بغداد/ فجر محمد
تزين صورة تخرج الثلاثينية سراب امجد من جامعتها صالة الضيوف في منزلها الصغير، بينما تنظر شقيقتها نادية التي تصغرها بعشر سنوات بحسرة الى تلك الصورة، فهي من الطلاب الذين تأجل حفل تخرجهم والتقاطهم للصور التذكارية بسبب جائحة كورونا التي فرضت سطوتها وسيطرتها على العالم من دون سابق انذار.
فرح مؤجل
نادية الطالبة التي انهت دراستها الجامعية هذا العام قالت : منذ بداية العام الدراسي الاخير في الكلية، انا وزملائي كنا متحمسين ليوم التخرج وما يرافقه من فرح واستعدادات، بدءاً بما يعرف بـ(الحنة) او الحفل التنكري، وعندما كنت في المرحلة الاعدادية كنت شاهد عيان على التحضيرات والتجهيزات التي قامت بها شقيقتي الكبرى، كيف اختارت ملابس الحفل وصورة التخرج برفقة والدتي، وانا كذلك كنت قد اعددت افكاراً كثيرة استعداداً لتخرجي في الجامعة".
انتظار
سراب المتخرجة في الجامعة منذ بضع سنوات بينت : ان شقيقتها قامت بالتحضيرات لحفل التخرج منذ بدء العام الدراسي الاخير في الجامعة واشترت زي التخرج وبعض ادوات الزينة الخاصة بهذه المناسبة، اذ كانت سعيدة جداً وهي تنتظر اليوم المنشود بعد اربعة اعوام من الدراسة والاجتهاد، وعلى الرغم من ظهور وباء كورونا والظروف الصعبة التي رافقت العام الدراسي الا انها لم تفقد الامل في امكانية اقامة الحفل الذي ينتظره الطلاب وهم يشارفون على انهاء دراستهم الجامعية قبل خوض معترك الحياة .
صور تذكاريَّة
تقلب نادية صور تخرج شقيقتها سراب، المتخرجة منذ اكثر من عشرة اعوام وهي محاطة بزميلاتها وزملائها والفرحة بادية على محياهم في زيهم الموحد الخاص بالخريجين، وتقول نادية بصوت مليء بالحسرة: منذ دخولي الجامعة وانا انتظر بشغف ولهفة أن يكون لدي البوم صور مشابه لما تملكه شقيقتي، اسجل فيه فرحي ولهفتي بيوم التخرج ويكون شاهداً على سنوات التعب والجهد ولكن للاسف جائحة كورونا حرمتنا من هذه الفرحة، ومازال القلق يساورني من عدم حصولي على يوم خاص لحفل التخرج مع زملائي في الكلية التي قضينا فيها اجمل ايام العمر.
تجربة
الدكتورة سهاد القيسي اكاديمية في الجامعة المستنصرية تحدثت عن تجربة قام بها طلابها في المرحلة الرابعة قائلة: "لم تثن الظروف العصيبة التي نعيشها اليوم طلابي عن صنع الافكار والتجارب المثمرة، اذ قاموا بجمع المبالغ المالية التي كان من المفترض ان يقيموا بها احتفالاتهم ويشتروا بها ثياب الحفلات التي تقام كل عام تزامناً مع تخرجهم، وعوضاً عن ذلك بدؤوا بحملة تبرعات للفقراء والمحتاجين للمساعدة في تجاوز ازمة وباء كورونا، فالطالب العراقي معروف بعزيمته وارادته ويختلف عن اقرانه في الدول الاخرى بانه كلما تعرض لمصاعب وظروف عصيبة كلما كان مبدعاً وناجحاً".
أسباب
مدير العلاقات والاعلام في جامعة بغداد الدكتور عادل عبد الرزاق الغريري اشار الى "وجود تقليد سنوي متبع في اغلب جامعات العالم للاحتفال بيوم التخرج في الجامعة، وفي العراق يتم تحديد اليوم الخاص بحفل التخرج من قبل وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، وقد تعذر الاحتفال بخريجي العام الماضي الذي كان مقرراً القيام به في تشرين الثاني من العام 2019، بعد ان تزامن مع التظاهرات التي انطلقت في ذلك الوقت، لذلك لم نتمكن من اقامة الحفل المركزي الذي تقيمه جامعة بغداد وبقية الجامعات الاخرى، ولفت عبد الرزاق الى وجود تقليد سنوي يقوم به الطلبة داخل الحرم الجامعي، اذ يرتدون زي التخرج الموحد ويلتقطون الصور التذكارية في بوابة الجامعة وعمادة الكلية ويشاركهم الاحتفال الاساتذة والاهل والاصدقاء، و يتم تحديد الاحتفالات بدءاً من شهر آذار ولغاية نهاية نيسان، لكن في هذا العام حرمت جائحة كورونا الطلاب من فرحتهم، اذ فرضت على الجميع المكوث في البيوت ولم يقتصر الامر على قطاع التعليم فقط ، بل تعطلت اغلب مفاصل الحياة، وكان للتعليم العالي النصيب الاكبر من هذه الجائحة بعد ان تعطلت الدراسة بجميع المراحل . الامر الذي اضطر الجامعات الى اللجوء للتعليم الالكتروني من اجل اكمال العام الدراسي وعدم ضياع السنة الدراسية .
روبوت
في الايام القليلة الماضية ضجت مواقع التواصل الاجتماعي والفضائيات بمقاطع فديوية لروبوتات آلية تحمل صور الطلاب المتخرجين ، فبسبب الظروف والاجراءات الوقائية من فيروس كورونا المستجد في اغلب دول العالم، أقامت جامعة يابانية حفل تخرج لطلابها من دون حضورهم، إلا انها استخدمت روبوتات متحركة مع صور الطلاب ترتدي أوشحة وقبعات التخرج، عوضاً عن حضورهم شخصياً ، اذ يحمل كل روبوت جهاز حاسوب لوحياً مكان الوجه متصل بمكالمة فيديوية مع الطالب ليعيش لحظة تخرجه من المنزل من خلال اتصاله بروبوته الذي خصص له في الحفل، وليتحكم به عن بعد خلال تسلمه شهادة تخرجه من رئيس الجامعة وسط تصفيق الاساتذة الموجودين في قاعة الاحتفال . وفي تقرير نشره احد مواقع الانترنت تحدث احد طلبة الماجستير الذي تسلم شهادته بواسطة روبوت آلي، قائلاً : هذه تجربة غير مألوفة، أن أتسلم الشهادة خلال وجودي بالمنزل. ونأمل أن نصبح بهذه الفكرة قدوة لجامعات أخرى، للحد من التجمعات التي ترفع مخاطر الإصابة بفيروس كورونا .
.
حفلات الكترونيَّة
عدد من زملاء نادية عملوا على الاعداد لحفل الكتروني وصنعوا بوستراً كبيراً يضم صور زملائهم واطلقوا على انفسهم دفعة كورونا ، تقول الطالبة الجامعية استبرق امجد: في بداية الامر لم يكن من السهل على شقيقتي وزملائها تقبل فكرة الغاء حفل التخرج ، لكن لاحقاً تقبلوا الامر حفاظاً على سلامتهم من الجائحة التي غزت العالم بصورة هستيرية، واسوة باغلبية الطلبة حول العالم وضعوا بدائل للاحتفال بالتخرج ،منها الاحتفال الافتراضي وتهيئة بوسترات ووضع صورهم لتعليقها وعرضها في مواقع التواصل الاجتماعي .