقد أزلنا بالفعل مئات الآلاف من هذه المنشورات، بما فيها مزاعم كاذبة بوجود علاجات".
وأضاف "خلال آذار ونيسان، أرفقنا رسائل تنبيه بنحو 90 مليون محتوى يتعلق بـ(كوفيد - 19)، ولقد منعت هذه الرسائل المستخدمين من الاطلاع على المحتوى في 95 في المئة من الحالات".
ومضى قائلا: "سنُخطر بذلك كل الذين أبدوا إعجابا بالمشاركات المزالة أو شاركوها أو علقوا عليها".
أما شركة تويتر، فقالت إن الأولوية في إزالة المنشورات المتعلقة بـ(كوفيد - 19) تكون "عندما تحتوي (المنشورات) على دعوات قد تؤدي إلى ضرر".
وأضافت الشركة "كما قلنا في السابق، لن نتخذ إجراءات بحق كل تغريدة تحتوي على معلومات ناقصة أو متنازع عليها حول (كوفيد - 19). ومنذ بدأنا العمل بهذه السياسات الجديدة في 18 آذار، وزدنا من اعتمادنا على التكنولوجيا، تمكنت أنظمتنا الآلية من تعقب أكثر من 4.3 مليون حساب كان أصحابها يستهدفون النقاشات الدائرة حول (كوفيد - 19) بتعليقات أو تصرفات عشوائية أو متلاعبة".
 
تخلت عن مسؤوليتها
ولكن عمران أحمد، مدير مركز التصدي للكراهية الرقمية، قال إن شركات التواصل الاجتماعي "تتخلى عن مسؤوليتها"، مضيفا أن "الأنظمة التي تعتمدها لتتبع المعلومات الكاذبة والتعامل معها لا تفي بالغرض".
"زعم عمالقة التواصل الاجتماعي مرات عديدة أنهم يأخذون نشر المعلومات الكاذبة حول (كوفيد - 19) مأخذ الجد، ولكنَّ هذا البحث الجديد يشير إلى أنهم لا يتخذون أي إجراء حتى عندما يسلّمون المنشورات التي تحتوي معلومات كاذبة ومضللة".
وتقول روزان بالمر وايت، وهي مديرة منظمة لتمكين الشباب وشاركت في إعداد البحث، إنَّ الشباب "يقومون بدورهم في إيقاف انتشار المعلومات الكاذبة"، ولكن شركات التواصل الاجتماعي "تخذلهم".
ومن المقرر أن يمثل مسؤولون من فيسبوك وتويتر أمام اللجنة الفرعية للثقافة الرقمية والإعلام والرياضة التابعة لمجلس العموم البريطاني للإجابة عن أسئلتها بشأن الأساليب التي تتعامل بها الشركتان مع المعلومات المضللة المتعلقة بـ(كوفيد - 19).
ولم ترض إجابات الشركتين في اجتماع سابق أعضاء اللجنة، الذين طالبوهما بتفسيرات أكثر تفصيلا. وقال أعضاء اللجنة إنه ينبغي مشاركة مدراء بارزين في الاجتماعات مستقبلا.
أما البحث، فقد شارك فيه عشرة متطوعين من بريطانيا وأيرلندا ورومانيا، قاموا بمتابعة المنشورات في منصات التواصل، بحثا عن أي معلومات كاذبة ومضللة بين نهاية نيسان ونهاية أيار.
وعثر المتطوعون على منشورات تفيد بأنه يمكن للمصابين بـ(كوفيد - 19) أنْ يتخلصوا من المرض بتناول الأسبرين المذاب في الماء الساخن أو بتناول مكملات من الزنك (حبوب القصدير) وفيتامين "سي" و"دي".
وتوصل البحث إلى أنَّ موقع تويتر كان أقل المنصات تجاوباً، إذ لم يتخذ إجراءات إلا في 3 حالات من 179.
أما فيسبوك، فقد أزال 10 في المئة من المنشورات الـ 334 التي تم الإبلاغ عنها، ونوّه عن 2 في المئة أخرى باعتبارها كاذبة. واتخذ موقع إنستغرام التابع لفيسبوك إجراءات بحق 10 في المئة من الشكاوى الـ 135 التي أرسلت إليه.
 
إصرار المواقع
وتصر شركتا فيسبوك وتويتر على أنهما بذلتا جهودا في سبيل السيطرة على سيل الأخبار الكاذبة المتعلقة بفيروس كورونا.
فقد بدأ موقع تويتر بوضع علامة كل منشور يحتوي على معلومات كاذبة تتعلق بـ(كوفيد - 19)، كما أزال فيسبوك بعض المنشورات، ومنها تلك التي تقول إن تدشين شبكات الجيل الخامس يعد من أسباب انتشار الفيروس.